0 / 0

الكلام على حديث : ( إِنَّكُمْ فِي زَمَانٍ مَنْ تَرَكَ مِنْكُمْ عُشْرَ مَا أُمِرَ بِهِ هَلَكَ ، ثُمَّ يَأْتِي زَمَانٌ مَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ بِعُشْرِ مَا أُمِرَ بِهِ نَجَا ) .

السؤال: 200826

أذكر أني قرأت حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما معناه : أن المسلمين في زمان الرسول صلى الله عليه وسلم إن هم تركوا عشر (1 من 10) ما أمروا ، به فسيدخلون النار ، وسيأتي زمان إن فعل المسلمين عشر ما أمروا به : دخلوا الجنة .
فأرجو منكم إفادتي حول ما إذا كان هناك حديث كهذا ؟ وفي حال لم يكن حديثا ، فهل معناه صحيح ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

روى الترمذي (2267) ، والطبراني في “المعجم الصغير” (1156) ، وأبو نعيم في “الحلية” (7/316) من طريق نُعَيْم بْن حَمَّادٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ الأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّكُمْ فِي زَمَانٍ مَنْ تَرَكَ مِنْكُمْ عُشْرَ مَا أُمِرَ بِهِ هَلَكَ ، ثُمَّ يَأْتِي زَمَانٌ مَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ بِعُشْرِ مَا أُمِرَ بِهِ نَجَا ) .
وقال الترمذي : ” هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ ، لاَ نَعْرِفُهُ إِلاَّ مِنْ حَدِيثِ نُعَيْمِ بْنِ حَمَّادٍ ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ ” .
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله في شأن نعيم ، وما يتفرد به :
” وَنُعَيْمٌ هَذَا وَإِنْ كَانَ وَثَّقَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ ، فَإِنَّ أَئِمَّةَ الْحَدِيثِ كَانُوا يُحْسِنُونَ بِهِ الظَّنَّ ، لِصَلَابَتِهِ فِي السُّنَّةِ ، وَتَشَدُّدِهِ فِي الرَّدِّ عَلَى أَهْلِ الْأَهْوَاءِ ، وَكَانُوا يَنْسُبُونَهُ إِلَى أَنَّهُ يهِمُ ، وَيُشَبَّهُ عَلَيْهِ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ ، فَلَمَّا كَثُرَ عُثُورُهُمْ عَلَى مَنَاكِيرِهِ ، حَكَمُوا عَلَيْهِ بِالضَّعْفِ ، فَرَوَى صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَافِظُ عَنِ ابْنِ مُعِينٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْهُ فَقَالَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ وَلَكِنَّهُ صَاحِبُ سُنَّةٍ ، قَالَ صَالِحٌ : وَكَانَ يُحَدِّثُ مِنْ حَفْظِهِ ، وَعِنْدَهُ مَنَاكِيرُ كَثِيرَةٌ لَا يُتَابَعُ عَلَيْهَا، وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ : يَصِلُ أَحَادِيثَ يُوقِفُهَا النَّاسُ، يَعْنِي أَنَّهُ يَرْفَعُ الْمَوْقُوفَاتِ ، وَقَالَ أَبُو عَرُوبَةَ الْحَرَّانِيُّ : هُوَ مُظْلِمُ الْأَمْرِ ، وَقَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ : رَوَى أَحَادِيثَ مَنَاكِيرَ عَنِ الثِّقَاتِ ، وَنَسَبَهُ آخَرُونَ إِلَى أَنَّهُ كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ ” انتهى “جامع العلوم والحكم” (2/ 394) .
وينظر : “تهذيب التهذيب” (10/ 461) .

وقد عد هذا الحديث من جملة مناكير أبي نعيم .
وقال أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ : ” هَذَا حَدِيثٌ منكر ، رواه نعيم بْن حَمَّاد ، وليس بثقة “.
“العلل المتناهية” (2/ 369) .
وقال الذهبي رحمه الله :
” تَفَرَّدَ نُعَيْمٌ بِذَاكَ الخَبَرِ المُنْكَرِ … ” فذكر هذا الحديث ثم قال : ” فَهَذَا مَا أَدْرِي مِنْ أَيْنَ أَتَى بِهِ نُعَيْمٌ ! وقد قَالَ نُعَيْمٌ : هَذَا حَدِيْثٌ يُنْكِرُوْنَهُ ، وَإِنَّمَا كُنْتُ مَعَ سُفْيَانَ ، فَمَرَّ شَيْءٌ, فَأَنْكَرَهُ ، ثُمَّ حَدَّثَنِي بِهَذَا الحَدِيْثِ .
قُلْتُ: هُوَ صَادِقٌ فِي سَمَاعِ لَفْظِ الخَبَرِ مِنْ سُفْيَانَ ، وَالظَّاهِرُ – وَاللهُ أَعْلَمُ – أَنَّ سُفْيَانَ قَالَهُ مِنْ عِنْدِهِ بِلاَ إِسْنَادٍ ، وَإِنَّمَا الإِسْنَادُ قَالَهُ لِحَدِيْثٍ كَانَ يُرِيْدُ أَنْ يَرْوِيَهُ ، فَلَمَّا رَأَى المُنْكَرَ ، تَعَجَّبَ ، وَقَالَ مَا قَالَ عَقِيْبَ ذَلِكَ الإِسْنَادِ ، فَاعْتَقَدَ نُعَيْمٌ أَنَّ ذَاكَ الإِسْنَادَ لِهَذَا القَوْلِ . وَاللهُ أَعْلَمُ ” انتهى من “سير أعلام النبلاء” (9/ 23-24) .
وينظر : “الكامل” لابن عدي (7/18) حيث أورد هذا الحديث في مناكيره .
وينظر أيضا : “التنكيل” للمعلمي (2/737) .

وله شاهد رواه الإمام أحمد (21372) فقال :
حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ الْأَسْوَدُ ، قَالَ مُؤَمَّلٌ: وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا الصِّدِّيقِ ، يُحَدِّثُ ثَابِتًا الْبُنَانِيَّ ، عَنْ رَجُلٍ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّكُمْ فِي زَمَانٍ عُلَمَاؤُهُ كَثِيرٌ ، خُطَبَاؤُهُ قَلِيلٌ ، مَنْ تَرَكَ فِيهِ عُشَيْرَ مَا يَعْلَمُ هَوَى ، أَوْ قَالَ : هَلَكَ ، وَسَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَقِلُّ عُلَمَاؤُهُ وَيَكْثُرُ خُطَبَاؤُهُ ، مَنْ تَمَسَّكَ فِيهِ بِعُشَيْرِ مَا يَعْلَمُ نَجَا )
ومؤمل بن إسماعيل صدوق سيء الحفظ ، كما في “التقريب” (ص555) .

ورواه البخاري في “التاريخ الكبير” (2819) من طريق إبراهيم بن موسى ، والهروي في “ذم الكلام” (97) من طريق علي بن خشرم ، كلاهما عن عيسى بن يونس عن الحجاج بن أبي زياد عن أبي الصديق أو عن أبي نضرة – شك الحجاج – عن أبي ذر به .
وهذا أصح من حديث المؤمل بن إسماعيل .
قال محققو المسند : ” وفي سماعهما – يعني أبا نضرة وأبا الصديق – من أبي ذر نظر ” .
والحاصل : أن الأظهر ضعف هذا الحديث ، لما سبق بيانه في أسانيده .
وقد سئلت اللجنة الدائمة عن هذا الحديث فأجابوا بما تقدم من نقل إنكار النسائي والذهبي إياه .
“فتاوى اللجنة الدائمة” (3/ 255) .

قال القاري رحمه الله في شرحه :
” (هَلَكَ) : لِأَنَّ الدِّينَ عَزِيزٌ وَالْحَقُّ ظَاهِرٌ ، وَفِي أَنْصَارِهِ كَثْرَةٌ فَالتَّرْكُ يَكُونُ تَقْصِيرًا مِنْكُمْ فَلَا يُعْذَرُ أَحَدٌ مِنْكُمْ فِي التَّهَاوُنِ ( ثُمَّ يَأْتِي زَمَانٌ ) : يَضْعُفُ فِيهِ الْإِسْلَامُ وَيَكْثُرُ الظَّلَمَةُ وَالْفُسَّاقُ وَقَلَّ أَنْصَارُهُ ، فَيُعْذَرُ الْمُسْلِمُونَ فِي التَّرْكِ إِذْ ذَاكَ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ لَا لِلتَّقْصِيرِ ( مَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ بِعُشْرِ مَا أُمِرَ بِهِ نَجَا) : لِانْتِفَاءِ تِلْكَ الْمَعَانِي الْمَذْكُورَةِ ” انتهى من “مرقاة المفاتيح” (1/ 264-265) .
راجع للفائدة جواب السؤال رقم : (3374) .
والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android