هل يوجد بالفعل ما يعرف باسم “مصحف فاطمة” ؟
” مصحف فاطمة ” : من افتراءات الشيعة الاثني عشرية .
السؤال: 182576
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
تدعي كتب الشيعة الإمامية وجود ما يسمى بـ “مصحف فاطمة” وهو من جملة أكاذيبهم وافتراءاتهم في دين الله ، فهم من أكذب الخلق ، وأشدهم افتراء على الله ورسوله .
وعقيدة المسلمين التي لا تخفى على العالم والجاهل منهم أن الله تعالى قد ختم المرسلين بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، وختم الوحي المنزل بالقرآن المجيد ، فمن ادعى النبوة بعد نبينا صلى الله عليه وسلم فهو مفتر كذاب ، ومن ادعى الوحي المنزل بعد القرآن فهو مفتر كذاب .
قال الله تعالى : ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ ) الأنعام/ 93 .
وروى مسلم (2454) عَنْ أَنَسٍ قَالَ : ” قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ : انْطَلِقْ بِنَا إِلَى أُمِّ أَيْمَنَ نَزُورُهَا كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَزُورُهَا .، فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَيْهَا بَكَتْ فَقَالَا لَهَا : مَا يُبْكِيكِ ؟ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،. فَقَالَتْ : مَا أَبْكِي أَنْ لَا أَكُونَ أَعْلَمُ أَنَّ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَكِنْ أَبْكِي أَنَّ الْوَحْيَ قَدْ انْقَطَعَ مِنْ السَّمَاءِ ، فَهَيَّجَتْهُمَا عَلَى الْبُكَاءِ فَجَعَلَا يَبْكِيَانِ مَعَهَا .
وروى البخاري (2641) عن عُمَر بْن الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : ” إِنَّ أُنَاسًا كَانُوا يُؤْخَذُونَ بِالْوَحْيِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِنَّ الْوَحْيَ قَدْ انْقَطَعَ ، وَإِنَّمَا نَأْخُذُكُمْ الْآنَ بِمَا ظَهَرَ لَنَا مِنْ أَعْمَالِكُمْ ، فَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا خَيْرًا أَمِنَّاهُ وَقَرَّبْنَاهُ وَلَيْسَ إِلَيْنَا مِنْ سَرِيرَتِهِ شَيْءٌ اللَّهُ يُحَاسِبُهُ فِي سَرِيرَتِهِ ، وَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا سُوءًا لَمْ نَأْمَنْهُ وَلَمْ نُصَدِّقْهُ وَإِنْ قَالَ إِنَّ سَرِيرَتَهُ حَسَنَةٌ ” .
فانقطاع الوحي بعد رسول الله صلى الله عليه سلم من عقيدة المسلمين ، ولا يخالف في ذلك إلا من خالف عقيدتهم وخرج عن سبيلهم .
ويزعم هؤلاء الأفاكون أن الله تعالى أنزل على فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاته صلى الله عليه وسلم مصحفا على قدر القرآن ثلاث مرات ، فيه علم ما يكون إلى يوم القيامة .
وهذا فوق أنه من الباطل المحال فهو من الكذب السمج الذي تمجّه العقول والأسماع ؛ فرسول الله صلى الله عليه وسلم مكث يتنزل عليه القرآن ثلاثا وعشرين سنة ، وفاطمة رضي الله عنها توفيت بعد وفاة أبيها بستة أشهر ، ومع ذلك لم يستح هؤلاء أن يقولوا : تنزل عليها مدة الستة أشهر قرآنا قدر ما تنزل على أبيها مدة الثلاث والعشرين سنة ثلاث مرات !!
تقول إحدى هذه الروايات المزعومة المفتراة :
“.. إن الله تعالى لما قبض نبيه صلى الله عليه وسلم دخل على فاطمة عليها السلام من وفاته من الحزن ما لا يعلمه إلا الله عز وجل ، فأرسل الله إليها ملكًا يسلي غمها ويحدثها ، فشكت ذلك إلى أمير المؤمنين رضي الله عنه فقال : إذا أحسست بذلك ، وسمعت الصوت قولي لي . فأعلمته بذلك، فجعل أمير المؤمنين رضي الله عنه يكتب كل ما سمع حتى أثبت من ذلك مصحفًا.. أما إنه ليس فيه شيء من الحلال والحرام ، ولكن فيه علم ما يكون” .
“أصول الكافي” (1/240) ، “بحار الأنوار” (26/44) ، “بصائر الدرجات” (ص43) .
وجاء في “الكافي” – وهو عندهم كصحيح البخاري عند أهل السنة – عن أبي بصير عن أبي عبد الله : قال ” … وإنّ عندنا لمصحف فاطمة عليها السّلام ، قلت : وما مصحف فاطمة عليها السّلام ؟ قال : مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرّات ما فيه من قرآنكم حرف واحد ” .
وجاءت بعض رواياتهم المكذوبة لتصف هذا المصحف المزعوم بأن فيه ” خبر ما كان وما يكون إلى يوم القيامة ، وفيه خبر سماء سماء ، وعدد ما السماوات من الملائكة وغير ذلك ، وعدد كل من خلق الله مرسلاً وغير مرسل ، وأسماءهم، وأسماء من أرسل إليهم ، وأسماء من كذب ومن أجاب ، وأسماء جميع من خلق الله من المؤمنين والكافرين ، وصفة كل من كذب ، وصفة القرون الأولى وقصصهم ، ومن ولي من الطواغيت ومدة ملكهم وعددهم ، وأسماء الأئمة وصفتهم وما يملك كل واحد واحد… فيه أسماء جميع ما خلق الله وآجالهم ، وصفة أهل الجنة وعدد من يدخلها ، وعدد من يدخل النار ، وأسماء هؤلاء وهؤلاء ، وفيه علم القرآن كما أنزل ، وعلم التوراة كما أنزلت ، وعلم الإنجيل كما أنزل ، وعلم الزبور ، وعدد كل شجرة ومدرة في جميع البلاد ”
“دلائل الإمامة” (ص27-28) .
ويكفي في بيان ذلك كله ، ما ذكرناه من انقطع الوحي بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا أمر معلوم من الدين بالضرورة ، مجمع عليه .
وحتى إن زعموا أن ذلك الوحي كان قد نزل على النبي صلى الله عليه وسلم ، إلا أنه اختص فاطمة ، أو بعض أهل بيته بعلمه ، فهذا قول باطل ، رده علي بن أبي طالب نفسه :
روى البخاري ( 3047) عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : ” قُلْتُ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : ( هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ مِنْ الْوَحْيِ إِلَّا مَا فِي كِتَابِ اللَّهِ قَالَ لَا وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ مَا أَعْلَمُهُ إِلَّا فَهْمًا يُعْطِيهِ اللَّهُ رَجُلًا فِي الْقُرْآنِ وَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ قُلْتُ وَمَا فِي الصَّحِيفَةِ قَالَ ” الْعَقْلُ وَفَكَاكُ الْأَسِيرِ وَأَنْ لَا يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ ” .
وروى البخاري (6755) ومسلم (1370) عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: ” قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا عِنْدَنَا كِتَابٌ نَقْرَؤُهُ إِلَّا كِتَابُ اللَّهِ غَيْرَ هَذِهِ الصَّحِيفَةِ ، قَالَ: فَأَخْرَجَهَا، فَإِذَا فِيهَا أَشْيَاءُ مِنَ الجِرَاحَاتِ وَأَسْنَانِ الإِبِلِ، قَالَ: وَفِيهَا: المَدِينَةُ حَرَمٌ مَا بَيْنَ عَيْرٍ إِلَى ثَوْرٍ، فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا، أَوْ آوَى مُحْدِثًا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ صَرْفٌ وَلاَ عَدْلٌ ، وَمَنْ وَالَى قَوْمًا بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ، لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ صَرْفٌ وَلاَ عَدْلٌ ، وَذِمَّةُ المُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ، يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ صَرْفٌ وَلاَ عَدْلٌ ) .
انظر : “أصول مذهب الشعية الإمامية الاثني عشرية” (2 /595-602) .
“المفصل في الرد على شبهات أعداء الإسلام” (12 /189) .
“الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة” (24 /1) .
“وجاء دور المجوس” (ص 63-64) .
وراجع للفائدة جواب : (21500) ، (101272) .
والله تعالى أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة