0 / 0

كان ذو الخويصرة التميمي منافقا .

السؤال: 197919

هناك رواية تذكر أن عبد الله بن الخويصرة التميمي قال للنبي صلي الله عليه وسلم : اعدل .

فهل يعد بقوله هذا مرتدا أو منافقا ؟

وهل يمكن أن تذكروا لي أقوال العلماء حول هذه الرواية ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

روى البخاري (3610) ومسلم (1064) عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : " بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقْسِمُ قِسْمًا أَتَاهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْدِلْ ، فَقَالَ : ( وَيْلَكَ ! وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ ؟! قَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ ) ، فَقَالَ عُمَرُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي فِيهِ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ ، فَقَالَ : ( دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ ، آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ أَوْ مِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ (أي تضطرب) وَيَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنْ النَّاسِ ) .
وذو الخويصرة هذا هو رأس الخوارج ، راجع إجابة السؤال رقم : (191140) .
وفي رواية عن أبي سعيد أيضا قال :
" بَعَثَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ اليَمَنِ بِذُهَيْبَةٍ فِي أَدِيمٍ مَقْرُوظٍ ، لَمْ تُحَصَّلْ مِنْ تُرَابِهَا ، قَالَ: فَقَسَمَهَا بَيْنَ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ، بَيْنَ عُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ، وَأَقْرَعَ بْنِ حابِسٍ ، وَزَيْدِ الخَيْلِ ، وَالرَّابِعُ : إِمَّا عَلْقَمَةُ وَإِمَّا عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ : كُنَّا نَحْنُ أَحَقَّ بِهَذَا مِنْ هَؤُلاَءِ ، قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ( أَلاَ تَأْمَنُونِي وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ، يَأْتِينِي خَبَرُ السَّمَاءِ صَبَاحًا وَمَسَاءً ) ، قَالَ: فَقَامَ رَجُلٌ غَائِرُ العَيْنَيْنِ ، مُشْرِفُ الوَجْنَتَيْنِ ، نَاشِزُ الجَبْهَةِ ، كَثُّ اللِّحْيَةِ ، مَحْلُوقُ الرَّأْسِ ، مُشَمَّرُ الإِزَارِ ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اتَّقِ اللَّهَ ، قَالَ: ( وَيْلَكَ ، أَوَلَسْتُ أَحَقَّ أَهْلِ الأَرْضِ أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ ) قَالَ: ثُمَّ وَلَّى الرَّجُلُ ، قَالَ خَالِدُ بْنُ الوَلِيدِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَلاَ أَضْرِبُ عُنُقَهُ ؟ قَالَ: ( لاَ، لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ يُصَلِّي ) فَقَالَ خَالِدٌ: وَكَمْ مِنْ مُصَلٍّ يَقُولُ بِلِسَانِهِ مَا لَيْسَ فِي قَلْبِهِ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَلاَ أَشُقَّ بُطُونَهُمْ ) قَالَ: ثُمَّ نَظَرَ إِلَيْهِ وَهُوَ مُقَفٍّ ، فَقَالَ: ( إِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمٌ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ رَطْبًا، لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ ) رواه البخاري (4351) ومسلم (1064) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" وهذا الرجل هو ذو الخويصرة التميمي " انتهى .
وقد كان هذا الرجل منافقا :
– قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" هذا الرجل قد نص القرآن أنه من المنافقين بقوله : ( وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ ) أي يعيبك ويطعن عليك ، وقوله للنبي صلى الله عليه وسلم: اعدل واتق الله ، بعدما خص بالمال أولئك الأربعة : نسب للنبي صلى الله عليه وسلم إلى أنه جار ، ولم يتق الله ؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( أو لست أحق أهل الأرض أن يتقي الله ؟! ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء؟! ) .
ومثل هذا الكلام لا ريب أنه يوجب القتل ، لو قاله اليوم أحد ؛ وإنما لم يقتله النبي صلى الله عليه وسلم لأنه كان يظهر الإسلام ، وهو الصلاة التي يقاتل الناس حتى يفعلوها ، وإنما كان نفاقه بما يخص النبي صلى الله عليه وسلم من الأذى ، وكان له أن يعفو عنه ، وكان يعفو عنهم تأليفا للقلوب ، لئلا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه " انتهى من "الصارم المسلول" (ص 228-229) .
– ويدل على ذلك أيضا ما رواه مسلم (1063) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: " أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْجِعْرَانَةِ مُنْصَرَفَهُ مِنْ حُنَيْنٍ ، وَفِي ثَوْبِ بِلَالٍ فِضَّةٌ ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْبِضُ مِنْهَا، يُعْطِي النَّاسَ ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ : اعْدِلْ ، قَالَ: ( وَيْلَكَ وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ ؟ لَقَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ ) فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : دَعْنِي، يَا رَسُولَ اللهِ فَأَقْتُلَ هَذَا الْمُنَافِقَ ، فَقَالَ : ( مَعَاذَ اللهِ ، أَنْ يَتَحَدَّثَ النَّاسُ أَنِّي أَقْتُلُ أَصْحَابِي، إِنَّ هَذَا وَأَصْحَابَهُ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ ، لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ ، يَمْرُقُونَ مِنْهُ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ ) .
فلم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم على عمر رضي الله عنه تسميته بالمنافق .
– ويدل عليه أيضا رواية البخاري لحديث أبي سعيد المتقدم (6933) وفيه : قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: أَشْهَدُ سَمِعْتُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيًّا، قَتَلَهُمْ ، وَأَنَا مَعَهُ ، جِيءَ بِالرَّجُلِ عَلَى النَّعْتِ الَّذِي نَعَتَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ: فَنَزَلَتْ فِيهِ: ( وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ ) التوبة/ 58 .
وقوله تعالى : ( وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ) إنما نزل في أهل النفاق .
قال ابن كثير رحمه الله :
" يَقُولُ تَعَالَى: (وَمِنْهُمْ) أَيْ وَمِنَ الْمُنَافِقِينَ (مَنْ يَلْمِزُكَ) أَيْ يَعِيبُ عَلَيْكَ فِي قَسْمَ الصَّدَقاتِ إِذَا فَرَّقْتَهَا ، وَيَتَّهِمُكَ فِي ذَلِكَ ، وَهُمُ الْمُتَّهَمُونَ الْمَأْبُونُونَ ، وَهُمْ مَعَ هَذَا لَا يُنْكِرُونَ لِلدِّينِ ، وإنما ينكرون لحظ أنفسهم ؛ ولهذا فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ ؛ أَيْ يَغْضَبُونَ لِأَنْفُسِهِمْ .. " انتهى من "تفسير ابن كثير" (4/ 144) .

وقال القاري رحمه الله :
" ذُو الْخُوَيْصِرَةِ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ ، نَزَلَ فِيهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: ( وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ ) ، فَهُوَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ " انتهى مختصرا من "مرقاة المفاتيح" (9/ 3796) .

وينظر :
– عمدة القاري (16/143)
– دليل الفالحين (1/186)
– تفسير ابن عطية (3/46)
– شرح الزرقاني على الموطأ (1/251)
– "التحرير والتنوير" (10/ 232)
وراجع إجابة السؤال رقم : (148986) لمعرفة الفرق بين المنافق والمرتد .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android