ما هي أدلة القائلين بعدم وجوب الصلاة في المسجد ؟ وكذلك أدلة القائلين بالوجوب ؟
أدلة القائلين بوجوب الصلاة في المسجد
السؤال: 183186
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
اختلف أهل العلم رحمهم الله في وجوب صلاة الجماعة في المسجد ، على قولين – وهما روايتان في مذهب أحمد – :
القول الأول : أن صلاة الجماعة واجبة في المسجد .
القول الثاني : أن صلاة الجماعة لا تجب في المسجد ، فلو صلى في بيته جماعة تصح ولا إثم عليه .
قال المرداوي رحمه الله : ” وله فعلها – أي : صلاة الجماعة – في بيته في أصح الروايتين ….. ، والرواية الثانية : ليس له فعلها في بيته ” انتهى من ” الإنصاف ” ( 2 / 214 ) .
والقول الأول هو المختار في موقعنا ، وهو اختيار شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم والشيخ السعدي وابن باز وابن عثيمين رحمة الله على الجميع .
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (120) ففيه تفصيل ، وجواب السؤال رقم : (38881) .
ثانياً :
استدل أصحاب القول الأول القائلون بوجوب صلاة الجماعة في المسجد بأدلة :
الدليل الأول :
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ فَيُحْطَبَ ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَيُؤَذَّنَ لَهَا ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيَؤُمَّ النَّاسَ ، ثُمَّ أُخَالِفَ إِلَى رِجَالٍ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَجِدُ عَرْقًا سَمِينًا أَوْ مِرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ لَشَهِدَ الْعِشَاءَ ) رواه البخاري (644) .
وجه الدلالة : أن النبي صلى الله عليه هم بتحريق بيوت المتخلفين ، ولم يستفصل هل صلوا في بيوتهم جماعة أم لا ؟ .
الدليل الثاني :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ” أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ أَعْمَى ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ : إِنَّهُ لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إِلَى الْمَسْجِدِ ، فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ فَيُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ ، فَرَخَّصَ لَهُ ، فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ ، فَقَالَ : ( هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ بِالصَّلَاةِ ، قَالَ نَعَمْ . قَالَ فَأَجِبْ ) رواه مسلم (653) .
وجه الدلالة : لو كانت صلاة الجماعة تجوز في كل مكان ؛ لأذن عليه الصلاة والسلام للأعمى بالصلاة في بيته جماعة مع أهله ؛ لأنه عليه الصلاة السلام ما خير بين أمرين ، إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً .
قال ابن المنذر رحمه الله : ” فإذا كان الأعمى لا رخصة له ، فالبصير أولى أن لا تكون له رخصة ” انتهى من ” الأوسط ” ( 4 / 134 ) .
الدليل الثالث :
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : ( مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ غَدًا مُسْلِمًا فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلَاءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ ، فَإِنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُنَنَ الْهُدَى ، وَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى ، وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّي هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ ، وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ ، وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ ) رواه مسلم (654).
ومعنى ( حيث ينادى بهن ) أي : في المساجد .
وفي لفظ آخر عند مسلم (654) ” وَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَنَا سُنَنَ الْهُدَى ، وَإِنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي يُؤَذَّنُ فِيهِ ” .
وجه الدلالة :أنه جعل التخلف عن الجماعة في المسجد من علامات المنافقين .
الدليل الرابع :
عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يَأْتِهِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ ) رواه ابن ماجه (793) ، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في ” صحيح ابن ماجه ” .
وينظر جواب السؤال رقم (120)، ورقم (8918), ورقم (40113) .
واستدل أصحاب القول الثاني القائلون بعدم وجوب الصلاة في المسجد :
الدليل الأول :
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( وجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا ) رواه البخاري (335) .
قالوا : فهذا يدل على أن أي بقعة صلى فيها العبد ، فصلاته مقبولة سواء كانت المسجد أو غيرها .
الدليل الثاني :
عن عائشة رضي الله عنها قالت : ” صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهِ ، وَهُوَ شَاكٍ فَصَلَّى جَالِسًا ، وَصَلَّى وَرَاءَهُ قَوْمٌ قِيَامًا فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنْ اجْلِسُوا ) رواه البخاري (688) .
وجه الدلالة : لو كانت الجماعة واجبة في المسجد لما أذن لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة خلفه في بيته ، أو لأمرهم بإعادة الصلاة في المسجد .
قال ابن رجب رحمه الله : ” وفيه : أن المريض يصلي بمن دخل عليه للعيادة جماعة ؛ لتحصيل فضل الجماعة .
وقد يستدل بذلك على أن شهود المسجد للجماعة غير واجب على الأعيان ، كما هو رواية عن أحمد ؛ فإنه لم يأمرهم بإعادة صلاتهم في المسجد ، بل اكتفى منهم بصلاتهم معه في مشربته ” انتهى من ” فتح الباري لابن رجب ” (2 / 241 ) .
الدليل الثالث :
عن عتبان بن مالك الأنصاري رضي الله عنه قال : ” كُنْتُ أُصَلِّي لِقَوْمِي بَنِي سَالِمٍ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقُلْتُ : إِنِّي أَنْكَرْتُ بَصَرِي ، وَإِنَّ السُّيُولَ تَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَ مَسْجِدِ قَوْمِي ، فَلَوَدِدْتُ أَنَّكَ جِئْتَ فَصَلَّيْتَ فِي بَيْتِي مَكَانًا حَتَّى أَتَّخِذَهُ مَسْجِدًا ، فَقَالَ : ( أَفْعَلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ) ” . رواه البخاري (840) .
الدليل الرابع :
عن يزيد بن الأسود رضي الله عنه قال : ( شَهِدْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَّتَهُ فَصَلَّيْتُ مَعَهُ صَلَاةَ الصُّبْحِ فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ ، قَالَ : فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ وَانْحَرَفَ إِذَا هُوَ بِرَجُلَيْنِ فِي أُخْرَى الْقَوْمِ لَمْ يُصَلِّيَا مَعَهُ ، فَقَالَ : ( عَلَيَّ بِهِمَا فَجِيءَ بِهِمَا تُرْعَدُ فَرَائِصُهُمَا ، فَقَالَ : مَا مَنَعَكُمَا أَنْ تُصَلِّيَا مَعَنَا ) ، فَقَالَا يَا رَسُولَ اللَّهِ : إِنَّا كُنَّا قَدْ صَلَّيْنَا فِي رِحَالِنَا ، قَالَ : ( فَلَا تَفْعَلَا ، إِذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا ، ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَصَلِّيَا مَعَهُمْ فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ ) رواه الترمذي (219) ، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في ” سنن الترمذي ” .
وجه الدلالة : أنهما تركا جماعة المسجد لجماعة الرحل ، ولم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم عليهما ذلك .
وينظر جواب السؤال رقم (178385) .
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة