أنا حقّاً في حاجة للنصيحة الأمينة ، ولله الحمد فأنا في موقف يمكنني من الذهاب إلى ” المملكة العربية السعودية ” وأداء فريضة الحج ، فلدي درجتان علميتان في الماجستير وكذلك بكالوريوس في تدريس اللغة الإنجليزية ، وسوف تقبلني ” المملكة العربية السعودية ” كمعلم لغة إنجليزية إن شاء الله ، وحصلت على عروض جيدة وأنا على وشك الذهاب .
أمي مريضة بالسرطان في المرحلة الرابعة وأبي يسافر كثيراً إلى عمله ولدي إخوة صغار وأخت ولكنهم صغار جدّاً ولا يستطيعون القيام على مساعدة والدتي وتلبية حاجاتها ، تحب أمي زوجتي وطفلي وترغب على الدوام الاقتراب منهم ولا ترغب أمي العيش في ” المملكة العربية السعودية ” وتود أن تكمل علاجها هنا في ” الولايات المتحدة الأمريكية ” وهي تكره ” العرق العربي ” ! أنا لا أريد العيش في ” الولايات المتحدة الأمريكية ” أكثر من ذلك ؛ لأني أخشى على ديني ، لأني لو جلست فسأعمل في مدرسة ثانوية مختلطة الجنسين والتي تكون محل فتنة ، وأنا قلق بشأن أنهم ممكن أن يمنعوني من أداء صلاة الجمعة ، يوجد مجتمع مسلم بالقرب من عائلتي جيد جدّاً مسجد التوحيد في أتلنتا ، ولكني لا أود العيش في الغرب مدة أطول ، وأنا أيضاً عليَّ ديْن قرض الدراسة والذي يجب عليَّ رده ، والذي أعلم أنه من المستحيل دفعه في هذا البلد ولكن في المملكة العربية السعودية يمكنني الادخار إن شاء الله .
ما الذي يجب عليَّ عمله ؟
هل يجب عليه أن يهاجر من بلاد الغرب مع حاجة أمه وأهله له ؟
السؤال: 181007
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً:
نسأل الله لك ولأهلك الثبات على الدين والتوفيق للطاعة ، وإن القابض على الدين في هذه الأيام – وخاصة في بلاد الغرب – كالقابض على الجمر ، فعليك بتقوى الله في السر والعلن والمسارعة إلى الخيرات وكثرة سؤال الله الثبات ، والله يعينكم ويحفظكم .
وعلى المسلم أن يهاجر بدينه من بلاد الكفر والشرك فإن الدنيا أيام معدودة وساعات قلائل ولا يدري أين يدركه الأجل .
عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يُقِيمُ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُشْرِكِينَ ) رواه الترمذي ( 1604 ) وأبو داود ( 2645 ) وصححه الألباني في ” صحيح الترمذي ” .
وانظر حول هذا الشأن جواب السؤال رقم (27211 ) .
الذي يظهر لنا أنه لا بأس ببقائك في تلك البلاد ، على الأقل في هذه الفترة ، إلى أن يتم علاج أمك ، أو إقناعها بالانتقال معك ، أو استغنائها عن وجودك بجانبها ، وبذلك يتحقق مصالح كثيرة ، إن شاء الله :
1. إرضاء والدتك ، وهذا يوافق ما أمر به الشرع من الإحسان إلى الأم وتعاهدها وبرها ، قال تعالى ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ) الإسراء / 23 .
2. القيام على علاج والدتك ؛ فربما لا تجد من يقوم على رعايتها وشأنها إلا أنت ، وربما كان غيابك مما يزيد حزنها وألمها ومرضها ، وهذا الفعل نوع من أنواع الجهاد ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَأْذِنُهُ فِى الْجِهَادِ فَقَالَ ( أَحَيٌّ وَالِدَاكَ ) قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ ( فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ ) رواه البخاري ( 2842 ) ومسلم ( 2549 ) .
3. وفي بقائك مصلحة لإخوانك وأخواتك الصغار فإنهم يحتاجون إلى الرعاية الدائمة والنصيحة التي لا تنقطع فلا يزالون بعيدين عن الفتن وهم بحاجة لتربيتهم على الاستقامة والعفاف .
وأما ما ذكرت من الديون التي عليك : فإن مَن ترك شيئاً لله عوَّضه الله خيراً منه ، قال تعالى ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا . وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ) الطلاق/ 2 ، 3 .
وانظر جوابي السؤالين ( 5046 ) و ( 169551 ) .
ثانياً:
العبرة ليست بكثرة المال وإنما بالبركة التي يضعها الله تعالى فيه ، فإذا بارك الله في القليل أغناك ، وإذا نزعها من الكثير أفقرك .
ولا يلزمك أن تعمل في موطن يكون فيه الاختلاط ، بل احرص على العمل في المراكز الإسلامية – مثلاً – أو خدمة الجاليات المسلمة ، أو غير ذلك من المهن التي تخلو من المحاذير .
وعليك بالرحيل للمجتمع المسلم القريب من عائلتك كما ذكرت فإن في ذلك خيراً لك ولأهلك .
وهذا كله إذا تعسر عيك إقناع والدتك ووالدك بالهجرة ، فإذا تمكنت من ذلك فلا تتردد في الخروج والهجرة حفاظاً على الدين والنفس والعرض .
ولا بأس بأن تذهب معهم للعمرة أو الحج علَّ هذا يكون باب خير عليك وعليهم فتتبدل آراؤهم في تمسكهم في تلك البلاد وتتغير نظرتهم إلى ” العرق العربي ” ، ونسأل الله أن يختار لكم الخير ويوفقكم له .
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة