0 / 0

هل يعني كون الكافر فكاك المسلم من النار أن النار لا يدخلها قط أحد من المسلمين ؟

السؤال: 198745

لدي سؤال عن حديث قرأته وكنت أتساءل عن شخص يشرحه شرحا مفصلا ، وهل يقصد بذلك الحديث أنه لن يدخل النار مسلم قط ؟

والحديث كالتالي :

روى أبو بريدة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ( إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ دَفَعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى كُلِّ مُسْلِمٍ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا ، فَيَقُولُ : هَذَا فِكَاكُكَ مِنْ النَّارِ ). وكان سعيد بن أبي بردة قد حدَّث بهذا الحديث أمام عمر بن عبد العزيز ، فاستحلفه عمر بن عبد العزيز بالله الذي لا إله إلا هو ثلاث مرات أن أباه حدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : فحلف له " .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

روى مسلم (2767) عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ ، دَفَعَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى كُلِّ مُسْلِمٍ ، يَهُودِيًّا، أَوْ نَصْرَانِيًّا ، فَيَقُولُ : هَذَا فِكَاكُكَ مِنَ النَّارِ )
وفي رواية له أيضا (2767) عن أبي بُرْدَةَ أنه حدث عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَا يَمُوتُ رَجُلٌ مُسْلِمٌ إِلَّا أَدْخَلَ اللهُ مَكَانَهُ النَّارَ، يَهُودِيًّا، أَوْ نَصْرَانِيًّا ) ، قَالَ: فَاسْتَحْلَفَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِاللهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَحَلَفَ لَهُ ".
وروى ابن ماجة (4341) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا لَهُ مَنْزِلَانِ : مَنْزِلٌ فِي الْجَنَّةِ ، وَمَنْزِلٌ فِي النَّارِ، فَإِذَا مَاتَ ، فَدَخَلَ النَّارَ، وَرِثَ أَهْلُ الْجَنَّةِ مَنْزِلَهُ ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: (أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ) ).
وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجة" .
قال النووي رحمه الله :
" ( الْفَكَاك ): الْخَلَاص وَالْفِدَاء . وَمَعْنَى هَذَا الْحَدِيث مَا جَاءَ فِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة : لِكُلِّ أَحَد مَنْزِل فِي الْجَنَّة وَمَنْزِل فِي النَّار ؛ فَالْمُؤْمِن إِذَا دَخَلَ الْجَنَّة : خَلَفَه الْكَافِر فِي النَّار لِاسْتِحْقَاقِهِ ذَلِكَ بِكُفْرِهِ ، مَعْنَى ( فَكَاكك مِنْ النَّار ) أَنَّك كُنْت مُعَرَّضًا لِدُخُولِ النَّار , وَهَذَا فَكَاكك ; لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى قَدَّرَ لَهَا عَدَدًا يَمْلَؤُهَا , فَإِذَا دَخَلَهَا الْكُفَّار بِكُفْرِهِمْ وَذُنُوبهمْ ، صَارُوا فِي مَعْنَى الْفَكَاك لِلْمُسْلِمِينَ " انتهى من " شرح مسلم للنووى" (17/85) .
وقَالَ الْقَاضِي عياض رَحِمَهُ اللَّهُ :
" لَمَّا كَانَ لِكُلِّ مُكَلَّفٍ مَقْعَدٌ مِنَ الْجَنَّةِ وَمَقْعَدٌ مِنَ النَّارِ، فَمَنْ آمَنَ حَقَّ الْإِيمَانِ بُدِّلَ مَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ بِمَقْعَدٍ مِنَ الْجَنَّةِ ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ فَبِالْعَكْسِ ، كَانَتِ الْكَفَرَةُ كَالْخَلَفِ لِلْمُؤْمِنِينَ فِي مَقَاعِدِهِمْ مِنَ النَّارِ ، وَالنَّائِبِ مَنَابَهُمْ فِيهَا، وَأَيْضًا لَمَّا سَبَقَ الْقَسَمُ الْإِلَهِيُّ بِمَلْءِ جَهَنَّمَ ، كَانَ مَلْؤُهَا مِنَ الْكُفَّارِ خَلَاصًا لِلْمُؤْمِنِينَ وَنَجَاةً لَهُمْ مِنَ النَّارِ، فَهُمْ فِي ذَلِكَ لِلْمُؤْمِنِينَ كَالْفِدَاءِ وَالْفِكَاكِ ، وَلَعَلَّ تَخْصِيصَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى بِالذِّكْرِ ; لِاشْتِهَارِهِمَا بِمُضَادَّةِ الْمُسْلِمِينَ ، وَمُقَابَلَتِهِمَا إِيَّاهُمْ فِي تَصْدِيقِ الرَّسُولِ الْمُقْتَضِي لِنَجَاتِهِمْ " انتهى من "مرقاة المفاتيح" (8/ 3525) .

وحاصل ذلك كله :
أن لكل مسلم يوم القيامة يهوديا أو نصرانيا ، يكون فكاكه من النار ، ولا يخالف ذلك دخول بعض عصاة المسلمين النار بذنوبهم ليطهرهم الله منها ؛ لأنهم يدخلونها ، ثم يخرجون منها برحمة الله ، ثم يدخلون الجنة ، فيرثون مقاعد الكفار فيها ؛ لأن الله حرمها على الكافرين .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( دَفَعَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، يَهُودِيًّا، أَوْ نَصْرَانِيًّا، فَيَقُولُ: هَذَا فِكَاكُكَ مِنَ النَّارِ ) يدل على أن هذا الفضل يعم كل المسلمين دون استثناء أحد منهم ، لأن الفكاك هو الخلاص كما تقدم ، والخلاص يكون لكل مسلم ، ولا ينافي ذلك دخوله النار ؛ لأن دخوله إياها يكون دخول تطهير .

قال ابن القيم رحمه الله :
" فالجنة لا يدخلها خبيث ، ولا من فيه شيء من الخبث ، فمن تطهر في الدنيا ولقي الله طاهراً من نجاساته : دخلها بغير معوق ، ومن لم يتطهر في الدنيا ، فإن كانت نجاسته عينية كالكافر : لم يدخلها بحال ، وإن كانت نجاسته كسبية عارضة : دخلها بعد ما يتطهر في النار من تلك النجاسة ، ثم يخرج منها " انتهى من "إغاثة اللهفان" (1/ 56) .
ولذلك قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ نَفَعَتْهُ يَوْمًا مِنْ دَهْرِهِ ، أَصَابَهُ قَبْلَ ذَلِكَ مَا أَصَابَهُ ) رواه الطبراني في "المعجم الأوسط" (6396) وصححه الألباني في "صحيح الترغيب" (1525) .

راجع لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم : (147996) ، ورقم : (138650) .

والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android