اشترى عمّي بيتاً عن طريق ” الرهن العقاري ” من بنك إسلامي هنا في بريطانيا ، وقد تناقشت مع صديق لي كان قد اشترى بيتاً ولكن بقرض ربوي حول موضوع ” الرهن العقاري الإسلامي ” وما يتعلق به ، فعلى الرغم من إقراره بأن القرض الربوي حرام وأنه قد وقع في معصية عظيمة ويريد التخلص منها لولا منع أبويه له إلا أنه مقتنع أنه لا يوجد ما يسمى ” قرض إسلامي ” ، فالكل من وجهة نظره سواء ، وقد ثارت بعض التساؤلات في ذهني عقب ذلك النقاش وأريد توضيحاً أو إجابة لها دون إحالة ما أمكن :
– ما حقيقة ” الرهون العقارية الإسلامية ” ؟ وهل صحيح أنها مصادقة من قبل بعض العلماء ؟.
– أحقّاً أن الطريقة التي تتبعها البنوك الإسلامية غير شرعية ، وأنها لا تُعد من قبيل التجارة المباحة ، حيث تقوم البنوك بتأجير البيت للمستأجر على أن يدفع قسطاً شهريّاً ثم تنتهي هذه الإجارة بالتمليك ؟ بالطبع في إطار شروط وضوابط أظنكم تعرفونها .
– ما الفرق بين القرض الربوي والرهن الإسلامي ؟ وما المناقب والمثالب للرهن الإسلامي ؟ .
– كيف أقنع صديقي ومن يحمل نفس فكره على أن الرهن الإسلامي مباح شرعاً ؟ .
– على افتراض أن الرهن الإسلامي لا يجوز التعامل معه فكيف إذاً نستطيع نحن مسلمي الغرب شراء بيوت نلم بها شتات أنفسنا وأسرنا ، لا سيّما وأن أسعار البيوت غالية جدّاً لا يمكن للشخص أن يتحمل قيمتها بمفرده ؟ .
– أرجو التعليق على أي نقطة من شأنها معالجة هذا الموضوع من القريب أو بعيد .
حكم ما يطلق عليه ” الرهن العقاري الإسلامي “
السؤال: 179855
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً:
لا شك أنه ثمة فروق كثيرة وكبيرة بين الرهن العقاري في البنوك الربوية وبين الرهن العقاري الإسلامي ؛ فالأول قروض ربوية محضة لا خلاف بين العلماء ومجامع الفتوى في تحريمها ، وأما الرهن العقاري الإسلامي ففيه من يجوِّزه من العلماء المعاصرين ، ومن أبرز الفروق الواضحة بينهما هو الفائدة الربوية المركبة التي يدفعها المتأخر عن السداد في الرهن الربوي ، فكل تأخير في سداد الأقساط يترتب عليه غرامات مالية هي الربا بعينه ، وهذا أمر منتف من الصيغة الإسلامية للرهون أو القروض .
وانظر جوابي السؤالين (177994 ) و (159213 ) .
ثانياً:
يعتمد نظام الرهن العقاري الإسلامي على معاملتيْن هما ” التأجير المنتهي بالتمليك ” و ” المرابحة ” ، وهما معاملتان اشتهر الخلاف في جوازهما بين العلماء المعاصرين .
1. أما ” الإيجار المنتهي بالتمليك ” وهو ما تسميه البنوك ” إيجار واقتناء ” – أي : أن عقد الإجارة سينتهي بتملك المستأجر ما كان استأجره – فهذا العقد له صور محرمة وأخرى جائزة ، سبق ذكرها في جواب السؤال رقم (97625 ) ، وانظر جواب السؤال رقم ( 14304 ) .
2. وأما حكم ” المرابحة ” فقد ذكرناه في جواب السؤال رقم (36410 ) ، وفي هذا الجواب المحال عليه تعلم حكم شراء البيوت عن طريقها وأنه لا يجوز إلا عند توفر شرطين :
الأول : أن يمتلك البنك هذه السلعة قبل أن يبيعها فيشتري البنك البيت من صاحبه لنفسه .
الثاني : أن يحوزه بوضع اليد عليه وإمكانية التصرف فيه .
وإذا خلت المعاملة من هذين الشرطين أو أحدهما كانت معاملة محرمة .
وانظر جواب السؤال رقم (81967 ) .
وبه يتبين لك – أخي السائل – أن ما تفعله البنوك الإسلامية أو الفروع الإسلامية في البنوك الربوية من إجراء هاتين المعاملتين لا يدخل في إطار المسائل المتفق على جوازها ؛ لوجود من يمنع منهما ويحرمهما جملة أو في بعض صورهما .
ثالثاً:
ليس المسلم ملزماً بشراء بيت حتى يلمَّ شتات نفسه وأسرته بل يستطيع فعل ذلك ببيت الإيجار ! والمسلمون تجاه هذه المسألة منهم من يشتري بيته بالربا الصريح إما بأخذ قرض ربوي ويشتري به بيتاً أو بالرهن العقاري الذي تجريه البنوك الربوية ، ومنهم من يقصد البنوك الإسلامية لشراء بيته عن طريق الإيجار المنتهي بالتمليك أو المرابحة اعتقاداً منهم بصحة المعاملتين وجوازهما ، وفريق ثالث لا يرى شرعيتهما وليس عنده قدرة على شراء بيت فيصبر حتى يغنيه الله من فضله أو ييسر له طريقة شرعية مباحة ، ويريد أن يلقى ربَّه تعالى وليس في صحيفته اقتراف لجريمة الربا ، ولا فعل لمعاملة مختلف فيها وترجح عنده عدم جوازها ، وهذا المسلك لا شك أنه أحسن المسالك وبه يحتاط المسلم لدينه ، ولسنا ننكر على من رأى صحة المعاملتين السابقتين اجتهاداً أو تقليداً ، وإنما إنكارنا على من فعل ذلك وهو يعتقد تحريمهما ، والإنكار الأشد والأعظم على من اقترف جريمة الربا الصريحة ، ومن احتج بجواز الربا في بلاد الكفار لم يصب ، وتجد ردنا عليه في جواب السؤال رقم (126056 ) .
ونسأل الله أن يرينا الحق حقّاً ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه .
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة