0 / 0

أخفوا على من تقدموا لخطبتها لابنهم أنه محبوس بتهمة السرقة ، فهل يجوز ذلك ؟

السؤال: 177501

لي أخ أخطأ وارتكب جريمة سرقة وتزوير ، وهي السابقة الأولى في عائلتنا والحمد لله على كل حال ، وهو محبوس الآن ويمضي فترة عقوبته ، ولخزينا من هذه الحادثة كذبنا على أقاربنا وأبلغناهم أنه سافر إلى دولة أخرى ، ولكنه طلب من أمي خطبة ابنة عمنا له ، وفعلت أمي ذلك وقامت بالتحدث مع أم الفتاة وأهلها الذين وافقوا طبعا على أساس إننا عائلة واحدة وموثوق فينا وهم لا يعلمون بحقيقة سجن أخي .
أنا أشعر بعدم جواز هذه الزيجة ؛ لما فيها من تدليس وخداع ، فما حكم الشرع فيها ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

لا يجوز أن تتقدموا لخطبة قريبتكم لأخيكم المحبوس بتهمة السرقة والتزوير ، إلا أن تُعْلِموها وأهلها بحقيقة الأمر ، وصورة الحال ؛ وإخفاؤكم هذا الأمر عنها وعن أهلها ، وادعاؤكم أنه مسافر مع علمكم أنه محبوس من الغش والكذب والتزوير ، وهو خلاف ما يجب أن تكونوا عليه من النصح للمسلم والصدق معه .

روى مسلم (55) عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
( الدِّينُ النَّصِيحَةُ ) قُلْنَا لِمَنْ ؟ قال : ( لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ ) .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
” النصح هو الإخلاص في الشيء وعدم الغش والخيانة فيه .
فالمسلم لعظم ولايته لأخيه ومحبته لأخيه ينصح له ويوجهه إلى كل ما ينفعه ويراه خالصا لا شائبة فيه ولا غش فيه .
ومن ذلك قول العرب : ذَهَبٌ ناصح ، يعني سليما من الغش ، ويقال عسل ناصح ، أي : سليم من الغش والشمع .
وفي هذا المعنى أيضا ما رواه الشيخان من حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال :( بايعت النبي صلى الله عليه وسلم على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم ) .
انتهى من “مجموع فتاوى ابن باز” (5/ 90) .

وروى مسلم (102) عن أبي هريرة رضي الله عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ : ( مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي ) .
وروى الحاكم (8795) عن أنس رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ :
( المكر والخديعة والخيانة في النار ) وصححه الألباني في “الصحيحة” (1057) .
وجاء في “الموسوعة الفقهية” (31 /219)
” اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْغِشَّ حَرَامٌ سَوَاءٌ أَكَانَ بِالْقَوْل أَمْ بِالْفِعْل ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ بِكِتْمَانِ الْعَيْبِ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ أَوِ الثَّمَنِ أَمْ بِالْكَذِبِ وَالْخَدِيعَةِ ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ فِي الْمُعَامَلاَتِ أَمْ فِي غَيْرِهَا مِنَ الْمَشُورَةِ وَالنَّصِيحَةِ ” انتهى .

وقال ابن حجر الهيتمي رحمه الله :
” يَجِبُ عَلَيْهِ إذَا رَأَى إنْسَانًا يَخْطُبُ امْرَأَةً وَيَعْلَمُ بِهَا أَوْ بِهِ عَيْبًا، أَوْ رَأَى إنْسَانًا يُرِيدُ أَنْ يُخَالِطَ آخَرَ لِمُعَامَلَةٍ أَوْ صَدَاقَةٍ أَوْ قِرَاءَةِ نَحْوِ عِلْمٍ وَعَلِمَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا : أَنْ يُخْبِرَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُسْتَشَرْ بِهِ، كُلُّ ذَلِكَ أَدَاءٌ لِلنَّصِيحَةِ الْمُتَأَكِّدِ وُجُوبُهَا لِخَاصَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ ” .
انتهى من”الزواجر عن اقتراف الكبائر” (1/ 396) .

وقال علماء اللجنة :
” يجب أن يبين للخاطب ما في المخطوبة من مرض وعيب إذا لم يعلم ، ليكون على بينة من أمره ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من غشنا فليس منا ) ” .
انتهى من “فتاوى اللجنة الدائمة” (19/ 15) .

ثم إن مثل هذا الأمر مما لا يخفى ، بل غالبا ما يأتي ظرف ما ، أو وقت ويكشف أمره ، ثم تكون المشكلات ، والمفاسد بعد ذلك .

فعلى أخيك أن يستغفر الله ويتوب إليه مما صنع واقترف ، وعليكم أنتم بإخبار الفتاة وأهلها بحقيقة الأمر ، ليكونوا على بينة من أمرهم ؛ فإما أن يتموا هذه الخطبة ، أو يفسخوها ،
وإن شق عليكم اكتشاف أمر أخيك ، ورغبتم في ستر ذلك ، فبإمكانكم أن تفسخوا الخطبة بأي عذر ، أو حيلة ، ولكم أن تستعملوا التورية في مثل ذلك ، لئلا تصرحوا بحقيقة حال أخيكم .

والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android