0 / 0
15,31415/04/2013

هل يجوز للعامي أن يأخذ بمذهب معين من باب الرخصة ؟

السؤال: 192787

أنا مذهبي مالكي ، وأحب فتاة حباً صادقاً ونظيف ونزيه يخلو من كل ما هو محرم صدقوني أحبها حبا جما ، ولما فكرت في خطبتها فاجئوني بأنها أختي من الرضاعة الغير مباشرة يعني أرضعتها المرأة التي أرضعتني ، ولذلك فكرت في مسألة ، وهي مع حبي وعشقي الشديد لها ، هل يجوز لي أن أترخص بأحد المذاهب كمذهب الشافعي الذي يشترط في ثبوت الرضاعة 5 رضاعات ، و4 شهود وأتزوجها ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً :
سبق الكلام في الموقع أن الرضاع المُحَرِّم هو ما كان خمس رضاعات فأكثر ؛ لقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : ( كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ، ثم نسخن بخمس معلومات ) رواه مسلم (1452) .
كما سبق في الموقع – أيضاً – ترجيح القول بقبول شهادة امرأة واحدة في إثبات الرضاع ؛ وذلك لما روى البخاري (5105) عن عقبة بن الحارث رضي الله عنه قال : " تزوجت امرأة فجاءتنا امرأة سوداء ، فقالت أرضعتكما ، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم ، فقلت : تزوجت فلانة بنت فلان ، فجاءتنا امرأة سوداء ، فقالت لي : إني قد أرضعتكما ، وهي كاذبة ، فأعرض عني فأتيته من قبل وجهه قلت : إنها كاذبة ، قال : ( كَيْفَ بِهَا وَقَدْ زَعَمَتْ أَنَّهَا قَدْ أَرْضَعَتْكُمَا دَعْهَا عَنْك ) ".
فينظر في الكلام عن المسألتين السابقتين : جواب السؤال رقم : (804) ، وجواب السؤال رقم : (175250) .
على أننا ننبه هنا إلى أن ما ورد في السؤال عن مذهب الشافعي من اشتراط أربعة شهود : غير دقيق ؛ بل مذهب الشافعية في ذلك أن الرضاع يثبت بشهادة رجلين ، أو رجل وامرأتين ، أو أربعة نسوة .
وينظر : " نهاية المحتاج " للرملي (7/185) ، " الموسوعة الفقهية الكويتية " (22/254) .

ثانياً :
نص أهل العلم رحمهم الله : على أن العامي ليس له أن يتخير من المذاهب وأقوال أهل العلم ما يوافق هواه ، من باب الترخص .

قال الشاطبي رحمه الله : " ليس للمقلد أن يتخير في الخلاف ، كما إذا اختلف المجتهدون على قولين ، فوردت كذلك على المقلد ، فقد يعد بعض الناس القولين بالنسبة إليه مخيراً فيهما ، كما يخير في خصال الكفارة ، فيتبع هواه وما يوافق غرضه دون ما يخالفه ، وربما استظهر على ذلك بكلام بعض المفتين المتأخرين ، وقواه بما روى من قوله عليه الصلاة والسلام : ( أصحابي كالنجوم ) ، وقد مر الجواب عنه ، وإن صح ، فهو معمول به فيما إذا ذهب المقلد عفوًا ؛ فاستفتى صحابيا أو غيره فقلده فيما أفتاه به ، فيما له أو عليه ، وأما إذا تعارض عنده قولا مفتيين ، فالحق أن يقال : ليس بداخل تحت ظاهر الحديث ؛ لأن كل واحد منهما متبع لدليل عنده يقتضي ضد ما يقتضيه دليل صاحبه ، فهما صاحبا دليلين متضادين ، فاتباع أحدهما بالهوى اتباع للهوى ، وقد مر ما فيه ؛ فليس إلا الترجيح بالأعلمية وغيرها ، وأيضًا فالمجتهدان بالنسبة إلى العامي ، كالدليلين بالنسبة إلى المجتهد ؛ فكما يجب على المجتهد ، الترجيح أو التوقف ؛ كذلك المقلد ، ولو جاز تحكيم التشهي والأغراض في مثل هذا ؛ لجاز للحاكم وهو باطل بالإجماع .
وأيضاً : فإن في مسائل الخلاف ضابطًا قرآنيًا ينفى اتباع الهوى جملة ، وهو قوله تعالى : ( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُول ) النساء : 59 ، وهذا المقلد قد تنازع في مسألته مجتهدان ؛ فوجب ردها إلى الله والرسول ، وهو الرجوع إلى الأدلة الشرعية ، وهو أبعد من متابعة الهوى والشهوة ؛ فاختياره أحد المذهبين بالهوى والشهوة مضاد للرجوع إلى الله والرسول …. .
وأيضاً : فإن ذلك يفضي إلى تتبع رخص المذاهب من غير استناد إلى دليل شرعي ، وقد حكى ابن حزم الإجماع على أن ذلك فسق لا يحل " انتهى من " الموافقات " (5/79-82) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " إذا جوز للعامي أن يقلد من يشاء ، فالذي يدل عليه كلام أصحابنا وغيرهم أنه لا يجوز له تتبع الرخص مطلقاً " .
انتهى من " المستدرك على مجموع فتاوى شيخ الإسلام " (2/258) .

فعلى هذا ، إذا كان قد حصل منكما رضاع من تلك المرأة ، وكان ذلك الرضاع خمس رضاعات فأكثر ، فأنتما أخوان من الرضاع ، لا يجوز لكما الزواج ، ويكفي في ثبوت وقوع ذلك الرضاع شهادة امرأة واحدة ، على القول الراجح .

وأما ما ذكرت من حبك لهذه الفتاة ، فليس بهذا تنتهك حرمات الله ، ولا تتبع رخص الناس ، وأقوال المفتين ، بل هذا يقطع عنك بطلب الحلال من غيرها ، وعند سواها مثل ما عندها من أمر النساء ، فلا يستهوينك الشيطان بذلك .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android