تنزيل
0 / 0
43,72323/02/2012

هل ثبت عن الإمام أحمد أنه كان يتنفل بثلاثمائة ركعة كل يوم ؟ وكيف ذلك ؟

السؤال: 177157

قرأت في سيرة الإمام أحمد بن حنبل أنه كان يصلي في اليوم ثلاثمائة ركعة تطوعاً ، فلو أراد أحدنا أن يصلي هذا العدد من الركعات فكيف ومتى يمكن فعل ذلك ؟ .
أرجو التوضيح والتفصيل .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

ينبغي أولاً التنبيه على أمرين فيما يُذكر في صلاة بعض العبَّاد :
1. فمنه ما يكون كذباً ، ومنه ما يكون صدقاً .
2. كما أن منه ما يكون في أوقات معيَّنة أو في أحوال مخصوصة ، ومنه ما يكون
مُداوماً عليه.
أما الأول : فقد روى الرافضي ابن المطهر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه كان
يصلي كل يوم ألف ركعة ! وهذا لا شك من الكذب ؛ لأن الوقت لا يستوعب ذلك وخاصة مع
جلالة ما كان يقوم به علي رضي الله عنه من أعمال ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في
الرد عليه : ” وصلاة ألف ركعة في اليوم والليلة مع القيام بسائر الواجبات غير ممكن
؛ فإنه لا بد له من أكل ونوم وقضاء حق أهل وقضاء حقوق الرعية وغير ذلك من الأمور
التي تستوعب من الزمان إما النصف أو أقل أو أكثر ، والساعة الواحدة لا تتسع لثمانين
ركعة وما يقارب ذلك إلا أن يكون نقراً كنقر الغراب ، و” عليُ ” أجلُّ من أن يصلي
صلاة المنافقين ” انتهى من ” منهاج السنَّة النبوية ” ( 4 / 31 ) ، وقال – أيضاً –
: ” وكذلك قوله أنه كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة من الكذب الذي لا مدح فيه ”
انتهى من ” منهاج السنَّة النبوية ” ( 7 / 498 ) .

وأما ما ورد عن الإمام أحمد
رحمه الله أنه كان يصلي في اليوم والليلة ثلائمائة ركعة ، فالظاهر أنه صحيح عنه ،
فقد رواه الإمام أبو نعيم الأصفهاني في ” الحلية ” ( 9 / 181 ) عن عبد الله بن أحمد
بن حنبل قال : ” كان أبي يصلي في كل يوم وليلة ثلاثمائة ركعة ، فلما مرض من تلك
الأسواط أضعفته ، فكان يصلي في كل يوم وليلة مائة وخمسين ركعة وكان قرب الثمانين ”
.

وأما الثاني : فإنه قد يكون
ما روي عن بعض العبَّاد من كثرة صلاة ، إنما هو في حال اعتكافهم في بيت من بيوت
الله أو يكون ذلك في العشر الأواخر من رمضان ، أو يكون ذلك مع تفرغ كامل عن شغل
الدنيا بسبب منع من تدريس أو سجن أو ما شابه ذلك ، فذِكر شيء من عبادة أولئك الأئمة
، قراءة للقرآن ، أو كثرة صلاة غير مستغرب في تلك الأحوال والأوقات ، وانظر جواب
السؤال رقم ( 156299
) .

وثمة فرق بين قراءة القرآن
وكثرة الصلاة ؛ فإن الأئمة والعلماء الثقات الفقهاء ، إذا لم يكونوا في الأحوال
السابقة الذكر ونحوها ، فإنهم لا يختمون في أقل من ثلاث إلا لمراجعة حفظ – مثلاً –
، وأما الصلاة فإنه لا حرج ـ من حيث الأصل ـ في الإكثار منها مع المداومة ، وليس في
ذلك ما يُستنكر منهم وقوعاً ولا مخالفة للشرع ؛ لما ورد من الوصية من الإكثار من
السجود كما رواه مسلم ( 489 ) من قوله صلى الله عليه وسلم لما سأله رَبِيعَةَ بْنِ
كَعْبٍ الْأَسْلَمِيّ عن مرافقته في الجنة قال له ( فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ
بِكَثْرَةِ السُّجُودِ ) .

وقد ثبت عن الإمام عبد الغني
المقدسي أنه كان يصلي بعدد صلاة الإمام أحمد وكان يقرأ في الركعتين بالفاتحة
والمعوذتين كما ذكره عنه الإمام الذهبي في كتابه ” تذكرة الحفاظ ” ( 4 / 113 ) ،
فكان حرص أولئك الأئمة على الإكثار من السجود تفضيلاً له على قلة الركعات مع طول
القيام ، وهو قول مشتهر عند السلف .

والذي ينكر مثل هذا غالبا ،
إنما ينكره قياسا على نفسه ، ونظرا إلى حاله من حيث الضعف عن مثل ذلك ، أو كثرة
الانشغال ، أو ما يلاحظه أهل الزمان من قلة البركة في الأوقات عما كان عليه الحال
في الزمان الأول .

ونحن وإن كنَّا نثبت هذا عن
أولئك الأئمة فإننا لا ننصح بفعله لكل أحدٍ ، بل نوصي المسلم أن يحافظ على الفرائض
ثم الرواتب ثم ما يتيسر من النوافل التي يمكن أن يداوم عليها من غير انقطاع ، كصلاة
الضحى وقيام الليل ، ونرى أن المحافظة على قليل دائم خير من الإتيان بكثير سرعان ما
ينقطع ، فليحافظ المسلم على ركعتين من الضحى وركعتين من قيام الليل يصب خيراً
كثيراً ، ولا مانع أن يزيد في بعض الأحوال إذا رأى منه نشاطاً على أن لا يؤثر ذلك
على استمراريته في الركعتين ، وهي وصية النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال ( يَا
أَيُّهَا النَّاسُ ! خُذُوا مِنَ الأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ ) رواه البخاري ( 5861
) ومسلم ( 782 ) ، وقال صلى الله عليه وسلم – أيضاً – ( أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى
اللَّهِ تَعَالَى أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ ) رواه البخاري ( 6464 ) ومسلم ( 783 )
.

والله أعلم

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android