تنزيل
0 / 0

تريد المشورة في أمر الزواج

السؤال: 198860

أنا فتاة أبلغ من العمر 20 سنة ، أدرس في كلية شرعية من أسرة وبيئة محافظة ، من شهر تحدث معي شاب عبر النت ( الفيس بوك ) ، وقد عرف والدي بذلك بعدها بمدة قصيرة ، وحرمني من الجوال والنت ، وبعد رجوعي للجامعة طلب مني الشاب رقم أبي فأعطيته ، فاتصل به واعتذر منه ، وقال له : إن أي أب لا يرضى ذلك لابنته ، وعتب عليه والدي أن المفترض أن الشاب يدخل من الباب وقال له الشاب إنه على استعداد لأي عقاب ، ومن ثم بدأ والدي يسأله عن بياناته الشخصية ، وأخذ اسمه ، علما أنه من بلد عربي وأنا من بلد عربي آخر وهو مقيم بلد خليجي ، وأنا في دولة خليجية أخرى ، ونتشابه أننا كلنا من أسرة سلفية ، المهم هذا الشاب أعطاني رقم أمه وأخته في بلده ، وأنا تحدثت معهم ، ووجدت منهم كل الود والاحترام والترحيب .
ما أريده منكم أن تفيدوني أنا ووالدي بشأنه ، لأن بداخلي مشاعر تجاهه ، وهو قال لي : إنه أراد الارتباط بي ، لأننا في الثلاثة أيام كنا نتحدث عن بيئتنا ، وعندما علم أنني أحفظ القرآن ، ومن بيئة ملتزمة : أحب أن يرتبط بي ، وهو يبلغ من العمر 28 سنة ..
أخبرني أبي أن أستشيركم وتفيدوني ، لأنه محتار قليلا ، وقال لي : إنه مهما قلتم سيلتزم به ، وينفذه ، لأنه لا يهمه إلا الدين ، حتى لو كان ما تقولونه يخالف هواه ، ويخالف العادات والتقاليد .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :

يبدو أننا لم نعد في حاجة إلى أن
ننبهك إلى خطأ ما فعلت ، من فتح باب المحادثة مع شاب أجنبي ؛ بل إننا نرى أن الخطأ
كان قد بدأ منذ قبولك لإضافة شاب أجنبي عنك ، كصديق على حسابك ، فلسنا نفهم وجها
شرعيا مقبولا لأن تضيف فتاة مسلمة ، شابا على حسابها الشخصي ، فلا هو شخصية عامة ،
ولا من أهل العلم والدين ، ولا له شيء من تلك الاعتبارات التي قد تترخص المسلمة بها
، وتضيف رجلا أجنبيا ، مع أن هذا كله يشترط فيه أمن الفتنة ، ولا يسمح فيه
بالمحادثات ، أو المراسلات ، إلا في أضيق نطاق ، مع اعتبار الشرط السابق : أمن
الفتنة ، وعدم التعلق الشخصي .

ربما لم نعد في حاجة إلى تقرير
ذلك ، وقد ذكرت عن الشاب كلامه السابق ، وهو متوجه عليك أنت أيضا : فليست هناك فتاة
من بيئة ملتزمة ، وأسرة محترمة ، كأسرتك ، ترضى لنفسها ذلك ، أو تقبله على أسرتها .

لكننا فقط ننبه إلى أن الخطأ هنا
: ليس في مخالفة عادات الأسر المحترمة ، وتقاليدها ، فهذا وإن كان أمرا مرفوضا ،
إلا أنه أهون من المخالفة الشرعية ، لكن إن شعرت ، أنت وهذا الشاب أنكما قد وقعتما
في مخالفة شرعية ؛ يعني : في معصية للرحمن جل جلاله ، حينما فتحتما ذلك الباب على
أنفسكما ، صغيرة كانت تلك المعصية أو كبيرة ، فالواجب عليكما : التوبة إلى الله عز
وجل ، وإغلاق هذا الباب مطلقا ، ولو احتاج ذلك إلى الانقطاع عن مواقع التواصل ،
وشبكات النت برمتها ، فافعلي ذلك أنت على الأقل ؛ فصيانة الدين مقدمة على كل شيء ،
وماذا ربح من خسر دينه ، أو خسر شيئا منه ؟! لا شيء !!

ثم ماذا فاتك من أمر الدنيا ،
وحظوظ النفس وهواها ، إذا حافظت على أمر دينك ؟!

لا شيء !!

ثانيا :

ينبغي أن نفرق هنا بين أمرين
مهمين : الأول : ما يسمح به الشرع ، والثاني : ما يطلبه الشرع ويحفظه ويرعاه .

أما ما يسمح به الشرع هاهنا :
فهو يسمح للرجل أن يتزوج امرأة ، لأنها : جميلة ، وليس ذلك حراما ، ولا مكروها ،
ولا معيبا . ويسمح له كذلك أن يتزوجها لأنها حسيبة ، أو نسيبة ، أو ذات منصب ، أو
مال ، أو شهادة .. أو نحو ذلك من مقاصد الناس في اختيار من يتزوجونهن .

لكنه نبه الناس إلى مراعاة الأمر
الأعظم الذي يطلبه ، وهو : الدين ؛ ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم : (
تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ : لِمَالِهَا ، وَلِحَسَبِهَا ، وَجَمَالِهَا ،
وَلِدِينِهَا ؛ فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ ) رواه البخاري (5090)
ومسلم (1466) .

فإذا نحن سئلنا هنا :

هل يسمح الدين بأن تتزوج المرأة
رجلا ، بهذه الظروف التي مرت بنا ؟

فسنقول : نعم ؛ فليس اختلاف
الجنسية ، وتباعد البلدان من موانع النكاح الشرعية ، ولا تحصيل ذلك من شروط صحة
النكاح في شيء !!

لكن وراء ذلك كله نقول : إن
الشرع لم يسمح للمرأة أن تزوج نفسها ، وإنما أمر أن يتولى عقدة النكاح وليها ، فهو
أعرف بمصالح النكاح ، وأقدر منها على ضبط الأمور ، ومعرفة ما يصلح مما لا يصلح ،
وأبعد عن الميل وراء العاطفة ، وبادي الرأي ، والنظر السريع .

وينظر جواب السؤال رقم
2127 .

ثالثا :

أما بخصوص مسألتك أنت ، وما طلبت
منا ، أنت ووليك ، من إبداء الرأي والمشورة في ذلك ، فدعينا نصارحك أيتها الأخت
الكريمة :

إن الذي يبدو لنا أن ثمة عجلة
واضحة من قِبلك أنت أولا ، ثم من قبل والدك ، في النظر إلى أمر مهم كهذا ؛ فلا نظن
أن ثلاثة الأيام التي تعرفت فيها على الشاب ، كانت فترة كافية لتكوين وجهة نظر
متوازنة حوله ، حتى لو كان أمامكم ، ومعكم في مكان واحد ؛ فكيف والتعارف قد تم في
ذلك العالم الافتراضي المجهول ؛ إن ذلك أبعد ما يكون عن التصور المتزن ، والرأي
الهادئ الرزين .

إن ميلك تجاه هذا الشاب ،
والعاطفة التي تجدينها نحوه : هي شيء طبيعي ؛ فماذا تريدين من فتاة شابة ، تحادث
فتى شابا ؛ أتريدين أن تقشعر القلوب من التقوى والخشية والوجل ؟ إن الشعور الطبيعي
جدا : هو ميل كل طرف إلى الآخر ، وهذا الميل هو المعبر عنه في لغة الشرع ، ولغة
العقلاء أيضا : أنه “الهوى” ، الهوى الذي يميل بصاحبه عن موازنة الأمور ، والنظر
إليها من وجهها الصحيح ؛ إنه الهوى بكل ما يحمل من ظلال المعنى المذموم في ميزان
الشرع !! ومثل هذا لا ينبغي ـ ألبتة ـ أن يكون أساسا للحكم الصحيح في قضية مهمة
كالتي تسألين عنها .

إننا نصدقك ، ومن خلال التجارب
الكثيرة التي سمعنا بها ، أو عرضت لنا ، فنقول لك : إن الزواج مع اختلاف الجنسيات ،
والبيئات ، والعادات ، والتقاليد : هو مخاطرة غير مأمونة ، احتمالات عدم التوفيق
والنجاح فيها : ليست قليلة ؛ بل إن نسبتها من الكثرة بمكان يدعو العاقل إلى أن
يتوقف مليا ، ويتريث طويلا ، قبل أن يقدم عليها .

وهذا ، لو كان الطرفان يعيشان في
بلد واحد ، كأن يجمعهما بلد اغتراب لهما ، أو كان أحدهما مغتربا في بلد الآخر .

فكيف إذا كان الحال بالصورة التي
ذكرت لنا :

أنت من بلد ، والشاب الذي لم
تقابليه بعد : من بلد آخر .

أنت تعيشين مع أسرتك في بلد ،
وهو يعيش ويعمل في بلد آخر .

إن الأسرة التي تريدين بناءها
مهددة بالشتات بين أربعة بلاد !!

ثم بلده : بالحال التي نعلم ونرى
جميعا ، ولا يعلم إلا الله ، متى يمكن أن يكون بلده مكانا آمنا للعيش ؟

هل ستعيشون ، أنت وهو ، وأسرتكم
، في بلد اغتراب دائم ؟ وفي أي بلد ستكون هذه الغربة التي تتركين لأجلها أسرتك
وأهلك ؟ هل سيبحث عن عمل في بلد غربتكم ؟ أم تنتقلين معه إلى بلد عمله واغترابه ؟
هل .. هل ..

إن أسرته التي تتحدثين عنها :
ليس من المتوقع أن تكون قريبة منكم ..

إن عديدا من الأسئلة ، وكثيرا من
المشكلات ، يواجه هذه الصورة الاستثنائية التي تتحدثين عنها ، وقد فكرنا مليا في
مشكلتك، ولم نجد دافعا حقيقيا وقويا يدعو إلى هذه المغامرة ، غير المتوازنة!!

إن نصيحتنا لك : ربما كانت مؤلمة
، ربما كانت على غير ما تتوقعين ، أو تأملين ، لكن الدين النصيحة ، ولا يؤمن أحدكم
حتى يحب لأخيه من الخير ما يحب لنفسه ..

إنك ما زلت صغيرة ، في مقتبل
الطريق مع الزواج والأسرة ، فلا تتوقفي عند أول عارض ، وأقرب طارئ ، أمامه من
الصعاب والعقبات ، ما رأينا ..

ليس حراما في ميزان الشرع أن
تتزوجي من هذا الشاب المسلم ..

نعم ، إن أردت الحكم في صورة
معادلة رياضية : حلال ، حرام ..

لكن ليس من العقل ، ولا الحكمة ،
ولا النصيحة ـ فيما بدا لنا من الرأي : أن نقول لك ، هنيئا لك ، ومبارك عليك هذا
الزواج ، ونحن نرى أمامه من العقبات ما نرى ، وقد مر بنا من التجارب ما يجعلنا
نتريث طويلا ، ونتردد مرات ومرات قبل أن نسمح به ، فضلا عن أن نشجع عليه ، وننصح به
.

فإن رأيت ـ أنت ووالدك ـ أن
الرأي والمشورة : هو ما قلنا لك ؛ فلا تترددي في أن تقطعي كل حبال هذه العلاقة ، بل
نحب لك أن تنقطعي زمنا مناسبا عن شبكات التواصل والتعارف ..

وإن تكن الأخرى ، فنحن اجتهدنا
لك في الرأي والمشورة 🙁 وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا
لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ ) !!

ونسأل الله أن يلهمك رشدك ،
ويعيذك من شر نفسك ، ويقدر لك الخير حيثما كان ، ويرزقك الرضا بما قسم لك .

وينظر للفائدة أجوبة الأسئلة رقم
82702 ورقم 176000 ورقم
130596 .

والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android