تنزيل
0 / 0
61,56308/04/2012

تزويج الصغير أو الصغيرة في الإسلام مشروط بحصول المصلحة الراجحة

السؤال: 178318

أعلم أن الإسلام أحل الزواج من المرأة إذا بلغت الحلم سواء كانت ابنة 15 أو 11 أو حتى 9 سنوات نظرا لتكوينها الجسماني ، لكن بالنسبة لتكوينها العاطفي والعقلي ، ألم يأخذ هذا في الاعتبار؟ أم أنه أحل منها الزواج نظرا لتكوينها الجسماني لتتمكن من الحمل ، وبصرف النظر عن حالتها العاطفية والعقلية ؟ وهل كذلك الأمر بالنسبة للولد ، لو بلغ الحلم يحل له الزواج ، بصرف النظر عن تكوينه العاطفي والعقلي؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
يجوز للرجل أن يزوج ابنه الصغير ولو لم يبلغ الحلم ، كما يجوز له أن يجوز ابنته الصغيرة ولو لم تبلغ الحلم ، وحكي ذلك اتفاقاً ، على أن يكون ذلك مبنيا على تحري الكفاءة وحصول المصلحة .
قال ابن عبد البر رحمه الله :
" أجمع العلماء على أن للأب أن يزوج ابنته الصغيرة ولا يشاورها ، لتزويج رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة وهي بنت ست سنين " انتهى من "التمهيد" (19 /98) .
وقال إسماعيل بن إسحاق رحمه الله :
" والأب له أن يزوج الصغيرة بإجماع من المسلمين ثم يلزمها ذلك " .
انتهى من "التمهيد" (19 /84) .
وخالف في ذلك ابن شبرمة كما سيأتي .
ثانيا :
لا يشرع تزويج الصغيرة إلا إذا كانت هناك مصلحة راجحة في ذلك ، وكذلك الشأن بالنسبة للصبي الصغير ، إلا أنه أشد تأكيدا في الصبية بالذات لأن الصبي يملك الطلاق .
قال النووي رحمه الله :
" واعلم أن الشافعي وأصحابه قالوا : يستحب أن لا يزوِّج الأب والجد البكر حتى تبلغ ويستأذنها ، لئلا يوقعها في أسر الزوج وهي كارهة ، وهذا الذي قالوه لا يخالف حديث عائشة ؛ لأن مرادهم أنه لا يزوجها قبل البلوغ إذا لم تكن مصلحة ظاهرة يخاف فوتها بالتأخير ، كحديث عائشة ، فيستحب تحصيل ذلك الزوج لأن الأب مأمور بمصلحة ولده فلا يفوتها " .
انتهى من" شرح مسلم " (9 / 206) .

 

واختار الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أن البنت التي تم لها تسع سنين يشترط رضاها ، وقال :
" وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ وهو الحق " .
وأما من دون تسع سنين فاختار أنه ليس لأبيها تزويجها ، وذكر عن ابن شبرمة رحمه الله أنه قال : لا يجوز أن يزوج الصغيرة التي لم تبلغ أبداً ؛ لأننا إن قلنا بشرط الرضا فرضاها غير معتبر ، ولا نقول بالإجبار في البالغة فهذه من باب أولى ، قال الشيخ : وهذا القول هو الصواب ، أن الأب لا يزوج بنته حتى تبلغ ، وإذا بلغت فلا يزوجها حتى ترضى .
لكن لو فرضنا أن الرجل وجد أن هذا الخاطب كفء ، وهو كبير السن ، ويخشى إن انتقل إلى الآخرة صارت البنت في ولاية إخوتها أن يتلاعبوا بها ، وأن يزوِّجوها حسب أهوائهم ، لا حسب مصلحتها ، فإن رأى المصلحة في أن يزوجها من هو كفء فلا بأس بذلك ، ولكن لها الخيار إذا كبرت ؛ إن شاءت قالت : لا أرضى بهذا ولا أريده .
وإذا كان الأمر كذلك فالسلامة ألا يزوجها ، وأن يدعها إلى الله عزّ وجل فربما أنه الآن يرى هذا الرجل كفئاً ثم تتغير حال الرجل ، وربما يأتي الله لها عند بلوغها النكاح برجل خير من هذا الرجل؛ لأن الأمور بيد الله سبحانه وتعالى " انتهى من"الشرح الممتع" (12 /57-59) .
واختار الشيخ أيضا عدم تزويج الصبي حتى يبلغ .
"الشرح الممتع" (12 /53)

 

أما الدخول بالصغيرة فلا يلزم بالعقد ، فلا يدخل بها زوجها حتى تطيق الجماع ، ولا يشترط لذلك البلوغ ، وهذا أمر يختلف باختلاف البيئات والأزمان ، والشرع في ذلك يلاحظ التكوين الجسماني .
ويراجع جواب السؤال رقم : (146882) و (127176) .
ثالثا :
تبين من كلام فقهاء الإسلام في هذه المسألة ، أن زواج الصغيرة مبني على تحصيل المصلحة الراجحة من وراء ذلك ؛ فالصغيرة إذا كان في تزويجها مصلحة راجحة لها ، فإن لوليها أن يزوجها ، وإذا لم يكن لها مصلحة راجحة في ذلك ، فليس له أن يزوجها وهي صغيرة ، حتى تختار هي وترضى .
وليس ذلك من التعدي على حقوقها ، كما يقال في تصرف الوصي في مال اليتيم ، فإنه يجوز له أن يشتري له ويبيع دون أخذ إذنه إذا كان في ذلك المصلحة الراجحة له ، ويكون ذلك أنفع له ولماله .
والقول في الابن الصغير في ذلك كالقول في البنت الصغيرة : لا بد من اعتبار وليه لما يعود عليه من المصلحة في ذلك .
وهكذا الشأن في كل من أذن له الشرع في التصرف عن غيره ، وأعطاه ولاية عليه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" فمن خير فيما يفعله لغيره بولاية عليه ، أو بوكالة مطلقة : لم يُبَح له فعل ما شاء ؛ فعليه أن يختار الأصلح " انتهى من "مختصر الفتاوى المصرية" (796) .

وهنا تأتي المراعاة الواقعية للجانب العاطفي ؛ فاختيار الأصلح للزوجة ، من حيث الشخص المناسب ، والتوقيت المناسب لاحتياجاتها ، هو في واقع الأمر مراعاة لحاجاتها ، وميولها الفطرية والعاطفية ؛ وليست العاطفة هي علاقات العشق والغرام التي تكون بين الفتيان والفتيات ؛ فهذه العلاقات والتصورات شيء ، والحياة الواقعية شيء آخر ؛ وكم من زواج بدأ بهذه العلاقات ، ثم لم يلبث إلا قليلا حتى فشل ، وكم زواج بدأ من غير معرفة سابقة بين الزوجين ، وجعل الله بينهما المودة والرحمة والسكن والألفة ، ودامت العشرة بينهما على خير .

والله أعلم .

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android