هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم شيئا عن اليهودية والنصرانية ؟
هل كان يعلم محمد صلى الله عليه وسلم شيئاً عن المسيحية أو اليهودية؟
السؤال: 193519
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
هذا فيه تفصيل :
أما قبل النبوة والرسالة ، فلم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم شيئا عن تفاصيل اليهودية أو النصرانية أو غيرهما من الأديان ، إلا أن يكون سماعا عاما ، وأمرا مجملا ، كالذي يعلمه نظراؤه من أهل مكة في ذلك الزمان ، ممن لا علم لهم بالأخبار ، ولا درس لهم ، ولا كتاب .
وكان عدم علمه عن تفاصيل دينهم وعدم اطلاعه على كتبهم من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم ، وردا على من قال إنما يعلمه بشر ، ومن قال : أخذ علمه عن أهل الكتاب كبحيرا الراهب ونحو ذلك من الافتراءات والأكاذيب .
قال تعالى : ( وكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ ) الشورى/ 52.
قال القرطبي رحمه الله :
” … وَقِيلَ: ( مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ ) أَيْ كُنْتَ مِنْ قَوْمٍ أُمِّيِّينَ لَا يَعْرِفُونَ الْكِتَابَ وَلَا الْإِيمَانَ، حَتَّى تَكُونَ قَدْ أَخَذْتَ مَا جِئْتَهُمْ بِهِ عَمَّنْ كَانَ يَعْلَمُ ذَلِكَ مِنْهُمْ، وهو كقوله تعالى: ( وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ ) رُوِيَ مَعْنَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ” انتهى من “تفسير القرطبي” (16/ 60).
وقال السعدي رحمه الله :
” أي: ليس عندك علم بأخبار الكتب السابقة، ولا إيمان وعمل بالشرائع الإلهية، بل كنت أميا لا تخط ولا تقرأ ” انتهى من “تفسير السعدي” (ص 762) .
وقال تعالى :
( وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ) العنكبوت/ 48.
قال الشوكاني رحمه الله :
” قَالَ النَّحَّاسُ: وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى نُبُوَّتِهِ لِأَنَّهُ لَا يَكْتُبُ، وَلَا يُخَالِطُ أَهْلَ الْكِتَابِ، وَلَمْ يَكُنْ بِمَكَّةَ أَهْلُ كِتَابٍ، فَجَاءَهُمْ بِأَخْبَارِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأُمَمِ ” انتهى من “فتح القدير” (4/ 239).
وينظر : “تفسير الطبري” (15/ 551) ، “تفسير ابن جزي” (2/ 491) ، “تفسير القرطبي” (20/ 96).
أما بعد أن أكرمه الله بالنبوة فقد علم ما لم يكن يعلم من قبل ، حتى صار أعلم بدين اليهود والنصارى من أنفسهم .
قال تعالى :
( وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا ) النساء/ 113.
قال السعدي رحمه الله :
” وهذا يشمل جميع ما علمه الله تعالى ، فإنه صلى الله عليه وسلم كما وصفه الله قبل النبوة بقوله: (مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإيمَانُ) ، (وَوَجَدَكَ ضَالا فَهَدَى) .
ثم لم يزل يوحي الله إليه ويعلمه ويكمله ، حتى ارتقى مقاما من العلم يتعذر وصوله على الأولين والآخرين ” انتهى من “تفسير السعدي” (ص 201).
وقال الشنقيطي رحمه الله :
” أَيْ لَسْتَ عَالِمًا بِهَذِهِ الْعُلُومِ الَّتِي لَا تُعْرَفُ إِلَّا بِالْوَحْيِ، فَهَدَاكَ إِلَيْهَا وَعَلَّمَكَهَا بِمَا أَوْحَى إِلَيْكَ مِنْ هَذَا الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ ” انتهى من “أضواء البيان” (2/ 203).
وقد روى ابن حبان في “صحيحه” (6679) عن عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رضي الله عنه قَالَ: بُعثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ بُعِثَ ، فَكَرِهْتُهُ أَشَدَّ مَا كَرِهْتُ شَيْئًا قَطُّ، فَانْطَلَقْتُ حَتَّى كُنْتُ فِي أَقْصَى الْأَرْضِ مِمَّا يَلِيَ الرُّومَ، فَقُلْتُ: لَوْ أَتَيْتُ هَذَا الرَّجُلَ، فَإِنْ كَانَ كَاذِبًا لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ، وَإِنْ كَانَ صَادِقًا اتَّبَعْتُهُ، فَأَقْبَلْتُ، فَلَمَّا قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ اسْتَشْرَفَ لِي النَّاسُ، وَقَالُوا: جَاءَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ، جَاءَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِي: ( يَا عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ ؛ أَسْلِمْ ، تَسْلَمْ !! ) قَالَ : قُلْتُ: إِنَّ لِي دِينًا، قَالَ: ( أَنَا أَعْلَمُ بِدِينِكَ مِنْكَ – مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا – أَلَسْتَ تَرْأَسُ قَوْمَكَ؟ ) قَالَ: قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: ( أَلَسْتَ- تَأْكُلُ-الْمِرْبَاعَ؟ ) قَالَ: قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: ( فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَحِلُّ لَكَ فِي دِينِكَ ) قَالَ: فَتَضَعْضَعْتُ لِذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: ( يَا عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ … ) وذكر الحديث .
قال الشيخ شعيب الأرناءوط : ” إسناده قوي ” .
والشاهد منه قوله : ( أنا أعلم بدينك منك ) ثم بيّن له .
راجع للاستزادة جواب السؤال رقم : (162219).
والله تعالى أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة