اسمي عبد الصبور ، وعلى ما أظن أن الصبور اسم من أسماء الله ، فهل عليّ من حرج في هذا الاسم أم يجب عليّ تغييره ؟
هل ” الصبور ” من أسماء الله الحسنى ؟
السؤال: 191329
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
تقدم غير مرة بيان أن أسماء الله تعالى توقيفية ؛ فلا يجوز أن نسمي الله تعالى إلا بما سمى به نفسه أو سماه به رسوله صلى الله عليه وسلم .
كما تقدم أن ما ورد في القرآن والسنة على سبيل الوصف أو الخبر فقط ، بحيث لم يرد تسمية الله به ، فلا يصح أن نسميه به . راجع إجابة السؤال رقم : (48964) والسؤال رقم : (177221) .
ثانيا :
لا شك أن من تسمى في نفسه ، أو سمى غيره : عبد الصبور ؛ فإنما يريد به التعبيد لله تعالى ، واعتقد أن اسم ” الصبور ” من الأسماء الحسنى الثابتة له سبحانه ، لاشتهار ذلك بين الناس ، ووروده في رواية عد الأسماء الحسنى ، التي رواها الترمذي وغيره .
وقد تقدم بيان أن زيادة عد الأسماء الحسنى مدرجة في الحديث ، لا تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم . راجع إجابة السؤال رقم : (72318) .
لكن ينبغي التفريق هنا بين مقامين فيما يتعلق بالتسمي بـ”عبد الصبور” :
المقام الأول :
مقام الابتداء ؛ يعني : أن شخصا يريد أن يسمي ولده ، أو ولد غيره ، بذلك الاسم ؛ فنحن ننهاه عن ذلك ، لعدم ثبوت الرواية به ، ومن ثم إعراض غير واحد من أهل العلم على عده ضمن أسماء الله الحسنى ، وفي الأسماء الثابتة في كتاب الله وسنة رسوله ، ما يغني عن التسمي باسم مختلف في ثبوته .
المقام الثاني :
مقام الاستدامة ؛ يعني : أن شخصا ما سماه أهله بذلك الاسم ، واشتهر بذلك بين الناس ، واعتمدت عليه أوراقه الرسمية ، ثم علم أن من أهل العلم من ينكر ثبوت ذلك الاسم في أسماء الله الحسنى ؛ فالذي يظهر ، والله أعلم ، أنه لا حرج عليه في استبقاء هذه التسمية ، خاصة إذا كان يشق عليه تغيير أوراقه الثبوتية المعتمدة على ذلك الاسم ؛ فمقام الاستدامة في الشرع أيسر ، ويغتفر فيه ما لا يغتفر في الابتداء .
ثم إن غاية ما يقال فيه : أنه لم يثبت عده ، لا أنه ثبت عدم كونه من الأسماء الحسنى ؛ بل يبقى اعتبار ” الصبور ” من أسماء الله الحسنى من مسائل الاجتهاد والنظر ، وقد ثبت في الحديث وصف الله جل جلاله بالصبر :
عَنْ أَبِي مُوسَى الأشعري رضي الله عنه ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( لَا أَحَدَ أَصْبَرُ عَلَى أَذًى يَسْمَعُهُ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، إِنَّهُ يُشْرَكُ بِهِ ، وَيُجْعَلُ لَهُ الْوَلَدُ، ثُمَّ هُوَ يُعَافِيهِمْ وَيَرْزُقُهُمْ ) .
رواه البخاري (7378) ومسلم (2804) .
قال الخطابي رحمه الله :
” الصَّبُوْرُ: هُوَ الذِي لَا يُعَاجِلُ العُصَاةَ بِالِانْتِقَامِ مِنْهُمْ ، بَلْ يُؤَخِّرُ ذَلِكَ إلَى أجَلٍ مُسَمَّى ، وَيُمْهِلُهُم لِوَقْتٍ مَعْلُوْم.
فَمَعْنَى الصبورِ فِي صِفَةِ الله سبْحَانَهُ ، قَرِيبٌ مِنْ مَعْنَى الحَلِيم ؛ إلا أن الفَرْقَ بَين الأمْرَيْنِ : أنهم لَا يَأمَنُونَ العُقُوْبَةَ فِي صِفَةِ الصبورِ، كمَا يَسْلَمُونَ مِنْهَا فِي صِفَةَ الحَلِيْمِ ، والله أعْلَمُ بالصواب . ” انتهى من “شأن الدعاء” (98) .
وقال ابن القيم رحمه الله في نونيته (ص/207):
وهو الصبور على أذى أعدائه ** شتموه بل نسبوه للبهتان
قالوا له ولد وليـــــس يعيدنا ** شتما وتكذيبا من الإنسان
هذا وذاك بسمعه وبعلمه ** لو شاء عاجلهم بكل هوان
لكن يعافيهم ويرزقهم وهم ** يؤذونه بالشرك والكفران
وقد ورد ذكر “الصبور” في الأسماء الحسنى ، في وراية الوليد بن مسلم ، عند الترمذي وغيره ، كما سبق ، وعده من جملة الأسماء الحسنى من أهل العلم : الخطابي ، وابن منده ، والحليمي ، والبيهقي ، وابن العربي ، والقرطبي ، وابن القيم ، وغيرهم .
ينظر : “معتقد أهل السنة والجماعة في أسماء الله الحسنى” ، د.محمد خليفة التميمي (223) .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة