0 / 0

لماذا سميت المجموعة من الآيات القرآنية باسم ” السورة ” ؟

السؤال: 198894

ما هو السبب في تسمية مجموعة آيات القرآن سورة ؟ ومن أين أتت كلمة سورة ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

تنوعت عبارات العلماء في معنى كلمة ” سُورة ” ، ومم اشتُقت ؟
فقال القرطبي رحمه الله في “تفسيره” (1/ 65-66) :
” مَعْنَى السُّورَةِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ : الْإِبَانَةُ لَهَا مِنْ سُورَةٍ أُخْرَى ، وَانْفِصَالِهَا عَنْهَا، وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأنه يرتفع فيها من مَنْزِلَةٍ إلى مَنْزِلَةٍ . قَالَ النَّابِغَةُ :
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَعْطَاكَ سُورَةً ** تَرَى كُلَّ مَلْكٍ دُونَهَا يَتَذَبْذَبُ
أي : منزلة شرف ، ارتفعت إليها عن منزل الملوك .
وقيل : سميت لِشَرَفِهَا وَارْتِفَاعِهَا ، كَمَا يُقَالُ لِمَا ارْتَفَعَ مِنَ الْأَرْضِ سُورٌ.
وَقِيلَ : سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ قَارِئَهَا يشرف على ما لم يكن عنده ، كسور البناء بغير همزة .
وَقِيلَ : سُمِّيَتْ بِذَلِكَ ، لِأَنَّهَا قُطِعَتْ مِنَ الْقُرْآنِ على حد ، من قول العرب للبقية : سؤر، وجاء : أَسَآرِ النَّاسِ ، أَيْ : بَقَايَاهُمْ ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْأَصْلُ : سُؤْرَةً ، بِالْهَمْزَةِ ، ثُمَّ خُفِّفَتْ ، فَأُبْدِلَتْ وَاوًا لانضمام مَا قَبْلَهَا.
وَقِيلَ : سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِتَمَامِهَا وَكَمَالِهَا ، مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ لِلنَّاقَةِ التَّامَّةِ : سُورَةٌ .
وَجَمْعُ سُورَةٍ سُوَرٌ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَجْمَعَ عَلَى سُورَاتٍ وَسُوَرَاتٍ ” انتهى .
وذكره نحوه ابن كثير رحمه الله في “تفسيره” (1/ 16) .
وانظر :
” النكت في القرآن الكريم “(ص 354) – لأبي الحسن القيرواني .
” أحكام القرآن “(3/ 331) – لابن العربي .
” لسان العرب ” (4/ 386) – لابن منظور .
” تهذيب اللغة “(13/ 36)- للأزهري .
” الصحاح ” (2/ 690)- للجوهري .

فمؤدى المعنى المجموع من كلام العلماء المتقدم : أن السورة من القرآن هي مجموعة من الآيات الكريمة ، منفصلة عن غيرها من آيات القرآن ، محفوظة مصونة من الزيادة أو النقصان أو التبديل أو التحريف ، وقارئ سور القرآن ينزل بتلاوته منازل الشرف والكرامة ، وينتقل بتلاوته سور القرآن من منزلة إلى منزلة ، ويقال له يوم القيامة : ( اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا ؛ فَإِنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا ) رواه أبو داود (1464) وصححه الألباني في “صحيح أبي داود” .

والواقع أن أمر الاختلاف في الاشتقاق قريب ، وهي مسألة علمية يعرفها أهل اللغة ، لكن بعد أن يستقر في علم المكلف من ذلك كله : أن تسمية مجموعة محددة من آيات القرآن : سورة ؛ تسمية شرعية توقيفية ، ثبتت في القرآن نفسه .
قال العلامة الشيخ محمد الطاهر بن عاشور ، رحمه الله :
” وَتَسْمِيَةُ الْقِطْعَةِ الْمُعَيَّنَةِ مِنْ عِدَّةِ آيَاتِ الْقُرْآنِ سُورَةٌ مِنْ مُصْطَلَحَاتِ الْقُرْآنِ ، وَشَاعَتْ تِلْكَ التَّسْمِيَةُ عِنْدَ الْعَرَبِ حَتَّى الْمُشْرِكِينَ مِنْهُمْ ، فَالتَّحَدِّي لِلْعَرَبِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ( فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ ) [هود: 13] ، وَقَوْلِهِ : ( فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ ) [الْبَقَرَة: 23] ، لَا يَكُونُ إِلَّا تَحَدِّيًا بِاسْمٍ مَعْلُوم المسمّى والمدار عِنْدَهُمْ وَقْتَ التَّحَدِّي ، فَإِنَّ آيَاتِ التَّحَدِّي نَزَلَتْ بَعْدَ السُّوَرِ الْأُوَلِ .
وَقَدْ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ تَسْمِيَةُ سُورَةِ النُّورِ بِاسْمِ : سُورَةٍ ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (سُورَةٌ أَنْزَلْناها) [النُّور:1] أَيْ هَذِهِ سُورَةٌ . وَقَدْ زَادَتْهُ السُّنَّةُ بَيَانًا.
وَلَمْ تَكُنْ أَجْزَاءُ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ مُسَمَّاةً سُوَرًا عِنْدَ الْعَرَبِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، وَلَا فِي الْإِسْلَامِ..”.
وذكر الخلاف في اشتقاق السورة ، بنحو ما تقدم ، ثم قال :
” وَلَمْ يُحْفَظْ عَنْ جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ حِينَ جَمَعُوا الْقُرْآنَ أَنَّهُمْ تَرَدَّدُوا وَلَا اخْتَلَفُوا فِي عَدَدِ سُوَرِهِ ، وَأَنَّهَا مِائَةٌ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ سُورَةً ، رَوَى أَصْحَابُ السُّنَنِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا نَزَلَتِ الْآيَةُ يَقُولُ : ضَعُوهَا فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا .
وَكَانَتِ السُّوَرُ مَعْلُومَةَ الْمَقَادِيرِ مُنْذُ زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مَحْفُوظَةً عَنْهُ فِي قِرَاءَةِ الصَّلَاةِ ، وَفِي عَرْضِ الْقُرْآنِ …” انتهى من “التحرير والتنوير” (1/84-86) .

راجع للفائدة جواب السؤال رقم : (131664) .
والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android