في شهر رمضان أتتني الدورة الشهرية ، واستمرت خمسة أيام ، وفي فجر اليوم السادس اغتسلت لكي أصوم ، كان الموافق 30 /9 ، لا أتذكر هل رأيت الطهر أم لا ، من كثره التفكير نسيت ، المهم في الساعة 8 صباحا توضأت لأصلي الضحى ، فرأيت لون بني فاتح مائل للحمرة ، اعتقدت أنه الكدرة لأني قرأت عن صفتها ، لم أهتم للأمر ، وأكملت صيام ذلك اليوم ، علما أني لم أر شيئا بعدها ، واليوم التالي كان العيد ، واغتسلت للعيد غسل عادي من غير نية طهارة . والسؤال هنا : أنه إذا كنت مازلت غير طاهرة في ذلك اليوم ، فهل يجزئ غسل يوم العيد ، أم كانت صلاتي وصيامي وغيرها من العبادات في شهر شوال باطلة ، حتى أتتني الدورة الشهرية لشهر ذي القعدة ؟
رأت كدرة في اليوم التالي لطهارتها وغسلها من الحيض ، ولم تلتفت لها ، ثم اغتسلت غسلاً آخر، وتشك في صحة غسلها وصلاتها ؟
السؤال: 199263
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
الطهر يعرف بإحدى علامتين : الأولى : انقطاع الدم وجفاف المحل بحيث لو احتشت المرأة بقطنة ونحوها خرجت نظيفة ليس عليها أثر من دم أو صفرة أو كدرة .
الثانية : نزول القصة البيضاء ، وبعض النساء لا يرين هذه القصة .
ثانياً :
نزول الكدرة والصفرة بعد الطهر الصحيح لا تعتبر حيضاً ، فصومك صحيح ؛ لقول أُمِّ عَطِيَّةَ : ( كُنَّا لا نَعُدُّ الْكُدْرَةَ وَالصُّفْرَةَ بَعْدَ الطُّهْرِ شَيْئًا ). رواه أبو داود(307) ، وصححه الألباني في صحيح أبي داود. وللاستزادة ينظر جواب سؤال رقم :(50059).
ثالثاً:
كون السائلة اغتسلت وصامت فذلك مبني على طهرها من الحيض ، وكونها قد نسيت ذلك ، فلا تلتفت إليه بناء على الأصل ، وإغلاقاً لباب الوسوسة .
رابعاً:
إذا افترضنا أنك كنت قد استعجلت في الغسل ، والصوم ، ولم تكوني في هذه اليوم قد طهرت بعد ، ثم اغتسلت للعيد بعد انقطاع الحيض ، لكن بينة غسل العيد ، لا غسل الحيض ؛ فقد صحت طهارتك أيضا ، إن شاء الله ، ولا يلزمك إعادة الطهارة أو الصلاة ، وهو مذهب الحنابلة ، وهذا هو الذي يسعك ، خاصة في مثل حالك ، لدفع باب الوساوس والشك في الطهارة .
جاء في "مطالب أولي النهى" (1/111) :
" (وَمَنْ نَوَى غُسْلًا مَسْنُونًا) كَغُسْلِ الْجُمُعَةِ أَوْ الْعِيدِ أَجْزَأَ عَنْ الْوَاجِبِ إنْ كَانَ نَاسِيًا، لِلْحَدَثِ الَّذِي أَوْجَبَهُ " انتهى .
وقال الحجاوي رحمه الله في " زاد المستقنع " : " وإن نوى غسلاً مسنوناً أجزأ عن واجب .. " انتهى .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : "
مثاله : أن يغتسل من تغسيل الميت ، أو يغتسل للإحرام ، أو للوقوف بعرفة ، فهذه أغسال مسنونة، وكذلك غسل الجمعة عند جمهور العلماء..
وظاهر كلام المؤلف [ الحجاوي ] – وهو المذهب – : ولو ذكر أن عليه غسلاً واجباً ، وقيده بعض الأصحاب بما إذا كان ناسياً حدثه ، أي : ناسياً الجنابة ، فإن لم يكن ناسياً فإنه لا يرتفع ؛ لأن الغسل المسنون ليس عن حدث ، وإذا لم يكن عن حدث ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنما الأعمال بالنيات) ، وهذا الرجل لم ينو إلا الغسل المسنون ، وهو يعلم أن عليه جنابة ، ويذكر ذلك ، فكيف يرتفع الحدث ؟
وهذا القول – وهو تقييده بأن يكون ناسياً – له وجهة من النظر.
وتعليل المذهب : أنه لما كان الغسل المسنون طهارة شرعية ، كان رافعاً للحدث ، وهذا التعليل فيه شيء من العلة، لأنه لا شك بأنه غسل مشروع ، ولكنه أدنى من الغسل الواجب من الجناب ة، فكيف يقوى المسنون حتى يجزئ عن الواجب الأعلى؟
لكن إن كان ناسياً فهو معذور.
مثاله : لو اغتسل للجمعة ـ على القول بأنه سنة ـ وهو عليه جنابة لكنه لم يذكرها ، أو لم يعلم بالجنابة إلا بعد الصلاة ، كما لو احتلم ولم يعلم إلا بعد الصلاة ، فإن صلاة الجمعة تكون صحيحة لارتفاع الجنابة .
أما إذا علم ونوى هذا الغسل المسنون فقط ، فإن القول بالإجزاء في النفس منه شيء " .
انتهى من " الشرح الممتع "(1/201).
وقد تبين من كلام الشيخ رحمه الله : أن الجهل بما يوجب الغسل ، حكمه حكم النسيان ؛ فتصح طهارته بالغسل المستحب .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة