0 / 0

سرق مالا من الشركة التي كان يعمل بها ثم تاب ، ولديه إشكالات يسأل عنها .

السؤال: 181396

لقد اعتدت على العمل في شركة ، والحصول على أرباح لهذه الشركة ، و قد وعدني رئيسي في العمل ببعض الأرباح ، ولكنه دائماً ما يؤخر هذه النسبة الربحية بسبب ما سرقته منهم ، ولقد أخل رئيسي في العمل بهذا الوعد الذي قطعه لي ، مما أثار غضبي ، ودفعني للسرقة منهم أكثر مما أخذت من قبل ، ومنذ تركت العمل هناك ، وقد قررت العودة إلى صوابي ، ولا أتذكر القدر الحقيقي لما أخذته منهم .
لقد قمت بإعادة نصف المبلغ الذي سرقته منهم وذلك عن طريق صديق لي ، وهذا الصديق ما زال يعمل في نفس الشركة .
وأسئلتي هي :
2. هناك بعض الأشياء التي اشتريتها من هذا المال المسروق ، ولكني تصدقت للفقراء ببعض المال ، ولكني سوف أعيد هذه الأموال لصاحب المال كاملةً . فهل هذه الصدقة مقبولة ؟
هل يصح مني صلاة الاستخارة على إرجاع المال بطريقة ممكنة وسهلة . و هل أعمالي الصالحة مقبولة في هذه الآونة أم لا مثل الصلوات و الزكاة والذكر ؟
لأني قرأت أن التوبة لا تكون كاملة إلا برد المال المسروق كاملاً .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
السرقة من كبائر الذنوب ، ونحمد الله أن وفقك للتوبة ، فاجتهد في تحقيق التوبة على الوجه المشروع ، ولا تقابل السيئة بالسيئة ؛ فتتأول لنفسك الباطل بالتأويلات الفاسدة ، وإخلاف المدير وعده معك لا يسوغ لك السرقة والاستمرار عليها ، وخاصة أنك تذكر أنه إنما فعل ذلك بك بسبب ما سرقته منهم .
ثانيا :
اجتهد مع نفسك في معرفة مقدار ما سرقته من الشركة ، فإن عجزت عن معرفته تاما ، فقدر ما يغلب على ظنك أنك أخذته منهم بغير وجه الحق ، ثم رده إليهم ؛ وقد قال الله عز وجل : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) التغابن/ 16 .
قال الشيخ السعدي رحمه الله :
” هذه الآية تدل على أن كل واجب عجز عنه العبد أنه يسقط عنه ، وأنه إذا قدر على بعض المأمور وعجز عن بعضه فإنه يأتي بما يقدر عليه ، ويسقط عنه ما يعجز عنه ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ) متفق عليه . ويدخل تحت هذه القاعدة الشرعية من الفروع ما لا يدخل تحت الحصر ” انتهى من “تفسير السعدي” (ص 868) .

ثالثا :
حيث إنك رددت نصف الذي كنت أخذته من الشركة بغير حق فقد أحسنت صنعا ، فاجتهد في رد النصف الثاني .
ولا يلزمك إخبار صاحب العمل بصورة الحال ، ولا بالذي كنت قد فعلته ، ولا بالذي قد نويت فعله ، إذا خشيت أن يعقب ذلك شر أو فتنة ، أو كان يشق عليك إخباره ، وخشيت على نفسك من معرّة ذلك ؛ فإن الله ستير يحب الستر ، وإنما الواجب رد الحقوق لأصحابها على أي وجه كان ، مادام أنه جائز مباح ، ثم التوبة إلى الله تعالى وكثرة الاستغفار .
راجع جواب السؤال رقم : (31234) ورقم (43017) .

رابعا :
الأعمال الصالحة من صلاة وصيام وصدقة ودعاء وذكر ونحو ذلك ، مع وجود نية التوبة والسعي في رد الحقوق إلى أهلها مقبولة إن شاء الله ، بل هي من جملة التوبة المأمور بها ، وليس من شرط قبول العمل الصالح ألا يكون لصاحبه ذنب أو كبيرة ، وليس وقوع الكبيرة محبطا لما لصاحبها من الأعمال الصالحة ، إلا أن يكون ذلك في شيء خاص ورد به النص .

وإنما الإشكال فيما له تعلق بذلك الذنب من الطاعات ؛ فمثل هذا العمل يتأثر بالذنب من حيث القبول ، وقد يردّ على صاحبه فلا يقبل .
وهذه المسألة تشبه مسألة التوبة من ذنب مع الإصرار على غيره .
قال ابن القيم رحمه الله :
” هل تصح التوبة من ذنب مع الإصرار على غيره فيه قولان لأهل العلم … والذي عندي في هذه المسألة : أن التوبة لا تصح من ذنب مع الإصرار على آخر من نوعه ، وأما التوبة من ذنب مع مباشرة آخر لا تعلق له به ولا هو من نوعه فتصح ، كما إذا تاب من الربا ولم يتب من شرب الخمر مثلا فإن توبته من الربا صحيحة ، وأما إذا تاب من ربا الفضل ولم يتب من ربا النسيئة وأصر عليه أو بالعكس أو تاب من تناول الحشيشة وأصر على شرب الخمر أو بالعكس : فهذا لا تصح توبته ، وهو كمن يتوب عن الزنا بامرأة وهو مصر على الزنا بغيرها غير تائب منها ، أو تاب من شرب عصير العنب المسكر وهو مصر على شرب غيره من الأشربة المسكرة ، فهذا في الحقيقة لم يتب من الذنب وإنما عدل عن نوع منه إلى نوع آخر ، بخلاف من عدل عن معصية إلى معصية أخرى غيرها في الجنس ” انتهى من مدارج السالكين (1 /273-275) .

خامسا :
هذه الأشياء التي اشتريتها من هذا المال المسروق وتصدقك بها على الفقراء : فاعلم أنه لا يصح تصدقك بهذا المال على الفقراء ، سواء تصدقت بعينه أو بما اشتريته به ؛ لأنه مال حرام يجب رده إلى أصحابه ، ولا يجوز التصدق به ؛ لأن الله طيب لا يقبل إلا طيبا .
وحيث إنه من نيتك رد الأموال كاملة إلى أصحابها فقد أحسنت صنعا ، فسارع بردها .

سادسا :
لا يشرع لك صلاة الاستخارة في رد هذه الأموال إلى أصحابها ، ولا حاجة بك إلى صلاتها بخصوص طريقة الرد الممكنة ؛ لأن الرد مع الإمكان واجب ، ولا تشرع صلاة الاستخارة في الأمر الواجب . قال ابن عثيمين رحمه الله : ” الواجب لا يستخير فيه ؛ لأن الله قد حكم به وأوجبه ” انتهى من “اللقاء الشهري” (4 /135) ، وراجع جواب السؤال رقم : (11981) .

لكن إن كنت مترددا بين طريقة للرد وطريقة أخرى ، ولا تعلم أيها أرجى ، وأقرب للستر ، فربما يقال بالاستخارة لأجل التردد بين أمرين من المشروع ، ولا تقدر على الترجيح بينهما .
والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android