0 / 0

الجواب عن إشكالات توهَّم السائل أنها تدل على أن القرآن غير محفوظ

السؤال: 178209

قرأت حديثاً يقول فيه عمر رضي الله عنه : " كنت أقرأ ( فامْضوا إلى ذكر الله ) بدلاً من ( فاسعوا ) في سورة الجمعة " . " الدر المنثور ، الجزء السادس ، صفحة 219 . وقرأت أحاديث أخرى تفيد بأن القرآن ليس كاملاً ، مثل : حديث عمر في السقيفة حيث قال : " كان القرآن 102700 حرفاً " . " الإتقان " للسيوطي ، ص 88 . وقوله : " لا يدّعيّن أحدٌ أن القرآن مكتمل لأنه قد فُقد معظمه " . تفسير " الدر المنثور " للسيوطي ، المجلد الأول ص 104 . وقول أبيّ بن كعب أن لديه في مصحفه سورتين زائدتين ، " الخلع " و " الحفد " . " الإتقان " للسيوطي المجلد الثاني ص 66 . أمّا سيد أنور شاه كشميري فقد قال : " إن تحليلي مبني على ما في " صحيح البخاري " من أن القرآن قد حُرفت فيه بعض الكلمات قصداً أو من دون قصد ، وذلك بشهادة عثمان رضي الله عنه . " فيض الباري " ، المجلد الثالث ، ص 395 ، تحت فصل " الشهادات " . أما عثمان فقد نقل عنه السيوطي في " إتقانه " في المجلد الأول صفحة 174 أنه قال : " هناك بعض الأخطاء في المصحف الذي لدينا اليوم " . أما هشام بن عروة فيقول : سألت عائشة رضي الله عنها عن لحن القرآن : ( إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون ) و ( والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة ) و ( إنَّ هذان لساحران ) فقالت : " يا ابن أختي ! هذا عمل الكُتَّاب ، أخطؤوا في الكِتاب " . " الإتقان " المجلد الأول ، ص 183 ، 184 ، وقد قال عنه جلال الدين السيوطي أنه " صحيح على شرط الشيخين " . وورد كذلك في " الدر المنثور " في المجلد الخامس ، ص 180 ، و " الإتقان " المجلد الثاني ، ص 25 " أن سورة الأحزاب كانت على عهد النبي صلى الله عليه وسلم 200 آية ، ثم نقصت إلى ما هي عليه بعد جمع عثمان للمصحف . حديث عائشة : " كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرِّمن ، ثم نسخن بخمس معلومات ، وتوفي رسول الله وهنَّ فيما يقرأ من القرآن " . رواه مسلم في كتاب الرضاع . فكيف يمكننا القول بعد كل هذا إن القرآن محفوظ ؟ .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:
قراءة عمر رضي الله عنه لآية سورة الجمعة ( فَامْضُوا إِلَى ذِكْرِ الله ) قد رواها الإمام البخاري عنه في صحيحه معلَّقة بصيغة الجزم ، ورواها مسندةً الإمامُ ابن جرير الطبري بإسناد صحيح ، وهي ليست موافقة لرسم المصحف العثماني ، وليست قراءة سبعية ، وقد ذهب بعض العلماء إلى عدِّها وجهاً تُقرأ به الآية ، وقال آخرون إنها قراءة تفسيرية ، وأنه أراد تفسير " السعي " في الآية وأنه ليس " المشي بسرعة " ، وقد وُجد في مصاحف بعض الصحابة مثل هذا فكانوا يفسرون بعض ألفاظ الآية بشرح تفسيري لها ، ويرويها بعض تلامذتهم على أنها قراءة للآية ، وإن كان الأظهر في هذه أنها قراءة لعمر رضي الله عنه ، كان يقرأ بها الآية ، وصح إسنادها إليه ؛ لكن ذلك لا يعني أنها بدل من الآية التي أجمع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على إثباتها في مصحف عثمان ، وتواتر النقل بها بين المسلمين تواترا ضروريا قطعيا ، بل هي حرف كان يقرأ به عمر ، مع أنه لا ينكر ما سواه ، وما أثبت في المصحف هو حرف آخر في الآية ، وكل شاف واف ، لكن المثبت في المصاحف هو المقطوع بنقله وثبوته .

ثانياً:
وأما قولك " حديث عمر في السقيفة حيث قال : " كان القرآن 102700 حرفاً " . " الإتقان " للسيوطي ، ص 88 " : ففيه خطأ وتدليس ، أما الخطأ ففي كتابة عدد حروف حيث أن الوارد في عددها هو " مليون وسبعة وعشرون ألف حرف " ، وأما التدليس : فبذكرك للمتن بزيادة لفظة " كان " لتوهم وجود نقصان في القرآن ، وبذكرك للحديث بصيغة توهم أن السيوطي رحمه الله نقل هذا وأيَّده أو صححه ، وهو خلاف الواقع ، بل إن الرواية عن عمر مكذوبة وقد تكلم السيوطي نفسه على إسنادها ناقلاً نقد الذهبي لها – وقد قال الذهبي في " ميزان الاعتدال " ( 3 / 639 ) عن الحديث " خبر باطل " ووافقه ابن حجر العسقلاني في " لسان الميزان " ( 5 / 276 ) – ولم يكن ثمة حاجة لتفسير الحديث وهذه حاله ، وأما متنه : فغاية في النكارة ؛ فإن عدَّ حروف القرآن لم يثبت في حديث ، ولا كان من عمل الصحابة رضي الله عنهم .
قال السيوطي – رحمه الله – : " وأخرج الطبراني عن عمر بن الخطاب مرفوعاً ( القرآن ألف ألف حرف وسبعة وعشرون ألف حرف فمن قرأه صابراً محتسباً كان له بكل حرف زوجة من الحور العين ) رجاله ثقات إلا شيخ الطبراني محمد بن عبيد بن آدم بن أبي إياس تكلم فيه الذهبي لهذا الحديث " انتهى من " الإتقان في علوم القرآن " ( 1 / 242 ، 243 ) .
وقال الشيخ الألباني – رحمه الله – : " لوائح الوضع على حديثه ظاهرة ، فمثله لا يحتاج إلى كلام ينقل في تجريحه بأكثر مما أشار إليه الحافظ الذهبي ثم العسقلاني ؛ من روايته لمثل هذا الحديث وتفرده به ! " انتهى من " سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة " ( 9 / 71 ) .
وفي أصل مسألة عد حروف القرآن قال السيوطي – رحمه الله – : " وقد قال السخاوي : لا أعلم لعدد الكلمات والحروف من فائدة ؛ لأن ذلك إن أفاد فإنما يفيد في كتاب يمكن فيه الزيادة والنقصان ، والقرآن لا يمكن فيه ذلك " انتهى من " الإتقان في علوم القرآن " ( 1 / 242 ) .

ثالثاً:
وأما قولك : " وقوله – أي : عمر بن الخطاب – : " لا يدّعيّن أحدٌ أن القرآن مكتمل لأنه قد فُقد معظمه " . تفسير " الدر المنثور " للسيوطي ، المجلد الأول ص 104 " : فالرد عليه : أنه لا أصل لهذه الجملة بهذا اللفظ في كتاب السيوطي " الإتقان " ولا في غيره من كتب المسلمين ، وأصل الجملة رواه سعيد بن منصور في " تفسيره " قال : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال " لا يقولن أحدكم : أخذت القرآن كله ، وما يدريه ما كله ، قد ذهب منه قرآن كثير ، ولكن يقول : أخذنا ما ظهر منه " انتهى .
والمقصود من كلام ابن عمر رضي الله عنهما : أنه لا يستطيع أحد الجزم بإحاطته بحفظ كل ما نزل من القرآن ؛ لأنه ثمة آيات نزلت ثم رفعت ، وهو ما يسمى " نسخ التلاوة " ، وقد صرَّح ابن عمر بذلك بنفسه في قوله " كان يكره أن يقول الرجل قرأت القرآن كله ؛ إنَّ منه قرآناً قد رُفع " كما في رواية " ابن الضرِّيس " عنه ، ولذا فقد روى هذا الأثر الإمام أبو عبيد القاسم بن سلاَّم وبوَّب عليه " باب ما رُفع من القرآن بعد نزوله ولم يثبت في المصاحف " ، وذكره السيوطي في كتابه " الإتقان " في " باب نسخ التلاوة " .
ولينظر – لمزيد بيان – جوابا السؤالين ( 110237 ) و ( 105746 ) .

رابعاً:
وأما قولك " وقول أبيّ بن كعب أن لديه في مصحفة سورتين زائدتين ، " الخَلع " و " الحَفد " . " الإتقان " للسيوطي المجلد الثاني ص 66 " : فالمقصود بما يسمَّى سورة " الخلع " هو " بسم الله الرحمن الرحيم . اللهم إنا نستعينك ونستغفرك . ونثني عليك ولا نكفرك . ونخلع ونترك من يفجُرك " ، وأما ما يسمَّى سورة " الحفد " فهي " بسم الله الرحمن الرحيم . اللهم إياك نعبد . ولك نصلي ونسجد . وإليك نسعى ونحفِد . نرجو رحمتك ونخشى عذابك . إن عذابك الجِدَّ بالكفار مُلحِق " .
ومعنى " وإليك نسعى ونحفِد " أي : نُسرع في طاعتك .
وأما الجواب عن كون السورتين كانتا في " مصحف أبيّ بن كعب " : فنعم يمكن أن يكون هذا ! لكن ليس على أساس أنهما من القرآن الذي استقر أمره بالعرضة الأخيرة ؛ فإن مصاحف الصحابة رضي الله عنهم كان فيها الشرح والفقه ، وكان فيها ما نُسخت تلاوته ، وهاتان السورتان كانتا مما نزل من القرآن ثم نسخت تلاوتهما ، وبقي بعض الصحابة يقرؤهما في قنوته ؛ لما احتوتاه من دعاء وثناء على الله ، ومن رغب أن يعرف ما استقر عليه الأمر ، فليعلم أن ما في المصحف الذي جمعه الصدِّيق ثم عثمان رضي الله عنهما هو المحفوظ الثابت المحكم ، وليس فيه هاتان السورتان ، ولذا لم يقرأهما أحد في الصلاة ، ولا ذُكر تفسير لهما ، ولا نقلت قراءات لحروفهما ، وكونهما كانتا سورتين ثم نسختا هو قول السيوطي نفسه ! .
قال السيوطي – رحمه الله – : " قال الحسين بن المنادي في كتابه " الناسخ والمنسوخ " : " ومما رُفع رسمُه من القرآن ولم يُرفع من القلوب حفظه سورتا " القنوت في الوتر " وتُسمَّى سورتي الخلع والحفد " انتهى من " الإتقان في علوم القرآن " ( 2 / 68 ) .
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي – رحمه الله – : " ومثال نسخ الكتاب بالسنَّة : نسخ آية عشر رضعات تلاوة وحكماً بالسنة المتواترة ، ونسخ سورة " الخَلع " وسورة " الحَفد " تلاوة وحكماً بالسنة المتواترة ، وسورة الخلع وسورة الحفد : هما القنوت في الصبح عند المالكية ، وقد أوضح صاحب " الدر المنثور " – وهو السيوطي – وغيره تحقيق أنهما كانتا سورتين من كتاب الله ثم نُسختا " انتهى من " أضواء البيان " ( 2 / 451 ) .
وقد نقل عن أبي بن كعب قراءتُه التي رواها نافع وابن كثير وأبو عمرو ، وغيرهم ، وليس فيها سورتا " الحفد والخلع " ، كما أن مصحفه كان موافقًا لمصحف الجماعة ، قال أبو الحسن الأشعري : " قد رأيت مصحف أنسٍ بالبصرة عند قومٍ من ولدِه فوجدتُه مساويًا لمصحف الجماعة ، وكان ولد أنسٍ يروي أنه خطُّ أنسٍ وإملاء أُبَي بن كعب " . انتهى .
وهذا كله على اعتبار صحة الرواية عن أبي بن كعب أنه عدَّ الدعاءين سورتين ، وإلا ففي ثبوت ذلك عنه نظر قوي ، فلم ينقل ذلك عنه بإسناد صحيح .
فخلاصة الجواب عن ذلك أن يقال : إما أنه لم يصح عن أبي بن كعب ، ومن ادعى ذلك فليذكر إسناده الصحيح إليه . أو يقال فيه ـ على افتراض صحته ـ : إنه من القرآن المنسوخ تلاوة ، الباقي لفظاً ، وبما أنه ثناء ودعاء ، فيصح القنوت به .
قال محمد بن عبد العظيم الزرقاني – رحمه الله – : " قال صاحب " الانتصار " ما نصه : " إن كلام القنوت المروي أن " أبيّ بن كعب " أثبته في مصحفه : لم تقم الحجة بأنه قرآن منزَّل ، بل هو ضرب من الدعاء ، وأنه لو كان قرآناً لنُقل إلينا نقل القرآن وحصل العلم بصحته " .
ثم قال :
" ويمكن أن يكون منه كلام كان قرآناً منزلاً ثم نسخ ، وأبيح الدعاء به وخلط بما ليس بقرآن .
ولم يصح ذلك عنه ، إنما روي عنه أنه أثبته في مصحفه ، وقد أثبت في مصحفه ما ليس بقرآن من دعاء أو تأويل ا.هـ.
وهذا الدعاء هو القنوت الذي أخذ به السادة الحنفية ، وبعضهم ذكر أن أبيّاً رضي الله عنه كتبه في مصحفه وسماه سورة " الخَلع والحَفد " لورود مادة هاتين الكلمتين فيه، وقد عرفت توجيه ذلك.
والخلاصة :
أن بعض الصحابة الذين كانوا يكتبون القرآن لأنفسهم في مصحف أو مصاحف خاصة بهم ربما كتبوا فيها ما ليس بقرآن مما يكون تأويلاً لبعض ما غمض عليهم من معاني القرآن ، أو مما يكون دعاء يجري مجرى أدعية القرآن في أنه يصح الإتيان به في الصلاة عند القنوت أو نحو ذلك ، وهم يعلمون أن ذلك كله ليس بقرآن ، ولكن ندرة أدوات الكتابة ، وكونهم يكتبون القرآن لأنفسهم وحدهم دون غيرهم ، هوَّن عليهم ذلك ؛ لأنهم أمنوا على أنفسهم اللبس واشتباه القرآن بغيره ، فظن بعض قصار النظر أن كل ما كتبوه فيها إنما كتبوه على أنه قرآن ، مع أن الحقيقة ليست كذلك ، إنما هي ما علمت " انتهى من " مناهل العرفان في علوم القرآن " ( 1 / 271 ) .
وانظر مقالاً بعنوان " فيض الرب في الرد على من ادَّعى أن هناك سورتين زائدتين في مصحف أبيّ بن كعب " .

خامساً:
وأما قولك " أمّا سيد أنور شاه كشميري فقد قال : " إن تحليلي مبني على ما في " صحيح البخاري " من أن القرآن قد حُرفت فيه بعض الكلمات قصداً أو من دون قصد ، وذلك بشهادة عثمان رضي الله عنه . " فيض الباري " ، المجلد الثالث ، ص 395 ، تحت فصل " الشهادات " " : فنأسف أن نقول : إن هذا كذب لا أصل له لا عن سيد أنور ولا عن غيره من علماء المسلمين ! .

سادساً:
وأما قولك " أما عثمان فقد نقل عنه السيوطي في " إتقانه " في المجلد الأول صفحة 174 أنه قال : " هناك بعض الأخطاء في المصحف الذي لدينا اليوم " : فليس هذا نص كلامه ، ولم يثبت معناه عن عثمان رضي الله عنه ولا عن غيره من الصحابة ، ولو صحَّ فله معنى مستقيم ، وقد بينَّا هذا بتفصيل في جواب السؤال رقم ( 135752 ) فلينظر فهو مهم .

سابعاً:
وأما قولك " أما هشام بن عروة فيقول : سألت عائشة رضي الله عنها عن لحن القرآن : ( إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون ) و ( والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة ) و ( إنَّ هذان لساحران ) فقالت : " يا ابن أختي ! هذا عمل الكُتَّاب ، أخطؤوا في الكِتاب " . " الإتقان " المجلد الأول ، ص 183 ، 184 ، وقد قال عنه جلال الدين السيوطي أنه " صحيح على شرط الشيخين " : فالأثر غير صحيح عنها ، وبيان ذلك في جواب السؤال رقم ( 135752 ) .

ثامناً:
وأما قولك " وورد كذلك في " الدر المنثور " في المجلد الخامس ، ص 180 ، و " الإتقان " المجلد الثاني ، ص 25 " أن سورة الأحزاب كانت على عهد النبي صلى الله عليه وسلم 200 آية ، ثم نقصت إلى ما هي عليه بعد جمع عثمان للمصحف " : ففي هذا اللفظ إيهام بالتحريف ! وأما اللفظ الصحيح فقد رواه ابن حبان في " صحيحه " ( 10 / 273 ) ، والحاكم في " مستدركه " ( 2 / 450 ) عَنْ زِرِّ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ : " كَانَتْ سُورَةُ الْأَحْزَابِ تُوَازِي سُورَةَ الْبَقَرَةِ فَكَانَ فِيهَا : ( الشَّيْخُ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة ) " ورواه النسائي في " الكبرى " ( 4 / 271 ، 272 ) بمعناه ، وهو من أدلة نسخ التلاوة ، وقد مرَّ معنا فيما ذكرناه آنفاً وما أحلنا عليه ما يؤكد وقوع هذا النوع من النسخ .

تاسعاً:
وأما قولك " حديث عائشة : " كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرِّمن ، ثم نسخن بخمس معلومات ، وتوفي رسول الله وهنَّ فيما يقرأ من القرآن " . رواه مسلم في كتاب الرضاع " : فهو صحيح ، وقد اشتمل هذا النقل على نوعين من أنواع النسخ ، الأول منهما : نسخ التلاوة والحكم وهو في الآية المنسوخة والتي فيها تحريم الرضاع بعشر رضعات ، والنوع الثاني : نسخ التلاوة دون الحكم وهو الآية المنسوخة والتي فيها تحريم الرضاع بخمس رضعات ، فمع رفعها وعدم وجودها إلا أنها اشتملت على الحكم الشرعي الصحيح الذي دلت عليه بالسنَّة المشرَّفة .
وغاية ما في قول عائشة رضي الله عنها " وتوفي رسول الله وهنَّ فيما يقرأ من القرآن " على أنه قد تأخر نسخ هذه الآية حتى أنه لم يبلغ بعضهم هذا النسخ ، ولكن عدم وجود هذه الآية في أي نسخة من نسخ مصحف عثمان رضي الله عنه يدل على أنها ليست من القرآن في عرضته الأخيرة ، ولذا لا يُعرف لها لفظ فضلاً عن قراءة أو تفسير .
قال النووي – رحمه الله – : " وقولها " فتوفى رسول الله صلى الله عليه و سلم وهن فيما يُقرأ " هو بضم الياء من يقرأ ، ومعناه : أن النسخ بخمس رضعات تأخر إنزاله جدّاً حتى إنه صلى الله عليه وسلم توفى وبعض الناس يقرأ خمس رضعات ويجعلها قرآناً متلواً لكونه لم يبلغه النسخ لقرب عهده ، فلما بلغهم النسخ بعد ذلك رجعوا عن ذلك وأجمعوا على أن هذا لا يتلى .
والنسخ ثلاثة أنواع ، أحدها : ما نُسخ حكمُه وتلاوته كعشر رضعات ، والثاني : ما نسخت تلاوته دون حكمة كخمس رضعات وكالشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ، والثالث : ما نُسخ حكمه وبقيت تلاوته وهذا هو الأكثر ومنه قوله تعالى ( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم ) الآية " انتهى من " شرح مسلم " ( 10 / 29 ) .

وينظر جواب الحديث رقم 175355

عاشراً:
وأما قولك " فكيف يمكننا القول بعد كل هذا إن القرآن محفوظ ؟ " : فالجواب عليه : نعم ! نقول ذلك وبكل اطمئنان وثقة : إن القرآن محفوظ بحفظ الله تعالى له ، وإن مَن شك في ذلك فهو من الكافرين ، ليس في قلبه من الإيمان مثقال ذرة . وانظر تفصيل ذلك في جواب السؤال رقم ( 129170 ) .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android