هل يصح للرجل أن يجامع زوجته الأولى ، ثم يذهب إلى الزوجة الثانية فيجامعها دون أن يغتسل من الجماع الأول ؟
هل للزوج أن يجامع امرأته ثم يجامع الثانية قبل أن يمس الماء؟
السؤال: 192109
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
يجوز للرجل إذا جامع امرأته أن يأت الأخرى فيجامعها قبل أن يغتسل ؛ لما روته عائشة رضي الله عنها قالت : ( كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ ثُمَّ يُصْبِحُ مُحْرِمًا يَنْضَخُ طِيبًا ) البخاري(267) .
وعن أنس رضي الله عنه قال : ( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدُورُ عَلَى نِسَائِهِ فِي السَّاعَةِ الْوَاحِدَةِ مِنْ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُنَّ إِحْدَى عَشْرَةَ ، قَالَ : قُلْتُ لِأَنَسٍ : أَوَ كَانَ يُطِيقُهُ ؟ قَالَ كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّهُ أُعْطِيَ قُوَّةَ ثَلَاثِينَ ) البخاري(268) .
وعنه رضي الله عنه : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ ) رواه مسلم(309) .
وقد حكى الإجماع على جواز ذلك غير واحد من العلماء.
قال ابن بطال رحمه الله : " لم تختلف العلماء في جواز وطء جماعة نساء في غسل واحد على ما جاء في حديث عائشة ، وأنس .. " انتهى من شرح "صحيح البخاري" لابن بطال(1/381) .
هذا ، مع أن الأفضل أن يغتسل بين الجماعين .
روى أحمد (22742) وأبو داود (219) عَنْ أَبِي رَافِعٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " طَافَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى نِسَائِهِ يَغْتَسِلُ عِنْدَ هَذِهِ وَعِنْدَ هَذِهِ ، قَالَ قُلْتُ : لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا تَجْعَلُهُ غُسْلًا وَاحِدًا قَالَ : ( هَذَا أَزْكَى وَأَطْيَبُ وَأَطْهَرُ ) وحسنه الشيخ الألباني رحمه الله في " مشكاة المصابيح " برقم (470) .
فإن تكاسل أو تعذر عليه الغسل استحب له أن يتوضأ بينهما وضوءاً ؛ لما رواه مسلم (308) عن سعيد الخدري رضي الله عنه قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَعُودَ فَلْيَتَوَضَّأْ بَيْنَهُمَا وُضُوءًا ) زاد الحاكم (1/254) : ( فإنه أنشط للعَوْد ) وصحح الزيادة الشيخ الألباني في " صحيح الجامع " برقم (263).
قال الصنعاني رحمه الله : " فيه دلالة على شرعية الوضوء لمن أراد معاودة أهله ، وقد ثبت أنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم غشي نساءه ، ولم يحدث وضوءاً بين الفعلين ، وثبت أنه اغتسل بعد غشيانه عند كل واحدة ، فالكل جائز " انتهى من "سبل السلام"(1/89) .
فإن تكاسل أو تعذر عليه الوضوء ، استحب له غسل فرجه وما لوثه ، ويتأكد ذلك إذا أراد معاودة جماع من لم يجامعها ؛ لما رواه البخاري (290) ومسلم (306) : " ذَكَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ تُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ مِنْ اللَّيْلِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ ثُمَّ نَمْ ).
وبوب الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه باب : " جواز نوم الجنب واستحباب الوضوء له وغسل الفرج إذا أراد أن يأكل أو يشرب أو ينام أو يجامع "
قال النووي رحمه الله :
"حاصل الأحاديث كلها أنه يجوز للجنب أن ينام ويأكل ويشرب ويجامع قبل الاغتسال ، وهذا مجمع عليه ، وفيها أنه يستحب أن يتوضأ ، ويغسل فرجه لهذه الأمور كلها ، ولا سيما إذا أراد جماع من لم يجامعها ؛ فإنه يتأكد استحباب غسل ذكره .. " انتهى من " شرح مسلم "(1/499) .
تنبيه:
تقدم أنه – صلى الله عليه وسلم – : ( طاف على نسائه في ليلة واحدة بغسل واحد ) .
ليس في هذا الحديث دليل لمن كان تحته أكثر من واحدة ، أن يدخل عليهن ويجامعهن في ليلة التي هو يومها ، إلا أن يكون ذلك عن رضا منهن .
قال النووي رحمه الله : " قد يقال : قد قال الفقهاء : أقل القسم ليلة لكل امرأة ، فكيف طاف على الجميع في ليلة واحدة ؟
وجوابه من وجهين:
أحدهما: أن هذا كان برضاهن ، ولا خلاف في جوازه برضاهن كيف كان.
والثاني: أن القسم في حق النبي صلى الله عليه وسلم هل كان واجباً في الدوام ؟
فيه خلاف لأصحابنا ، قال أبو سعيد الإصطخري : لم يكن واجباً ، وإنما كان يقسم بالسوية ، ويقرع بينهن تكرماً وتبرعاً لا وجوباً ، وقال الأكثرون : كان واجباً ، فعلى قول الإصطخري لا إشكال . والله أعلم " انتهى من شرح مسلم.
والجواب الثالث: ما ذكره ابن عبد البر رحمه الله حيث قال:
وهذا معناه في حين قدومه من سفر أو نحوه ، في وقت ليس لواحدة منهن يوم معين معلوم ، فجمعن حينئذ ، ثم دار بالقسم عليهن بعد – والله أعلم – لأنهن كن حرائر وسنته عليه السلام – فيهن العدل في القسم بينهن ، وألا يمس الواحدة في يوم الأخرى " .
انتهى من"الاستذكار"(1/263).
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب