تنزيل
0 / 0

أعطت أخوها مالا كثيرا فأنفقه على المخدرات فهل تعطيه نصيبها من الميرات هبة لينشأ مشروعا خاص به ؟

السؤال: 199146

هذه قصة شاب عابث مستهتر، لم يستطع نيل أي دبلوم بعد البكالوريا ؛ بسبب تعاطيه للمخدرات والكحول ، على الرغم من تفوقه في السنوات السابقة ، بعد عدة محاولات لإصلاح حاله ، وإثر تردي الحالة الصحية لأبيه ، اتفقا على إجراء عملية زرع في الخارج ، على أن يتبرع الولد بالعضو لأبيه ثم يستقر الشاب بعد ذلك هناك ، فعلا كان ذلك ، و نجحت العملية ، لكن الابن بدأ بالمطالبة بمصروف يومي كبير مما وتر العلاقة بينهما، أشهر قليلة بعد ذلك توفي الأب وعاد الابن من الخارج أكثر انحلالا مطالبا بسيارة الوالد ومتجره للقيام بمشروع ، على الرغم من إمكانية تدبير المطلوب ، لم يؤيد أحد من أفراد العائلة الصغيرة الفكرة ، نظرا لحال الولد الطائش واقترحوا عليه لصغر سنه سنة آنذاك العودة للدراسة بغية تعلم حرفة ، وافق دخل عدة شركات مدارس، لم يتمم فيها ستة أشهر بسبب الكحول ، وعدم الانضباط ، وأنفقت مبالغ طائلة في حل المشاكل التي أحدثها بالسيارات في حوادث السير ، وكانت حججه دائما أنه هذا بسبب الفراغ ، وأنه لم يخلق ليقوم بهذه الوظائف الصغيرة ، وأنه أذكى منا جميعا ، ويستحق أجرة بالملايين. مرت السنوات والولد ينام النهار ، ويسهر الليل ، وتنوعت الآثام إلى أن أصبح يدخل زجاجات الخمر إلى بيت العائلة ، ويدخل العاهرات خلسة وقت خروج أمه ، وكل هذا من مالها، الذي يأخده عنوة أو بسرقة أثاث البيت ، أما حاليا إليكم الحالة التي وصل إليها: الولد اقتنع بالبدء بمشروع صغير ، يريد تمويله ببيع عقار تركه الوالد، وفي بانتظار هذا البيع الذي طال حوالي ثلاث سنوات يأتي ثملا تقريبا كل يوم ، واللوم كل اللوم على العائلة التي لم تتركه يقوم بمشروعه عند عودته من الخارج ، يسّب ويلعن الجميع حتى أمه التي أعطته كل شيء ، ويذكر الجميع أنه من ضحٌى مع الوالد ، والآن ليس لديه شيء بعكس إخوته ، وبأن أحدا لم يقدم له المال لمساعدته .
هذا الولد أخي ، وهو الآن لا يكلمني ؛ لأنني كنت من معارضي المشروع في البداية ، أعطيته مالا كثيرا لإصلاح المتجر فذهبت كغيرها في الكحول ، للإشارة هو متشدد فرض على أختي الصغرى الحجاب ، وعند عودته سكران يسمع القرآن ، حاول مراجعة طبيب نفساني لكن لم يلتزم مع أي منهم .

أسئلتي:
– ما حكم التنازل له عن نصيبي في الإرث كهبة لأجل تشجيعه على القيام بمشروعه ؟

ما مدى مسؤوليتي في الذي حصل , هل أنا مسؤولة عن ضياعه ؟

هل أنا مسؤولة عن قطع صلة الرحم ؟

ـ ماذا يمكن فعله لإصلاحه ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً :
نسأل الله أن يصلح أخاكِ ، وأن ينقذه من براثن المخدرات والمسكرات ، وأن يقرّ
أعينكم وعين والدته بصلاحه واستقامته ، وليس ذلك على الله بعزيز ، ولا سيما أن فيه
بذرة خير ، بدليل ما ذكرتِ من إلزام أخته بالحجاب ، وقراءته للقرآن ، وهذه دلائل
خير فيه ، وعلامة على أن الخير منطبع فيه ، والشرّ إنما طارئ عليه .
ثانياً :
للعاقل الرشيد التنازل عن نصيبه من الإرث , ولا سيّما إذا كان للقريب المحتاج ، وهو
في غنىً عن نصيبه .
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله في مجموع فتاواه / 20 / 42 / : .. تريد إحدى أخواتي
التنازل عن حقها في الميراث لي لمساعدتي على الزواج علما أنها متزوجة وفي حالة
ميسورة هي وزوجها، فهل يجوز ذلك؟ أ فيدوني أفادكم الله .
فأجاب : ” لا حرج عليك في قبول هبة أختك لك نصيبها من البيت مساعدة لك في الزواج
إذا كانت رشيدة ؛ لأن الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة قد دلت على جواز تبرع المرأة
بشيء من مالها لأقاربها وغيرهم ” .
لكن هذا الحكم من حيث الأصل ، يعني : أصل جواز التبرع لأخيك ، أو لغيره ، بشيء من
مالك ؛ لكن إذا كان حال أخيك ما ذكرت ، فليس لك أن تعطيه من مالك ما يبدده ، أو
يستعين به على المعاصي ، وقد قال الله تعالى : ( وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ
أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا
وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا ) النساء/5 .
قال ابن كثير رحمه الله : ” يَنْهَى تَعَالَى عَنْ تَمْكين السُّفَهَاءِ مِنَ
التَّصَرُّفِ فِي الْأَمْوَالِ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ لِلنَّاسِ قِيَامًا ،
أَيْ: تَقُومُ بِهَا مَعَايِشُهُمْ مِنَ التِّجَارَاتِ وَغَيْرِهَا ، وَمِنْ
هَاهُنَا يُؤْخَذُ الْحَجْرُ عَلَى السُّفَهَاءِ، وَهُمْ أَقْسَامٌ : فَتَارَةً
يَكُونُ الحَجْرُ لِلصِّغَرِ ؛ فَإِنَّ الصَّغِيرَ مَسْلُوبُ الْعِبَارَةِ ،
وَتَارَةً يَكُونُ الحجرُ لِلْجُنُونِ، وَتَارَةً لِسُوءِ التَّصَرُّفِ لِنَقْصِ
الْعَقْلِ أَوِ الدِّينِ ، وَتَارَةً يَكُونُ الْحَجْرُ للفَلَس .. ” انتهى من
“تفسير ابن كثير” (2/214) .
وينظر جواب السؤال رقم : (145437)
.
وإنما الذي ننصحكم به أن تسعوا في إقامة مشروع له ، ليتكسب منه ، لكن لا تمكنوه من
التصرف فيه ، لا ببيع ولا شراء ، ولا تمكنوه من التصرف في أموال هذا المشروع ،
والعائد منه ، حتى تطمئنوا إلى أنه ترك ما هو عليه من الفساد ، وإلا كان تسليطا له
على إفساد الأموال ، وإعانة له على فساده .
ثالثًا :
لا نرى في رسالتك ما يشير إلى أنك قد تسببت في ضياع أخيك ، أو قطع صلة الرحم بين
الأسرة ، وإذا كنت تقصدين : ما كان من اعتراضك على إعطائه المال ليعمل به مشروعا
فور مجيئه من الخارج ، فالذي يظهر لنا أن موقفك ذاك كان سليماً ؛ فإنه لا يؤمن عليه
صرف المال في المسكرات والمخدرات وقتئذٍ ، ثم إن المقاطعة جاءت من قبله هو ، ولم
تبادريه بالمقاطعة ، ومع ذلك كلّه ، له عليك حقّ النصح والإرشاد ، ووصله بما تقدرين
عليه ، ولو مع مقاطعته لكِ ؛ فقد روى البخاري (5991) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عَمْرٍو رضي الله عنهما ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
: ( لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ ؛ وَلَكِنْ الْوَاصِلُ الَّذِي إِذَا
قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا ) . وانظري جواب السؤال رقم : (120070)
، ورقم : (89757)
.

رابعاً :
أما ما يمكن فعله بغية إصلاحه ، فأمور ، أهمها :
1- محاولة علاجه من الإدمان قبل كلّ شيء ، وعرضه على طبيب نفساني إن لزم الأمر ، مع
الاستمرار والمداومة على نصحه ، ووعظه ، بتبيين حرمة المخدرات والخمر ، والعقوبات
المترتبة على فعله .
وينظر جواب السؤال رقم : (32466)
، ورقم : ( 104976
) .
2- الاهتمام ببذرة الخير والدين التي في قلبه ، من أجل إبعاده عن ذلك الفساد ،
ومحاولة نقله إلى رفقة صالحة ، وأعوان له على الخير ، ومحاولة صرف أصدقاء السوء عنه
بكل وسيلة ، فهم السبب الأول في ضلاله ، ولا يمكن أن تستقيم حاله إلا بتركهم.
3- إذا رأيتم تحسنا منه واستجابة ، فهنا يأتي الدور على المساعدة المادية المناسبة
لحاله ، سواء اقتضى ذلك التبرع له بشيء من الميراث ، أو غير ذلك من المساعدات .
وينظر جواب السؤال رقم : (
175269) ، وإن
استطعتم عرضه على أخيك فحسن .
والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android