تنزيل
0 / 0

استعمال الأطفال في عرض الأزياء

السؤال: 192238

هل يباح للطفل أن يعمل كعارض أزياء ، سواء كان ذلك على التلفاز ، أو دعايات أو إعلانات ؟
وهل يباح أن تستخدم صور الطفل كدعاية لجمعية أو مؤسسة ما ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

حكم مشاركة الأطفال في عروض الأزياء ، أو مشاركتهم في التصوير ليصبحوا نماذج دعائية
لمنتجات طبية أو غذائية أو ملابس ونحو ذلك ، فيه تفصيل مهم ينبغي التنبه له :
إذا كانت عروض الأزياء تلك ستتم من خلال شركات الأزياء المغرقة في الإثم ونشر
المعصية ، العاملة في قطاع الأزياء النسائية وعروضها الفاضحة التي لا تخفى حرمتها
على مسلم ، فلا يحل لأحد التعامل مع تلك الشركات في هذا الإطار ، صغيرا كان أم
كبيرا ، غنيا أم فقيرا ، ذكرا أم أنثى ، فالطفل الصغير هو مشروع عارض أو عارضة
كبيرة ، تبيع جسدها نهبة لكل ناظر ومعتد ، وتفقد إنسانيتها حين تصبح الفائدة
المرجوة منها إنما هي نظرات الإعجاب من تجار الموضة عَرَّابي الفساد في الأرض ،
والله عز وجل يقول : ( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي
الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ
يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) النور/19.
هذا فضلا عن الخطر المحدق بالطفل نفسه ، وعلى طفولته البريئة ، بحيث تستغل لترويج
الغش والكذب ، أو لترويج بضائع محرمة ، أو تستعمل صوره في دعايات تصاحبها صور نساء
فاضحة أو مناظر محرمة ، وكثيرا ما يكون الطفل أو الطفلة قد بلغا سنا يمكن أن
تنالهما ريبة أو شهوة من قبل الناظرين إليهما ، فتنشر صور الفتيات اليافعات في
الإعلان والترويج بحجة أنهن أقل من الثامنة عشرة ، وكل ذلك من فاحش الاستغلال
المسيء للطفولة ، وانتقاص لحقوقهم المصونة ، والواجب على المجتمعات حمايتهم من
الوقوع فريسة في أيدي الطامعين بحجة الدعاية والإعلان .
والواجب أيضا صيانة الطفل عن الخروج بفطرته السوية التي تنشأ على العفة والحياء ،
كي لا ينغرس في قلبه حب التبرج والتكشف وعادات الاختلاط ومصاحبة الجنس الآخر ، يقول
الله عز وجل : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ
نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ
لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) التحريم/6.
إن أعظم خيانة يمكن أن تقع على وجه الأرض هي تلك الخيانة التي يواجهها الأطفال في
براءتهم ، من خلال ” استعمالهم ” لتحقيق جشع الكبار وفحش الشركات ، وكلمة ”
الاستعمال ” نطقت بها ألسنة القائمين على هذا القطاع بدون خوف ولا استحياء ، لتظهر
حقيقة صناعتهم ، أنها ” استعمال “، و ” استغلال ” لهذا الكائن البريء الذي لا يعي
حقيقة ما يجري حوله ، وإلى أي أوحال خطيرة وعميقة يجره إليها أولئك الصنف من البشر
، ولكن الله عز وجل لهم بالمرصاد كما كان للخائنين دائما ، قال عز وجل : ( وَإِنْ
يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ
وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) الأنفال/71.
إن جيل الأطفال الذي ينشأ على حب عروض الأزياء ، والتعلق بعالم الموضة ، والاستغراق
في عالم الجسد وصورته وإبراز مفاتنه – جيلٌ محكوم عليه بالدمار والفشل ، ومحكوم على
أمته من بعده بالتخلف والرجعية ، وبتحكم سعار الشهوات في مصيرها ، هذا فضلا عن أن
هؤلاء القائمين على هذا الباب من المعصية يعلمون الإحصاءات العالمية المرتفعة
لحوادث الاعتداء الجنسي على الأطفال ، فكأنهم بذلك يبحثون عن وسائل زيادة تلك
الأرقام ومضاعفتها ، وترك أطفال العالم نهبة للنفسية الانهزامية المشتغلة دائما
بسفاسف الأمور ، ونهبة للوحوش الشهوانية المتربصة بهم ، لذلك منع الفقهاء نظر
الكبير إلى الصغير نظر شهوة واستغلال ، ومنعوا كل ما يؤدي إلى ذلك ، صيانة لعالم
الطفولة ، وقطعا لعالم الرذيلة .
أما إذا احتيج إلى صورة الطفل للعرض في شكلها اليسير ، البعيد عن عالم شركات
الأزياء والموضة الكبيرة ، والبعيد عن عالم الاختلاط والاستغلال المشين للكرامة
الإنسانية ، فلا بأس حينئذ ولا حرج ، إن شاء الله ؛ فقد تقرر جواز التصوير
الفوتوغرافي للحاجة ، خاصة وأنه ليس هو التصوير الذي ثبت النهي عنه ، وإنما هو عكس
للصورة وتثبيت لها بالآلة ، من غير صناعة يدوية في صورة ذي الروح .
وانظر في موقعنا (95322) ، (102262) .
ومن البين وجود الحاجة أحيانا لتصوير تلك النماذج ونشرها ، وهي الدعاية والإعلان
للأشياء النافعة والمفيدة ، أو للمساهمات والأعمال الخيرية أيضا ، فمراكز علاج
الأطفال يمكنها الاستعانة بصور الطفل المريض لنشر فكرتها ، وأنواع الغذاء الضروري
يمكن أن تروج من خلال نماذج الأطفال الأصحاء الذين يتناولون ذلك الغذاء ، ونحو ذلك
من الحاجات والأمور النافعة وانظر في موقعنا الفتوى رقم : (152215) ، (112019) .
والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android