أنا طالبه وقالت لنا المعلمة : إن الله له يدان ولكن كلتاهما يمين ! هل صحيح ما قالته المعلمة ! لان بعد ما قالت هكذا قرأت لنا الحديث الآتي : رقم الحديث: (5001) .
(حديث مرفوع) وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ حَمْزَةَ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَطْوِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ السَّمَاوَاتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، ثُمَّ يَأْخُذُهُنَّ بِيَدِهِ الْيُمْنَى ، ثُمَّ يَقُولُ : أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ الْجَبَّارُونَ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ ، ثُمَّ يَطْوِي الْأَرَضِينَ بِشِمَالِهِ ، ثُمَّ يَقُولُ : أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ الْجَبَّارُونَ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ “.
ثُمَّ يَطْوِي الْأَرَضِينَ بِشِمَالِهِ ، وهي قالت : إن لله تعالى يدين كلتاهما يمين ؛ وفي هذا الحديث يطوي الأرضين بشماله ، فكيف يمكن الجمع بين الحديث وما قالته المعلمة ؟
الجمع بين حديث : ( ثم يطوي الأرضين بشماله ) ، وحديث : ( وكلتا يديه يمين )
السؤال: 183552
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
ما ذكرته المعلمة لكن من أن كلتا يدي الله عز وجل يمين ، هو أحد القولين في المسألة ، والقول الآخر في المسألة أن لله عز وجل يدان يمين وشمال .
وسبب الاختلاف في إثبات الشمال له سبحانه وتعالى راجع لأمرين :
الأول : اختلاف أهل العلم في ثبوت الزيادة التي جاء فيها ذكر الشمال ، فمن أثبتها ، أثبت له سبحانه يدين ، يمين وشمال .
ومن ضعفها ، فقد نفى عنه الشمال ، وقال له يدان ، كلاهما يمين .
الثاني : إثبات الشمال لله عز وجل هل يلزم منه النقص في حق الله ؟ من رأى أن إثبات الشمال لله عز وجل يلزم منه إثبات النقص نفى عنه الشمال ؛ وذلك لأن الشمال في العادة أضعف من اليمين وأقل شرفاً منها ، وهذا ممتنع في حق الله .
ومن رأى أنه لا يلزم من إثبات الشمال إثبات النقص ؛ لأنه سبحانه ليس كمثله شيء وهو السميع العليم ، فيده الشمال سبحانه وتعالى ليست كاليد الشمال بالنسبة للمخلوق ناقصة عن اليمين .
قال الشيخ علوي السقاف حفظه الله : ” يؤمن أهل السنة والجماعة أنَّ لله عَزَّ وجَلَّ يدين ، وأنَّ إحدى يديه يَمِين ، فهل الأخرى توصف بالشِّمال ؟ أم أنَّ كلتا يديه يَمِين ؟
القول الأول : إثبات صفة الشمال له سبحانه ، وقد قال بهذا القول الإمام عثمان بن سعيد الدارمي ، وأبو يعلى الفراء ، والشيخ محمد بن عبد الوهاب … .
واستدل أصحاب هذا القول بأدلة :
الدليل الأول : ما رواه مسلم (2788) من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه مرفوعاً : ( يطوي الله عَزَّ وجَلَّ السماوات يوم القيامة ، ثم يأخذهن بيده اليمنى ، ثم يقول : أنا الملك ! أين الجبارون ؟ أين المتكبرون ؟ ثم يطوي الأرضين بشماله ثم يقول … ) الخ الحديث .
الدليل الثاني : قالوا : إن وصف إحدى اليدين باليَمِين ، يقتضي أنَّ الأخرى ليست يَمِيناً ، فتكون شمالاً ، وفي بعض الأحاديث تذكر اليَمِين ، ويذكر مقابلها : ( بيده الأخرى ) ، وهذا يعني أنَّ الأخرى ليست اليَمِين ، فتكون الشِّمال .
القول الثاني : أن كلتا يديه يمين لا شمال فيها ، وقد قال بهذا القول الإمام ابن خزيمة ، والإمام أحمد ، والبيهقي ، والألباني .
واستدل أصحاب هذا القول بأدلة :
الدليل الأول : ما رواه مسلم (1827) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما مرفوعاً : ( إنَّ المقسطين عند الله على منابر من نور عن يَمِين الرحمن عَزَّ وجَلَّ ، وكلتا يديه يَمِين ) .
الدليل الثاني : حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما مرفوعاً : ( أول ما خلق الله تعالى القلم ، فأخذه بيَمِينه ، وكلتا يديه يَمِين … ) رواه : ابن أبي عاصم في ( السنة ) (106) ، والآجري في ( الشريعة ) ، وصحَّحَه الألباني . انتهى اختصاراً بتصرف من ” صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة ” ( 1 / 248 ) .
والراجح أنه لا تعارض بين الأحاديث ، فالله سبحانه وتعالى توصف يداه باليمين والشمال باعتبار الاسم ، أما من جهة المعنى ، فكلاهما يمين مباركة .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله : ” كلها أحاديث صحيحة عند علماء السنة ، وحديث ابن عمر مرفوع صحيح ، وليس موقوفا ، وليس بينها اختلاف بحمد الله ، فالله سبحانه توصف يداه باليمين والشمال من حيث الاسم ، كما في حديث ابن عمر وكلتاهما يمين مباركة من حيث الشرف والفضل ، كما في الأحاديث الصحيحة الأخرى ” انتهى من ” مجموع فتاوى الشيخ ابن باز ” ( 25 / 126 ) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ” قوله : ” ثم يأخذهن بشماله ” كلمة ( شمال ) اختلف فيها الرواة ، فمنهم من أثبتها ، ومنهم من أسقطها ، وقد حكموا على من أثبتها بالشذوذ ، لأنه خالف ثقتين في روايتها عن ابن عمر .
ومنهم من قال : إنه ثقة ، ولكنه قالها من تصرفه .
وأصل هذه التخطئة هو ما ثبت في ” صحيح مسلم ” أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ” المقسطون على منابر من نور على يمين الرحمن ، وكلتا يديه يمين ” وهذا يقتضي أنه ليس هناك يد يمين ويد شمال .
ولكن إذا كانت لفظة ” شمال ” محفوظة ، فهي عندي لا تنافي ” كلتا يديه يمين ” ؛ لأن المعني أن اليد الأخرى ليست كيد الشمال بالنسبة للمخلوق : ناقصة عن اليمني ، فقال : ” كلتا يديه يمين ” ، أي : ليس فيها نقص ، ويؤيد هذا قوله في حديث آدم : ” اخترت يمين ربي ، وكلتا يديه يمين مباركة ” ، فلما كان الوهم يذهب إلى أن إثبات الشمال ، يعني : النقص في هذه اليد دون الأخرى ، قال : ” كلتا يديه يمين ” ، ويؤيده أيضاً قوله : ” المقسطون على منابر من نور على يمين الرحمن ” ، فإن المقصود بيان فضلهم ومرتبتهم ، وأنهم على يمين الرحمن سبحانه .
وعلى كل ، فإن يديه سبحانه اثنتان بلا شك ، وكل واحدة غير الأخرى ، وإذا وصفنا اليد الأخرى بالشمال ، فليس المراد أنها أقل قوة من اليد اليمني ، بل كلتا يديه يمين .
والواجب علينا أن نقول : إن ثبتت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنحن نؤمن بها ، ولا منافاة بينها وبين قوله : ” كلتا يديه يمين ” كما سبق ، وإن لم تثبت ، فلن نقول بها ” انتهى من ” مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين ” ( 1 / 165 ) .
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب