0 / 0

تسأل : لماذا ذكر النساء بصفات مذمومة في بعض الأحاديث ؟

السؤال: 197566

قرأت حديث ( إن الفساق هم أهل النار . قيل : يا رسول الله ومن الفساق ؟ قال : النساء . قال رجل : يا رسول الله أولسن أمهاتنا وأخواتنا وأزواجنا ؟ قال : بلى ولكنهن إذا أعطين لم يشكرن وإذا ابتلين لم يصبرن) و لم أفهم : لماذا خص الفسق بالنساء ، وخص بهن صفات عدم الشكر وعدم البر مع وجودها في الرجال أيضا.

السؤال الثاني :

في حديث آخر إن النساء أكثر أهل النار ، لأنهن يكفرن العشير ، مع العلم أن هذا ليس خاصا بالنساء فقط ، وهل هو ذنب أكبر مما يفعله الرجال من حروب وقتل وظلم ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
روى الإمام أحمد (15531) والحاكم (2773) والبيهقي في “الشعب” (9346) عن عَبْد الرَّحْمَنِ بْن شِبْلٍ رضي الله عنه قال : قال رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ الْفُسَّاقَ هُمْ أَهْلُ النَّارِ ) قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَنِ الْفُسَّاقُ؟ قَالَ: ( النِّسَاءُ ) قَالَ: رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللهِ، أَوَلَسْنَ أُمَّهَاتِنَا، وَأَخَوَاتِنَا، وَأَزْوَاجَنَا؟ قَالَ: ( بَلَى، وَلَكِنَّهُنّ إِذَا أُعْطِينَ لَمْ يَشْكُرْنَ، وَإِذَا ابْتُلِينَ لَمْ يَصْبِرْنَ )
وصححه الألباني في “الصحيحة” (3058)

وليس المراد من الحديث : ذم عموم النساء بذلك ؛ كيف وقد قال الله تعالى : ( إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ) الأحزاب/35 ، ونحو ذلك من الآيات الكثيرة ، والأصول الشرعية العظيمة المقررة .

وإنما المراد بذلك ونحوه من أحاديث الوعيد : التحذير من الفعل ، وبيان جزاء صاحبه عند الله يوم القيامة ، ليحذر العاقل من الوقوع في مثله .

وأما تخصيص النساء بذلك : فلأنه مثل هذا الخلق غالب عليهن ، كثير فيهن ، باعتبار الجنس ، وإن كان من شاركهن في مثل هذه الأخلاق ، وأتى بتلك الأعمال من الرجال : فهو من أهل هذا الوعيد أيضا ؛ لكن مثل ذلك الخلق : أقل في جنس الرجال ، منه في النساء .

ومثل هذا : يشبه قوله صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ التُّجَّارَ هُمُ الْفُجَّارُ ) قَالَ: رَجُلٌ يَا نَبِيَّ اللهِ أَلَمْ يُحِلَّ اللهُ الْبَيْعَ؟ قَالَ: ( إِنَّهُمْ يَقُولُونَ فَيَكْذِبُونَ، وَيَحْلِفُونَ وَيَأْثَمُونَ ) وقد رواه أحمد (15530) عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِبْلٍ الْأَنْصَارِيِّ، وصححه الألباني في “الصحيحة” (366)
فهذا – أيضا – ليس ذما لعموم التجار ؛ كيف وقد كان في خيار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : التجار ؛ وإنما هو تحذير من ذلك العمل ، ووعيد لأهله ، وبيان أن مثل ذلك : الفجور والكذب : كثير في جنس التجار ؛ فحقيق بكل تاجر عاقل : أن يحذر مثل ذلك ، ويحرص على البر في تجارته ، وبيعه وشرائه .

وأما من لم تكن من النساء بتلك المثابة ، وكانت شاكرة لله تعالى ولزوجها ، صابرة على أمر الله : فلا يلحقها هذا الذم قطعا ، وإنما تدخل في قوله صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا صَلَّتْ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا وَصَامَتْ شَهْرَهَا وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ ) . رواه أحمد (1664) وصححه الألباني في “صحيح الجامع” (660) .

ثانيا :
وأما الحديث الآخر : فقد رواه البخاري (304) من حديث أبي سعيد ، ومسلم (79) من حديث ابن عمر عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ( يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ، تَصَدَّقْنَ وَأَكْثِرْنَ الِاسْتِغْفَارَ، فَإِنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ ) فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ : وَمَا لَنَا يَا رَسُولَ اللهِ أَكْثَرُ أَهْلِ النَّارِ؟ قَالَ: ( تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ) . واللفظ لمسلم .
قال بدر الدين العيني رحمه الله :
قَالَ الْمُهلب: ” إِنَّمَا تسْتَحقّ النِّسَاء النَّار : لكفرهن العشير. وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: إِنَّمَا كَانَ النِّسَاء أقل سَاكِني الْجنَّة : لما يغلب عَلَيْهِنَّ الْهوى والميل إِلَى عَاجل زِينَة الْحَيَاة الدُّنْيَا، ولنقصان عقولهن، فيضعفن عَن عمل الْآخِرَة وَالتَّأَهُّب لَهَا ، لميلهن إِلَى الدُّنْيَا والتزين بهَا، وأكثرهن معرضات عَن الْآخِرَة ، سريعات الانخداع لراغبيهن من المعرضين عَن الدّين، عسيرات الاستجابة لمن يدعوهن إِلَى الْآخِرَة وأعمالها ” انتهى من “عمدة القاري” (15/ 152) .

ثالثا:
ما ذكرته السائلة من الإشارة إلى أن الرجال يفعلون أكثر من ذلك : بإشعال نار الحرب والقتل والظلم ؟
يقال فيه :
لا شك أن من يفعل ذلك من الرجال مستحق للعذاب ، وقد جاءت النصوص الشرعية الكثيرة بتحريم الظلم والقتل والتوعد الشديد على ذلك .
لكن : ما علاقة هذا بما ذكر في شأن النساء ؟
ومن قال : إن ما تقع فيه النساء ، مما سبق الإشارة إليه ، أشد من هذه الجرائم : من القتل ، والظلم ، ونحو ذلك ؟
ومن قال : إن مثل هؤلاء الرجال: جزاؤهم عند الله أخف وأقل من جزاء النساء ؟ ومن قال : إن هذا الحديث فيه كل الدين ، وفيه بيان التحذير من جميع المنهيات الشرعية ؟
لكن الذي يظهر ، والله أعلم : أن من يقع في هذه الأعمال من الرجال ، أقل ممن يقع في عمل النساء المذكورات ، فلهذا – والله أعلم – يكون من يدخل النار من النساء ، بهذه الجرائم ، أكثر ممن يدخلها من الرجال ، بالجرائم المذكورة ، وإن كانت هذه الجرائم الأخيرة : القتل ، الظلم .. أعظم شناعة ، وأشد عذابا من الأولى ، لكن الكلام هنا عن : “الأكثرية” ، وليس عن : “الأشدية” .

وعلى أية حال : فأحاديث الوعيد : هي من أمور الغيب ، التي لا مجال للعقل فيها ، وإنما يرجع فيها إلى التسليم إلى ما ورد به الشرع .

يراجع للفائدة جواب السؤال رقم : (21457) ، (111867) .
والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android