0 / 0

مدلول الحصر في حديث : (أهل الجنة ثلاثة : ذو سلطان مقسط متصدق موفق ، ورجل رحيم رقيق..) .

السؤال: 201033

في قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم : ” أهل الجنة ثلاثة : ذو سلطان مقسط متصدق موفق ، ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قرب ومسلم ، وعفيف متعفف ذو عيال .” ؛ هل هذا يعني أن هؤلاء فقط هم أهل الجنة ؟ أي : أليس أسلوب التقسيم الوارد في الحديث يدل على الحصر؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
روى مسلم ( 2865 ) عن عياض بن حمار المجاشعي رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( وَأَهْلُ الْجَنَّةِ ثَلَاثَةٌ ذُو سُلْطَانٍ مُقْسِطٌ مُتَصَدِّقٌ مُوَفَّقٌ وَرَجُلٌ رَحِيمٌ رَقِيقُ الْقَلْبِ لِكُلِّ ذِي قُرْبَى وَمُسْلِمٍ وَعَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ ذُو عِيَالٍ ) .
وقد تقدم شرحه في جواب السؤال رقم : (130860)

ثانيا :
هل يفيد هذا الحديث الحصر بحيث إنه لا يدخل الجنة إلا هذه الأجناس الثلاثة ؟ قيل : نعم ، يفيد الحصر ؛ فإن أهل الجنة لا يخرجون عن هذه الأجناس الثلاثة من الناس ، فعبر بالسلطان المقسط : عن كل ذي ولاية ، فيدخل في ذلك الحاكم في ولايته ، والأب في أسرته ، والرئيس في عمله ، وكل من له ولاية على أحد .
وعبّر بالرحيم رقيق القلب : عن عموم المسلمين ، فالمسلم أخو المسلم ، لا يظلمه ، ولا يسلمه ، ويحبه ، ويحب له ما يحب لنفسه من الخير ، ويعطف عليه ويرفق به ويرحمه ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا ، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا ) رواه مسلم (54) ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ ارْحَمُوا أَهْلَ الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ ) رواه أبو داود (4941) وصححه الألباني في “صحيح أبي داود” .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( إنما يرحم الله من عباده الرحماء ) رواه أبو داود (3125) وصححه الألباني .
وعبر بالعفاف عن تقوى الله المانعة من تعدي حرمات الله والتجاسر عليها ، قال القاري رحمه الله : ” وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَشَارَ بِالْعَفِيفِ : إِلَى مَا فِي نَفْسِهِ مِنَ الْقُوَّةِ الْمَانِعَةِ عَنِ الْفَوَاحِشِ ” انتهى من “مرقاة المفاتيح” (7/ 3107)
قَالَ الطِّيبِيُّ رحمه الله : ” وَإِذِ اسْتَقْرَيْتَ أَحْوَالَ الْعِبَادِ ، عَلَى اخْتِلَافِهَا : لَمْ تَجِدْ أَحَدًا يَسْتَأْهِلُ أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ، وَيَحِقَّ لَهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِهَا ، إِلَّا وَهُوَ مُنْدَرِجٌ تَحْتَ هَذِهِ الْأَقْسَامِ ، غَيْرُ خَارِجٍ عَنْهَا ” انتهى من “مرقاة المفاتيح” (7/ 3107)

وقيل : يفيد أن غالب أهل الجنة إنما يكونون من هؤلاء الأصناف ، فقد يأتي ما يفيد ظاهره الحصر ، ويكون المراد الإشارة إلى الغالب ، كقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( الْخَمْرُ مِنْ هَاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ: النَّخْلَةِ وَالْعِنَبَةِ ) رواه مسلم (1985) والمقصود إرَادَةُ الْغَالِبِ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا يُتَّخَذُ الْخَمْرُ مِنْ الْعِنَبِ وَالتَّمْرِ .
انظر : “نيل الأوطار” (8/ 201)
ومنه قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( بَيْنَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَةً إِذْ رَكِبَهَا فَضَرَبَهَا، فَقَالَتْ: إِنَّا لَمْ نُخْلَقْ لِهَذَا، إِنَّمَا خُلِقْنَا لِلْحَرْثِ ) رواه البخاري (3471) ومسلم (2388)
فإن المراد الإشارة إلى معظم ما خلقت له ، وإلا فقد خلقت للحلب والدر واللحم أيضا . انظر : “فتح الباري” (6/518)

وقيل : لا يفيد الحصر لأنه مفهوم عدد ، ومفهوم العدد لا يفيد الحصر ، والتخصيص بعدد : لا يدل على نفي الزائد .
قال النووي رحمه الله في “شرح مسلم” (13/ 88):
” الْمَشْهُورَ الصَّحِيحَ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ : أَنَّ مَفْهُومَ الْعَدَدِ لَا حُكْمَ لَهُ ؛ فَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ نَفْيُ الزِّيَادَةِ ، لَوْ لَمْ يُعَارِضْهُ إِثْبَاتُ الزِّيَادَةِ ؛ فإذا عَارَضَهُ وَجَبَ قَبُولُ الزِّيَادَةِ ” انتهى بمعناه.
وهذا مثل قوله صلى الله عليه وسلم : ( الْكَبَائِرُ سَبْعٌ: الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَةِ، وَالْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ، وَأَكَلُ الرِّبَا، وَأَكَلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالرُّجُوعُ إِلَى الْأَعْرَابِيَّةِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ ) رواه الطبراني في “المعجم الأوسط” (5709) وحسنه الألباني في “صحيح الجامع” (4606)
قيل لابن عباس: الكبائر سبع؟ قال: ” هي إلى السبعين أقرب ” .
رواه الطبري في “تفسيره” (8/ 246) بسند صحيح .

والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android