0 / 0

تشتكي من زوجها الذي لا يأكل معها مطلقا ويذهب ليأكل مع أمه

السؤال: 179682

زوجي لا يأكل معي نهائيا ، يتركني ويأكل عند والدته ، ودائما ما أتكلم معه ، وأحاول أن أقنعه أن هذا لا يصح ، وحرام عليه ؛ لكنه غير قادر على أن يفهمني ، ومقتنع أن هذا ليس حراما ، وسؤالي : هل هذا حرام فعلا ؟ ولو حرام : ما عقابه ؟ وهل هناك طريقة أقنعه بها ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

المعاشرة بالمعروف واجبة على كل من الزوجين ، فيلزم كل واحد منهما معاشرة الآخر بالمعروف : من الصحبة الطيبة وكف الأذى وحسن المعاملة .
قال الله عز وجل : ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ) النساء/ 19 .
قال ابن كثير رحمه الله :
” أي : طيِّبُوا أقوالكم لهن ، وحَسّنُوا أفعالكم وهيئاتكم بحسب قدرتكم ، كما تحب ذلك منها ، فافعل أنت بها مثله ، كما قال تعالى : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأهْلِهِ ، وأنا خَيْرُكُم لأهْلي ) وكان من أخلاقه صلى الله عليه وسلم أنه جَمِيل العِشْرَة دائم البِشْرِ ، يُداعِبُ أهلَه ، ويَتَلَطَّفُ بهم ، ويُوسِّعُهُم نَفَقَته ، ويُضاحِك نساءَه ، حتى إنه كان يسابق عائشة أم المؤمنين يَتَوَدَّدُ إليها بذلك ، ويجتمع نساؤه كل ليلة في بيت التي يبيت عندها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيأكل معهن العشاء في بعض الأحيان ، ثم تنصرف كل واحدة إلى منزلها ” انتهى من ” تفسير ابن كثير” (2 /242) .
وقال تعالى : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) البقرة/ 228 .
أي : ولهن على الرجال من الحق مثل ما للرجال عليهن ، فلْيؤد كل واحد منهما إلى الآخر ما يجب عليه بالمعروف ” انتهى من “تفسير ابن كثير” (1 /609) .

وروى البخاري (1975) ومسلم (1159) عن عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَإِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ) .

ولا شك أن من تمام المؤانسة وحسن العشرة والصحبة بين الزوجين جلوسهما معا على الطعام ، فيناولها منه وتناوله منه ، وقد روى البخاري (3936) ومسلم (1628) عن سعد بن أبي وقاص عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( وَلَسْتَ بِنَافِقٍ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلَّا آجَرَكَ اللَّهُ بِهَا ، حَتَّى اللُّقْمَةَ تَجْعَلُهَا فِي فِي امْرَأَتِكَ ) .

وكون الزوج يترك الأكل مع زوجته ، ويذهب ليتناول الطعام مع والدته بصورة دائمة مستمرة ، فهذا خلاف ما أمر الله به من حسن العشرة ، وإنما الذي ينبغي له أن يكون حكيما ، فيحرص على إرضاء والدته دون أن يؤذي زوجته ، وعلى إرضاء زوجته دون أن يؤذي والدته ، ولكل منهما حق يجب عليه الوفاء به ، دون أن يظلم الآخر .
فإذا كانت والدته تحب أن يتناول معها الطعام فليحرص على تناوله تارة معها ، وتارة مع زوجته ، ولكن أن يترك الطعام مع زوجته بالكلية ليتناوله مع أمه ، فليس هذا من حسن العشرة في شيء ؛ وليسأل الزوج نفسه : هل يقبل من زوجته أن تفعل ذلك معه ؛ فتضع له الطعام ، ثم تذهب لتأكل وحدها ، أو في بيت أهلها ؟!
لكن الذي ننصحك به أن تتلطفي في معالجة ذلك مع زوجك ، وأن تتفاهمي معه حوله ، وتحببي إليه المقام معك ، والأكل من أكلك ، على قدر ما تستطيعين ، واصبري على ما تجدين من زوجك في هذا الشأن وغيره ، فلا أحد من الناس خال من الخطأ ، والسعيد من غلبت حسناته سيئاته .
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
إنني متزوجة منذ حوالي 25 سنة ولدي العديد من الأبناء والبنات ، وأواجه كثيرا من المشاكل من قبل زوجي ، فهو يكثر من إهانتي أمام أولادي وأمام القريب والبعيد ، ولا يقدرني أبدا من دون سبب ولا أرتاح إلا عندما يخرج من البيت ، مع العلم أن هذا الرجل يصلي ويخاف الله ، أرجو أن تدلوني على الطريق السليم جزاكم الله خيرا .
فأجاب الشيخ : ” الواجب عليك الصبر ، ونصيحته بالتي هي أحسن ، وتذكيره بالله واليوم الآخر لعله يستجيب ويرجع إلى الحق ويدع أخلاقه السيئة ، فإن لم يفعل فالإثم عليه ولك الأجر العظيم على صبرك وتحملك أذاه ، ويشرع لك الدعاء له في صلاتك وغيرها بأن يهديه الله للصواب ، وأن يمنحه الأخلاق الفاضلة ، وأن يعيذك من شره وشر غيره .
وعليك أن تحاسبي نفسك ، وأن تستقيمي في دينك ، وأن تتوبي إلى الله سبحانه مما قد صدر منك من سيئات وأخطاء في حق الله أو في حق زوجك أو في حق غيره ، فلعله إنما سلط عليك لمعاص اقترفتيها .
لأن الله سبحانه يقول : ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ) ولا مانع أن تطلبي من أبيه أو أمه أو إخوته الكبار أو من يقدرهم من الأقارب والجيران أن ينصحوه ويوجهوه بحسن المعاشرة ؛ عملا بقول الله سبحانه : ( وعاشروهن بالمعروف ) “
انتهى من “مجموع فتاوى ابن باز” (8 /395) .
والله تعالى أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android