0 / 0

اتفاق الزوجين على الإتيان من الدبر .

السؤال: 200601

أنا امرأة متزوجة منذ خمس سنوات ملتزمة ، والحمد لله أرتدي الحجاب ، وأصلي ، وأصوم ، وزوجي كذلك ، عندي طفل ، والآن أنا حامل في شهري الرابع ، ومشكلتي بدأت منذ ستة أشهر طلب مني زوجي الجماع من الدبر ، في الأول عارضته ، وقلت له : حرام لكن بعد إلحاحه تركته يفعل ما يشاء ، في البداية كان ذلك الشيء مؤلما ، لكن مع تكرار العملية بدأت أحب الجماع من الدبر ، فالآن أنا من يطلب منه أن يفعل معي هكذا ، حاولت أن أقاوم نفسي لكني لم أستطع ، حتى إنني لم أعد أحس باللذة عندما يجامعني من الفرج .

أرجو المساعدة ، فأنا أتعذب .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
إتيان المرأة في دبرها محرم في شريعة الإسلام ، بل هو كبيرة من الكبائر ، وعلى ذلك دلت الأدلة الشرعية من السنة الثابتة وقول الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أئمة الإسلام .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ” وَطْء الْمَرْأَة فِي دبرهَا : حرَام فِي قَول جَمَاهِير الْعلمَاء ، وَمَتى وَطئهَا فِي الدبر وطاوعته : عُزِّرا ، فَإِن لم ينتهيا : فُرِّق بَينهمَا ، كَمَا يفرق بَين الْفَاجِر وَبَين من يفجر بِهِ ” .
انتهى من “مختصر الفتاوى المصرية” (37) .
ينظر جواب السؤال رقم : (60200) ، (161485) .

فلا يحل لواحد منكما أن يطلب من الآخر ذلك الفعل القبيح ، ولا يحل لكما أن تتراضيا به ، أو تتواطآ عليه ، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .

والواجب عليكما التوبة إلى الله تعالى من ذلك ، والندم على حصوله ، وسؤال الله العافية منه ؛ فإن مثل هذه القاذورات ، وخصال السوء ، يأنف منها ذو الفطرة السوية المستقيمة ، ولا تدعوه نفسه إلى مثل ذلك .
ومن ترك الحلال الطيب ، واستعاض عنه بالخبيث المحرم ، فقد سلط الشيطان على نفسه ، وأمكن عدوه منه ، فزين له سوء عمله ، وحسن له القبيح ، حتى يورطه فيه ، ويوقعه في حباله ، فيستعذبه ، كما تستعذب الجعلان النتن والخبث ، ولا يألف الطيب والعبير .
وقد قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا، فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا، نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ ، وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا ، نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ ، حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ ، عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ ، وَالْآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ، مُجَخِّيًا لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا، وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا، إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ ) رواه مسلم (144) .

قال ابن القيم رحمه الله :
” فالنفوس الشَّرِيفَة لَا ترْضى من الْأَشْيَاء إِلَّا بِأَعْلَاهَا وأفضلها وأحمدها عَاقِبَة ، والنفوس الدنيئة تحوم حول الدناءات ، وَتَقَع عَلَيْهَا كَمَا يَقع الذُّبَاب على الأقذار ” انتهى من “الفوائد” (ص 177) .

ومع ما ذكرناه من وجوب التوبة النصوح ، ننصحكما هنا بأمور فيما بينكما :
– عدم موافقة الزوج على هذا الفعل المحرم تحت أي ظرف كان ، إن طلب ذلك مرة أخرى .
– مناصحة الزوج وتذكيره ونصحه بالتوبة والإنابة إلى الله .
– الانشغال بطاعة الله عما يدعو إلى مثل هذه الأفعال الشاذة والمنكرة ، والتوبة إلى الله منها ، كمشاهدة الأفلام والتمثيليات والصور المحرمة .
– إبعاد الزوج عن كل ما يدعو إلى الاستلذاذ بالدبر من مداعبة في هذا الموضع ، ونظر ونحو ذلك .
– الاعتناء بالتهيؤ للزوج ، والتصنع له ، وقضاء كل منكما حاجته من صاحبه ، في الموضع الذي أحل الله ، لكن مع ترغيب كل منكما صاحبه قبل ذلك ، بالملاعبة والمباشرة ، بما يحقق الرغبة بينكما ، ويعين على قضاء الوطر في المحل المباح .
– تحلّي بالصبر عن معصية الله ، والمثابرة على طاعته ، وتوطين النفس على ترك هذا المحرم ؛ فربما صعب ذلك بادئ الأمر ، فلا يؤثر ذلك في عزيمتك على التوبة والاستقامة ، وبالصبر والحكمة وطرد الوساوس عن النفس وعدم إشغال البال بالباطل تنحل العقدة ويزول الكرب وتعود النفس إلى طبيعتها بإذن الله .
– أكثري من تلاوة القرآن وذكر الله والاستغفار ، فإن ذلك يُصقل القلب ، ويصرف الهم والغم ، ويفسد على الشيطان تدبيره وكيده ، فإذا ذاق القلب حلاوة الذكر ، واستنار بنور الطاعة ، عادت إلى النفس طبيعتها وفطرتها من حب الرغبة في الحلال الطيب والنفور من الحرام الخبيث .
– ليكن لك ولزوجك حظ من صلاة الليل ، ودعاء جوف الليل الآخر ، وقد روى أبو داود (1451) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَنِ اسْتَيْقَظَ مِنَ اللَّيْلِ وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ ، فَصَلَّيَا رَكْعَتَيْنِ جَمِيعًا، كُتِبَا مِنَ الذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا، وَالذَّاكِرَاتِ ) وصححه الألباني في “صحيح أبي داود” .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى ، وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ ، فَإِنْ أَبَتْ ، نَضَحَ فِي وَجْهِهَا الْمَاءَ ، رَحِمَ اللَّهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّتْ ، وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا، فَإِنْ أَبَى، نَضَحَتْ فِي وَجْهِهِ الْمَاءَ ) .
رواه أبو داود (1308) وصححه الألباني .
ومثل هذا ينصلح به الحال ويستقيم به المزاج ويصرف عن الانحراف واتباع الهوى .
نسأل الله أن يعينك على نفسك وشيطانك ، وأن يصرف عنك وعن زوجك مكائد الشيطان ودسائسه .

فإن لم ينصلح حالكما ، وبقيت رغبة كل منكما في صاحبه في الموضع المحرم : فليس لكما الاجتماع على مثل هذه المعصية ، بل الافتراق ، على طاعة الله ، خير منها ، وأقل لحسابكما عند الله .

ينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (91968) .
والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android