0 / 0
107,57027/05/2013

شروط الصيد

السؤال: 194080

هل يبيح الإسلام الصيد ؟ وما هي شروط الصيد ؟ وهل يباح أن أصطاد سرا ؛ لأن الصيد محرم في الدولة التي أقطن فيها ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
الأصل في صيد البر الإباحة إلا لمن أحرم بالحج أو العمرة ، أو كان في حدود الحرم ، ولو لم يكن مُحرِما .
وأما صيد السمك وغيره من صيد البحر ، فمباح للمحرِم وغيره .
فمن اصطاد الحيوانات المباحة ، للانتفاع بها بالتكسب ببيعها ، أو أكلها ، أو هبتها ونحو ذلك : فلا حرج عليه باتفاق العلماء .
راجع جواب السؤال رقم : (152261) .
ثانيا :
شروط الصيد في البر تتعلق بكل من الصائد والمصيد والآلة ، ونحن نذكر مختصرا في بيان ذلك :
فمما يشترط للصائد لصحة الصيد ما يلي :
– أَنْ يَكُونَ عَاقِلاً ، مُمَيِّزًا ، وَهَذَا عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ : ( الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ ) .
وَذَلِكَ لأِنَّ الصَّبِيَّ غَيْرَ الْعَاقِل لَيْسَ أَهْلاً لِلتَّذْكِيَةِ عِنْدَهُمْ ، فَلاَ يَكُونُ أَهْلاً لِلاِصْطِيَادِ ، وَلأِنَّ الصَّيْدَ يَحْتَاجُ إِلَى الْقَصْدِ وَالتَّسْمِيَةِ ، وَهُمَا لاَ يَصِحَّانِ مِمَّنْ لاَ يَعْقِل ، كَمَا عَلَّلَهُ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ.
– أَنْ يَكُونَ حَلاَلاً ، فَإِنْ كَانَ مُحْرِمًا بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ لَمْ يُؤْكَل مَا صَادَهُ ، بَل يَكُونُ مَيْتَةً .
– أَنْ يَكُونَ ممن تحل ذبيحته ، بأن يكون مسلماً أو كتابياً ، فلا يحل صيد المشرك والمجوسي والشيوعي الملحد والمرتد ونحو ذلك .
وعلى ذلك فلا يحل صيد تارك الصلاة بالكلية ولا تحل ذبيحته لأنه كافر مرتد .
راجع إجابة السؤال رقم : (106051) .
– يُشْتَرَطُ فِي الصَّائِدِ أَنْ يُسَمِّيَ اللَّهَ تَعَالَى عِنْدَ الإْرْسَال أَوِ الرَّمْيِ ، وَذَلِكَ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ: الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ .
– يُشْتَرَطُ فِي الصَّائِدِ أَنْ يَقْصِدَ بِإِرْسَالِهِ صَيْدَ مَا يُبَاحُ صَيْدُهُ ، فَلَوْ أَرْسَل سَهْمًا أَوْ جَارِحَةً عَلَى إِنْسَانٍ أَوْ حَيَوَانٍ مُسْتَأْنَسٍ ، أَوْ حَجَرٍ فَأَصَابَتْ صَيْدًا لَمْ يَحِل .
ثانيا :
ما يشترط في المصيد :
– يُشْتَرَطُ فِي الْمَصِيدِ أَنْ يَكُونَ حَيَوَانًا مَأْكُول اللَّحْمِ أَيْ جَائِزَ الأْكْل ، وَهَذَا عِنْدَ جَمِيعِ الْفُقَهَاءِ إِذَا كَانَ الصَّيْدُ لأِجْل الأْكْل .
أَمَّا مُطْلَقُ الصَّيْدِ فَاخْتَلَفُوا فِيهِ :
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ أَنْ يَكُونَ الصَّيْدُ مَأْكُول اللَّحْمِ ، بَل يَجُوزُ عِنْدَهُمْ صَيْدُ مَا يُؤْكَل لَحْمُهُ وَمَا لاَ يُؤْكَل لَحْمُهُ لِمَنْفَعَةِ جِلْدِهِ أَوْ شَعْرِهِ أَوْ رِيشِهِ ، أَوْ لِدَفْعِ شَرِّهِ .
أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فَلاَ يُجِيزُونَ صَيْدَ أَوْ ذَكَاةَ غَيْرِ مَأْكُول اللَّحْمِ .
– أَنْ يَكُونَ الْمَصِيدُ حَيَوَانًا مُتَوَحِّشًا مُمْتَنِعًا عَنِ الآْدَمِيِّ بِقَوَائِمِهِ أَوْ بِجَنَاحَيْهِ، وَالْمُرَادُ بِالتَّوَحُّشِ – التَّوَحُّشُ بِأَصْل الْخِلْقَةِ وَالطَّبِيعَةِ ، أَيْ: لاَ يُمْكِنُ أَخْذُهُ إِلاَّ بِحِيلَةٍ.
أما الحيوانات الأهلية التي لها أصحاب فلا يجوز صيدها .
– أَنْ لاَ يَكُونَ صَيْدَ الْحَرَمِ : فَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ فِي الْحَرَمِ صَيْدُ الْحَيَوَانِ الْبَرِّيِّ – أَيْ مَا يَكُونُ تَوَالُدُهُ وَتَنَاسُلُهُ فِي الْبَرِّ – سَوَاءٌ أَكَانَ مَأْكُول اللَّحْمِ أَمْ غَيْرَ مَأْكُول اللَّحْمِ .
– أَنْ لاَ يَغِيبَ عَنِ الصَّائِدِ مُدَّةً طَوِيلَةً وَهُوَ قَاعِدٌ عَنْ طَلَبِهِ ، فَإِنْ تَوَارَى الصَّيْدُ عَنْهُ ، وَقَعَدَ عَنْ طَلَبِهِ لَمْ يُؤْكَل ، أَمَّا إِذَا لَمْ يَتَوَارَ، أَوْ تَوَارَى وَلَمْ يَقْعُدْ عَنْ طَلَبِهِ أُكِل ، وَهَذَا مَحَل اتِّفَاقٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي الْجُمْلَةِ .
– إِذَا رَمَى صَيْدًا فَأَبَانَ مِنْهُ عُضْوًا ، وَبَقِيَ الصَّيْدُ حَيًّا حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً يَحْرُمُ الْعُضْوُ الْمُبَانُ بِلاَ خِلاَفٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَا قُطِعَ مِنَ الْبَهِيمَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ فَهِيَ مَيْتَةٌ ) رواه أبو داود (2858) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود" .
أَمَّا الْمَقْطُوعُ مِنْهُ ، وَهُوَ الْحَيَوَانُ الْحَيُّ ، فَلاَ بُدَّ فِيهِ مِنْ ذَكَاةٍ ، وَإِلاَّ يَحْرُمُ – أَيْضًا – بِاتِّفَاقٍ .
أَمَّا الْمَصِيدُ الْبَحْرِيُّ فَلاَ تُشْتَرَطُ فِيهِ هَذِهِ الشُّرُوطُ .
وَيَجُوزُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ : ( الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ الأْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ) صَيْدُ وَأَكْل جَمِيعِ حَيَوَانَاتِ الْبَحْرِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ سَمَكًا أَمْ غَيْرَهُ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى : ( أُحِل لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ ) أَيْ مَصِيدُهُ .
فجميع حيوانات البحر التي لا تعيش إلى في الماء حلال ، حيها وميتها .
راجع إجابة السؤال رقم : (182508) .
ثالثا : شروط آلة الصيد :
آلَةُ الصَّيْدِ نَوْعَانِ: أَدَاةٌ جَامِدَةٌ ، أَوْ حَيَوَانٌ.
أَوَّلاً – الأْدَاةُ الْجَامِدَةُ :
– يشترط أَنْ تَكُونَ الآْلَةُ مُحَدَّدَةً تَجْرَحُ وَتُؤَثِّرُ فِي اللَّحْمِ بِالْقَطْعِ أَوِ الْخَزْقِ ، وَإِلاَّ لاَ يَحِل بِغَيْرِ الذَّبْحِ.
وَلاَ يُشْتَرَطُ فِيهَا أَنْ تَكُونَ مِنَ الْحَدِيدِ ، فَيَصِحُّ الاِصْطِيَادُ بِكُل آلَةٍ حَادَّةٍ ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ حَدِيدَةً ، أَمْ خَشَبَةً حَادَّةً ، أَمْ حِجَارَةً مُرَقَّقَةَ الرَّأْسِ ، أَمْ نَحْوَهَا تَنْفُذُ دَاخِل الْجِسْمِ .
– ويشترط أَنْ تُصِيبَ الصَّيْدَ بِحَدِّهَا فَتَجْرَحَهُ ، وَيُتَيَقَّنَ كَوْنُ الْمَوْتِ بِالْجُرْحِ ، وَإِلاَّ لاَ يَحِل أَكْلُهُ؛ لأِنَّ مَا يُقْتَل بِعَرْضِ الآْلَةِ أَوْ بِثِقَلِهِ يُعْتَبَرُ مَوْقُوذَةً لا تحل .
– يحل الصيد بالبندقية ، فإذا رميت بالبندقية صيوداً من طيور أو غيرها كالأرانب والظباء وسميت الله على ذلك حين إطلاق السهم فإنها تكون حلالا ، ولو وجدتها ميتة .
راجع إجابة السؤال رقم : (121239) .
– ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى عَدَمِ جَوَازِ الاِصْطِيَادِ بِالسَّهْمِ الْمَسْمُومِ إِذَا تَيَقَّنَ أَوْ ظَنَّ أَنَّ السُّمَّ أَعَانَ عَلَى قَتْل الصَّيْدِ أَوِ احْتُمِل ذَلِكَ ، لأِنَّهُ اجْتَمَعَ فِي قَتْلِهِ مُبِيحٌ وَمُحَرَّمٌ ، فَغَلَبَ الْمُحَرَّمُ، كَمَا لَوِ اجْتَمَعَ سَهْمُ مَجُوسِيٍّ وَمُسْلِمٍ فِي قَتْل الْحَيَوَانِ. فَإِنْ لَمْ يُحْتَمَل ذَلِكَ فَلاَ يَحْرُمُ .
ثانيا : الحيوان :
يَجُوزُ الاِصْطِيَادُ بِالْحَيَوَانِ الْمُعَلَّمِ وَهُوَ مَا يُسَمَّى بِالْجَوَارِحِ ، مِنَ الْكِلاَبِ وَالسِّبَاعِ وَالطُّيُورِ مِمَّا لَهُ نَابٌ أَوْ مِخْلَبٌ ، وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الْكَلْبُ الْمُعَلَّمُ وَالْفَهْدُ وَالنَّمِرُ وَالأْسَدُ وَالْبَازِي وَسَائِرُ الْجَوَارِحِ الْمُعَلَّمَةِ ، كَالشَّاهِينِ وَالْبَاشِقِ وَالْعُقَابِ وَالصَّقْرِ وَنَحْوِهَا.
فَالْقَاعِدَةُ : أَنَّ كُل مَا يَقْبَل التَّعْلِيمَ وَعُلِّمَ يَجُوزُ الاِصْطِيَادُ بِهِ فِي الْجُمْلَةِ .
وَيُشْتَرَطُ فِي الْحَيَوَانِ الشُّرُوطُ التَّالِيَةُ :
– يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مُعَلَّمًا ، وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى ( وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ ) المائدة / 4 .
– أَنْ يَجْرَحَ الْحَيَوَانُ الصَّيْدَ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ مِنْ بَدَنِهِ ، وَهَذَا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَالْمُفْتَى بِهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ ، وَمُقَابِل الأْظْهَرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ .
فَلَوْ قَتَلَهُ الْجَارِحُ بِصَدْمٍ ، أَوْ عَضٍّ بِلاَ جُرْحٍ لَمْ يُبَحْ ، كَالْمِعْرَاضِ إِذَا قَتَل بِعَرْضِهِ أَوْ ثِقَلِهِ ، وَكَذَا لَوْ أَرْسَل الْكَلْبَ فَأَصَابَ الصَّيْدَ وَكَسَرَ عُنُقَهُ وَلَمْ يَجْرَحْهُ ، أَوْ جَثَمَ عَلَى صَدْرِهِ وَخَنَقَهُ .
– أَنْ يَكُونَ الْحَيَوَانُ مُرْسَلاً مِنْ قِبَل مُسْلِمٍ أَوْ كِتَابِيٍّ مَقْرُونًا بِالتَّسْمِيَةِ ، فَلَوِ انْبَعَثَ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ ، أَوِ انْفَلَتَ مِنْ يَدِ صَاحِبِهِ ، أَوْ تَرَكَ التَّسْمِيَةَ عِنْدَ الإْرْسَال فَأَخَذَ صَيْدًا وَقَتَلَهُ لَمْ يُؤْكَل ، وَذَلِكَ فِي الْجُمْلَةِ.
– أَنْ لاَ يَشْتَغِل الْحَيَوَانُ بِعَمَلٍ آخَرَ بَعْدَ الإْرْسَال ، وَذَلِكَ لِيَكُونَ الاِصْطِيَادُ مَنْسُوبًا لِلإْرْسَال ، وَهَذَا الشَّرْطُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ .
– اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا اشْتَرَكَ فِي الصَّيْدِ مَنْ يَحِل صَيْدُهُ كَمُسْلِمٍ وَنَصْرَانِيٍّ مَعَ مَنْ لاَ يَحِل صَيْدُهُ ، كَمَجُوسِيٍّ أَوْ وَثَنِيٍّ فَإِنَّ الصَّيْدَ حَرَامٌ لاَ يُؤْكَل ، وَذَلِكَ عَمَلاً بِقَاعِدَةِ تَغْلِيبِ جَانِبِ الْحُرْمَةِ عَلَى جَانِبِ الْحِل .
وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ شَارَكَ مَجُوسِيٌّ مُسْلِمًا، كَأَنْ رَمَيَا صَيْدًا أَوْ أَرْسَلاَ عَلَيْهِ جَارِحًا يَحْرُمُ الصَّيْدُ ، لأِنَّهُ اجْتَمَعَ فِي قَتْلِهِ مُبِيحٌ وَمُحَرِّمٌ، فَغَلَّبْنَا التَّحْرِيمَ .
انظر : "الموسوعة الفقهية" (28/ 117-142) .
ثالثا :
إذا كانت قوانين الدولة وأنظمتها لا تسمح بالصيد وتمنع منه فلا يجوز الصيد ؛ لأن في ذلك مخالفة لأنظمة الدولة التي دخلها بتأشيرة وعقد عمل يجب عليه أن يلتزمه ويوفي لهم بما شرطوا ، وهم لا يسمحون له بدخول دولتهم إلا بالالتزام بأنظمتها وقوانينها ، والغالب أن منع الدولة الصيد يكون منوطا بالمصلحة العامة ، وحينئذ يجب الالتزام به .
وعلى فرض عدم وجوب الالتزام به فإن في مخالفته التعرض للعقوبة وربما للإبعاد من البلاد ، والعاقل لا يسعي إلى وقوع الضرر بنفسه وأهله .
راجع إجابة السؤال رقم : (109188) ، والسؤال رقم : (182467) .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android