0 / 0

حديث ضعيف في أن الله جعل الملوحة في العينين ، والمرارة في الأذنين ..

السؤال: 198859

ما صحة هذا الحديث ؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله تعالى بمنه وفضله جعل لابن آدم الملوحة في العينين ؛ لأنهما شحمتان , ولولا ذلك لذابتا.

وإن الله تعالى بمنه وفضله ورحمته على ابن آدم جعل المرارة في الأذنين حجابًا من الدواب , فإن دخلت الرأس دابة والتمست إلى الدماغ ، فإذا ذاقت المرارة التمست الخروج .

وإن الله تعالى بمنه وفضله ورحمته على ابن آدم جعل الحرارة في المنخر يستنشق بهما الريح , ولولا ذلك لأنتن الدماغ .

وإن الله تعالى بمنه وكرمه ورحمته لابن آدم جعل العذوبة في الشفتين يجد بهما استطعام كل شيء , ويسمع الناس بها حلاوة منطقه”

وأنا أعتقد أنه ضعيف؛ لأن فيه أخطاء علمية .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

هذا الحديث رواه أبو نعيم رحمه الله في “حلية الأولياء” (3/ 196) فقال :
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَنْبَسَةَ ، ثَنَا عَمْرُو بْنُ جُمَيْعٍ قَالَ: ” دَخَلْتُ عَلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَا ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى ، وَأَبُو حَنِيفَةَ .
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حُبَيْشٍ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَنْجُوَيْهِ ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْقُرَشِيُّ بِمِصْرَ , ثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ شُبْرُمَةَ قَالَ: ” دَخَلْتُ أَنَا ، وَأَبُو حَنِيفَةَ عَلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ فقَالَ لِابْنِ أَبِي لَيْلَى: مَنْ هَذَا مَعَكَ؟ قَالَ: هَذَا رَجُلٌ لَهُ بَصَرٌ وَنَفَاذٌ فِي أَمْرِ الدِّينِ ، قَالَ : لَعَلَّهُ يَقِيسُ أَمْرَ الدِّينِ بِرَأْيِهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : فَقَالَ جَعْفَرٌ لِأَبِي حَنِيفَةَ : مَا اسْمُكَ ؟ قَالَ: نُعْمَانُ ، قَالَ : يَا نُعْمَانُ هَلْ قِسْتَ رَأْسَكَ بَعْدُ ؟ قَالَ : كَيْفَ أَقِيسُ رَأْسِي ؟ ، قَالَ: مَا أُرَاكَ تُحْسِنُ شَيْئًا، هَلْ عَلِمْتَ مَا الْمُلُوحَةُ فِي الْعَيْنَيْنِ ، وَالْمَرَارَةُ فِي الْأُذُنَيْنِ ، وَالْحَرَارَةُ فِي الْمِنْخَرَيْنِ ، وَالْعُذُوبَةُ فِي الشَّفَتَيْنِ؟ قَالَ: لَا ، فَقَالَ جعفر: أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ اللهَ تَعَالَى بِمَنِّهِ وَفَضْلِهِ جَعَلَ لِابْنِ آدَمَ الْمُلُوحَةَ فِي الْعَيْنَيْنِ ؛ لِأَنَّهُمَا شَحْمَتَانِ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَذَابَتَا، وَإِنَّ اللهَ تَعَالَى بِمَنِّهِ وَفَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ عَلَى ابْنِ آدَمَ جَعَلَ الْمَرَارَةَ فِي الْأُذُنَيْنِ حِجَابًا مِنَ الدَّوَابِّ ، فَإِنْ دَخَلَتِ الرَّأْسَ دَابَّةٌ وَالْتَمَسَتْ إِلَى الدِّمَاغِ فَإِذَا ذَاقَتِ الْمَرَارَةَ الْتَمَسَتِ الْخُرُوجَ ، وَإِنَّ اللهَ تَعَالَى بِمَنِّهِ وَفَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ عَلَى ابْنِ آدَمَ جَعَلَ الْحَرَارَةَ فِي الْمِنْخَرَيْنِ يَسْتَنْشِقُ بِهِمَا الرِّيحَ ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَأَنْتَنَ الدِّمَاغُ ، وَإِنَّ اللهَ تَعَالَى بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ وَرَحْمَتِهِ لِابْنِ آدَمَ جَعَلَ الْعُذُوبَةَ فِي الشَّفَتَيْنِ يَجِدُ بِهِمَا اسْتِطْعَامَ كُلِّ شَيْءٍ وَيَسْمَعُ النَّاسُ بِهَا حَلَاوَةَ مَنْطِقِهِ ) .

فهذان إسنادان لأبي نعيم لهذا الحديث ، أما الأول فإسناد باطل ، عمرو بن جميع كذاب ، كذبه ابن معين ، وقال الدارقطني وجماعة: متروك ، وقال ابن عدي: كان يتهم بالوضع ، وقال البخاري: منكر الحديث .
انظر : “ميزان الاعتدال” (3/ 251) .
وأما الإسناد الثاني ففيه محمد بن عبد الله القرشي ، لم نجد له ترجمة .
وفيه هشام بن عمار الدمشقي ، وهو متكلم فيه ، وقد كان يقبل التلقين ، قال أبو حاتم: صدوق وقد تغير، فكان كلما لقنه تلقن .
وقال أبو داود : حدث بأربعمائة حديث لا أصل لها.
“ميزان الاعتدال” (4/ 302) .
وقد رواه هشام مقطوعا ، من قول جعفر بن محمد كما سيأتي ، وهو أشبه .
ثم هو مع ذلك مرسل ؛ فإن جد جعفر بن محمد : هو علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، وهو من التابعين .
وله شاهد يرويه تمام في “الفوائد” (262) :
ثنا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ أَبِي الْعَقَبِ أَمْلَى ، ثنا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى الْمَرْوَرُوذِيُّ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ ، ثنا مُغِيثُ بْنُ بُدَيْلٍ ، ثنا وَلَدُ خَارِجَةَ ، ثنا خَارِجَةُ ، عن جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ آبَائِهِ، عن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وخارجة بن مصعب متروك واه ، قال أحمد : لا يكتب حديثه ، وقال ابن نمير : ليس بثقة ، وقال أيضا : ليس بشيء ، وقال مرة : كذاب ، وقال ابن معين: ليس بشيء ، وقال البخاري : تركه ابن المبارك ، ووكيع ، وقال يحيى بن يحيى : كان يدلس عن غياث بن إبراهيم ، وغياث ذهب حديثه ، وقال النسائي : متروك الحديث ، وقال مرة : ليس بثقة . وقال ابن سعد : اتقى الناس حديثه فتركوه ، وقال ابن خراش ، والحاكم أبو أحمد : متروك الحديث ، وقال ابن حبان : كان يدلس عن غياث بن إبراهيم وغيره ، ويروي ما يسمع منهم مما وضعوه على الثقات ، عن الثقات الذين رآهم ، فمن هنا وقع في حديثه الموضوعات عن الأثبات ؛ لا يجوز الاحتجاج بخبره .
“تهذيب التهذيب” (3/ 77-78) .
وولد خارجة لا يعرف من هو ، فهو مجهول ، فهذا الإسناد واه جدا أيضا .

وقد رُوى هذا الخبر عن جعفر من محمد من قوله :
– فرواه الزبير بن بكار في “الأخبار الموفقيات” (ص 19-20) :
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، وَأُمُّ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنِ يَحْيَى الرَّبَعِيُّ، عن ابْن شُبْرَمَةَ عن جعفر به .
– ورواه وكيع في ” أخبار القضاة ” (3/ 77) من طريق سليمان بْن جعفر فقال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللهِ الزهري فقال: حَدَّثَنَا ابن شُبْرُمَةَ عن جعفر بن محمد به .
– ورواه الخطيب في “الفقيه والمتفقه” (1/ 464) من طريق أَحْمَد بْن عَلِيٍّ الْأَبَّارُ , نا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ الدِّمَشْقِيُّ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيِّ , عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ , عن جعفر به .
– ورواه أبو الشيخ في “العظمة” (5/ 1626): حَدَّثَنَا الْحَسَنُ الْمَالِكِيُّ ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْعَامِرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شُبْرُمَةَ عن جعفر به .

والخلاصة :
أن هذا الخبر ضعيف جدا مرفوعا ، وأحسن أحواله أن يكون من قول جعفر بن محمد بن علي بن الحسين رحمه الله .

وننبه الأخ السائل إلى أن ضعف الحديث إنما يعرف بصناعة الحديث وفنه ، بالنظر في أسانيده وعلله ورجاله ، لا يعرف بمجرد الظن .
وأما أن يكون الحديث مخالفا لحقيقة علمية : فهذا باب من النظر والإعلال ، ينبغي التأني فيه غاية التأني ؛ فربما لم تكن الحقيقة قد بلغت مرحلة القطع بها بعد ، وإنما هي مجرد نظريات ، أو احتمالات ، أو نحو ذلك .
وربما لم يكن الحديث ، وفقا لدلالته في لسان العرب : يعرض لهذه القضية العلمية أصلا ، فضلا عن أن يعارضها ؛ وإنما توهم ذلك فيه من تأوله على بعض ما في ظنه .

والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android