تنزيل
0 / 0

شاب على فطرة السنة ، وكل بيئته شيعية ؛ فهل يهاجر منها ؟

السؤال: 183134

أنا مسلم من ذي الولادة على الفطرة ، ولكن أبي وأمي من الشيعة ، وأعيش في منطقة لا يوجد بها ولا سني واحد !! وأنا حافظ للقرآن ، وأريد الهجرة ؛ فكيف ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
نحمد الله أن وفقك لطريق أهل السنة ونجاك من الوقوع في شراك البدعة ، ونسأل الله أن
يتم عليك النعمة ويكشف عنك الضر ويرفع عنك البلاء .
فالسنة – كما قال الإمام مالك رحمه الله – كسفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلف
عنها غرق.
قال شيخ الإسلام رحمه الله :
” وَهَذَا حَقٌّ ؛ فَإِنَّ سَفِينَةَ نُوحٍ إنَّمَا رَكِبَهَا مَنْ صَدَّقَ
الْمُرْسَلِينَ وَاتَّبَعَهُمْ ، وَأَنَّ مَنْ لَمْ يَرْكَبْهَا فَقَدْ كَذَّبَ
الْمُرْسَلِينَ ” انتهى من “مجموع الفتاوى” (4 /137) .
ثانيا :
ننصحك بالتلطف مع والديك ومعاملتهما بالحسنى كما أمر الله ، والحرص على نصحهما
وإرشادهما بالحكمة والموعظة الحسنة ، والدعاء لهما بالهداية إلى طريق أهل السنة
والجماعة ، والنجاة من طريق أهل البدعة .
راجع إجابة السؤال رقم (142071)
.
ثالثا :
إن كنت تستطيع أن تعيش في هذه الأجواء الموبوءة فتقيم السنة وتحرص عليها وتعمل بها
وتدعو إليها قدر الإمكان وتنهى عن المنكر ، وكان لديك من العلم والقدرة ما يؤهلك
لذلك : فلا حرج عليك في البقاء بتلك البلاد ، فعسى أن يكون من وراء ذلك خير كثير
وفتح من الله ونصر وهداية .
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه يوم فتح خيبر : (
فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ
لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ ) رواه البخاري ( 3701 ) ومسلم ( 2406 ) .
وروى مسلم (2674) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ
مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا ) .

وإن كنت لا تقدر على ذلك ، وتخشى على نفسك الفتنة ، أو أن تقع في قلبك شبهات
القوم وضلالاتهم ، أو أن يصيبوك بأذى إن بقيت على السنة ؛ فننصحك أن تهاجر من تلك
الديار إلى ديار أهل السنة ، حيث يمكنك أن تعبد الله على بصيرة ، وتقيم شرع الله
وحكمه في نفسك ومن يليك .

وقد أوجب بعض أهل العلم الهجرة من المكان الذي توجد فيه البدعة ويُسب فيه السلف
.
وروى الترمذي (2863) عن الْحَارِث الْأَشْعَرِيّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( آمُرُكُمْ بِخَمْسٍ اللَّهُ أَمَرَنِي بِهِنَّ :
السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ وَالْجِهَادُ وَالْهِجْرَةُ وَالْجَمَاعَةُ فَإِنَّهُ مَنْ
فَارَقَ الْجَمَاعَةَ قِيدَ شِبْرٍ فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِسْلَامِ مِنْ
عُنُقِهِ إِلَّا أَنْ يَرْجِعَ ، وَمَنْ ادَّعَى دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّهُ
مِنْ جُثَا جَهَنَّمَ ) وصححه الألباني في ” مشكاة المصابيح ” (3694) .
قال في تحفة الأحوذي :
” ( وَالْهِجْرَةُ ) أَيْ الِانْتِقَالُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ قَبْلَ
فَتْحِ مَكَّةَ , وَمِنْ دَارِ الْكُفْرِ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَمِنْ دَارِ
الْبِدْعَةِ إِلَى دَارِ السُّنَّةِ , وَمِنْ الْمَعْصِيَةِ إِلَى التَّوْبَةِ ”
انتهى .
وجاء في “الموسوعة الفقهية” (42/190) :
” أَلْحَقَ بَعْضُ الْحَنَابِلَةِ بِدَارِ الْحَرْبِ فِي الْحُكْمِ بِوُجُوبِ
الْهِجْرَةِ مِنْهَا عَلَى مَنْ أَطَاقَهَا وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى إِظْهَارِ
دِينِهِ فِي إِقَامَتِهِ بِهَا : دَارَ الْبُغَاةِ ، وَدَارَ الْبِدْعَةِ .
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ الْهِجْرَةَ مِنْ أَرْضِ الْحَرَامِ وَالْبَاطِل ،
بِظُلْمٍ أَوْ فِتْنَةٍ ، فَرِيضَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ .
وقال الشَّافِعِيَّةِ : كُل مَنْ أَظْهَرَ حَقًّا بِبَلْدَةٍ مِنْ بِلاَدِ
الإْسْلاَمِ وَلَمْ يُقْبَل مِنْهُ ، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى إِظْهَارِهِ ، أَوْ
خَافَ فِتْنَةً فِيهِ ، فَتَجِبُ عَلَيْهِ الْهِجْرَةُ مِنْهُ قَال الرَّمْلِيُّ :
لأِنَّ الْمُقَامَ عَلَى مُشَاهَدَةِ الْمُنْكَرِ مُنْكَرٌ ، وَلأِنَّهُ قَدْ
يَبْعَثُ عَلَى الرِّضَا بِذَلِكَ ” انتهى .
ويخشى عليك حينئذ من صحبة أهل السوء والبدعة ، وقد روى البخاري (3470) ومسلم
(2766) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ قَتَلَ
تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا فَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ فَدُلَّ
عَلَى رَاهِبٍ فَأَتَاهُ فَقَالَ: إِنَّهُ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا
فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ لَا فَقَتَلَهُ فَكَمَّلَ بِهِ مِائَةً . ثُمَّ
سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَالِمٍ فَقَالَ:
إِنَّهُ قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ ؟ فَقَالَ نَعَمْ ،
وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ ؟ انْطَلِقْ إِلَى أَرْضِ كَذَا
وَكَذَا فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللَّهَ فَاعْبُدْ اللَّهَ مَعَهُمْ ،
وَلَا تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ … الحديث )
والشاهد قوله ( انْطَلِقْ إِلَى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا
يَعْبُدُونَ اللَّهَ فَاعْبُدْ اللَّهَ مَعَهُمْ ، وَلَا تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ
فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ ) .
قال ابن علان رحمه الله :
” فيه الانقطاع عن إخوان السوء ومقاطعتهم ما داموا على حالهم ، واستبدال صحبة أهل
الخير والعلم والصلاح والعبادة والورع ومن يقتدى به وينتفع بصحبته ؛ فإن كل قرين
يقتدي بقرينه ” انتهى من “دليل الفالحين” (1 /117) .
راجع إجابة السؤال رقم (129949) ، (170927) .

نسأل الله أن يثبتنا وإياك على السنة .
والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android