0 / 0
28,32520/08/2013

طلب الزواج من المتزوجة المحبوس زوجها

السؤال: 200538

امرأة حبس زوجها في جريمة قتل ، وقد قدرت عقوبته بحوالي خمسة وعشرين عاما ، وكانت زوجته تقوم على تربية أولاده بالعمل في البيوت وغير ذلك ، إلى أن حصلت على عقد للعمل بوزارة التربية والتعليم ، مشرفة نشاط في مدرسة ، وهناك التقى بها مدرس ، وعرف حالها ، فطلب منها الزواج ، وحدثها أنه سيوفر لها كل ما تحتاج إليه وأولادها ، فقامت بطلب الطلاق من زوجها المحبوس .
فما حكم ذلك في الشرع الحنيف ؟ ، وما حكم ذلك الرجل ؟ وهل يعد ذلك من قبيل التخبيب المحرم شرعا ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

التشريعات التي جاءت بها نصوص الكتاب والسنة كفيلة بحفظ الأسر والبيوت من الفساد ، وصيانة المجتمعات من محاولات الاعتداء التي تسعى بها النفوس الأمارة بالسوء ، وتحقق العدالة لجميع الأطراف بإذن الله تعالى .
ومن ذلك أنه لا يحل لمسلم أن يتقدم بعرض الزواج على أي امرأة متزوجة ، مهما كان السبب ، وسواء كان زوجها غائبا لسجن أم ضياع أم شقاق ونزاع ؛ فقد ورد في ذلك الوعيد الشديد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم : ( لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امرَأَةً عَلَى زَوجِهَا ) رواه أبو داود (2175) ، وصححه الألباني في ” صحيح أبي داود ” ، كما ورد الوعيد الشديد في المرأة التي تستجيب لهذه العروض ، وتهدم أسرتها وبيتها لا لعذر ، إلا لأن أحدهم أغواها وملأ قلبها بالأحلام والأماني الشيطانية ، : ( أَيُّمَا امرَأَةٍ سَأَلَت زَوجَهَا طَلَاقًا فِي غَيرِ مَا بَأسٍ فَحَرَامٌ عَلَيهَا رَائِحَةُ الجَنَّةِ ) رواه الترمذي (1187) ، وكل ذلك من أعظم الآثام عند الله عز وجل . كما سبق بيانه في موقعنا في الأرقام الآتية : (84849) ، (125191) ، (176201) .
وإذا كان الفقهاء قد اتفقوا على منع التصريح بخطبة المعتدة ، فمن باب أولى أن يتفقوا على منع التصريح بخطبة المتزوجة ، بل والتعريض أيضا ، مهما كان شأن زواجها ، حسما لمادة الشر والفساد ، لذلك قال ابن حجر الهيتمي رحمه الله : ” تحرم خطبة المنكوحة إجماعا ” كما في ” تحفة المحتاج ” (7/209) .
وقد كان الواجب في مثل حال السائل أن يترك القرار لتلك الزوجة ، وينتظر بعيدا حتى تقرر الفراق من زوجها المسجون ، بطلب الفسخ أو الطلاق من القاضي الشرعي ، بكامل حريتها واستقلالية قرارها ، وذلك جائز لها كما سبق في الفتوى رقم : (150964) ، ثم بعد ذلك إن أحب أن يتقدم لخطبتها تصريحا بعد انقضاء عدتها فلا حرج عليه .
أما أن يعدها بالزواج ، ويمنيها بالعناية والرعاية لها ولأبنائها ، وهي في عصمة زوجها ، وإن كان سجينا : فليس ذلك من المروءة ولا من الأخلاق في شيء ، كما أنه ليس من الإسلام في شيء ؛ لما فيه من اعتداء على الأعراض المعصومة ، وإذا كانت الشريعة قد عدت ذكر المسلم في غيبته بسوء إثما عظيما ، وأكلا للحمه ميتا ، كما قال سبحانه وتعالى : ( وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ) الحجرات/12، فكم هو عظيم إثم من استولى على عرض أخيه وهو في سجنه ، فلا شك أنه أعظم إثما وأقبح جرما / قال تعالى : ( وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ ) البقرة/235.
فالواجب على من وقع في ذلك المسارعة إلى التوبة والاستغفار والندم على ما فات ، والعزم على عدم العودة إلى مثله ، ولْيسْعَ في التكفير عن ذنبه بالإكثار من الصالحات ، والإحسان إلى ذلك الرجل المسجون ما استطاع إلى ذلك سبيلا ولو بالتصدق عنه ، لعل الله تعالى يكتب له ولزوجته الرحمة والمغفرة .
على أن هذه المرأة لو طلقها القاضي من زوجها ، وانقضت عدتها ، ونكحته : فإن نكاحها صحيح ، ولا يجب عليه تجديد عقد الزواج ؛ فقد قال الفقهاء : ” إن صرح بالخطبة ، أو عرَّض في موضع يحرم التعريض ، ثم تزوجها بعد حلها ، صح نكاحه . وقال مالك : يطلقها تطليقة ، ثم يتزوجها ، وهذا غير صحيح ؛ لأن هذا المحرم لم يقارن العقد ، فلم يؤثر فيه ” .
ينظر ” المغني ” (7/148) .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android