0 / 0

هل ثبت أن عمر استأذن النبي صلى الله عليه في نزع ثنيتي سهيل بن عمرو لئلا يحرض قومه على المسلمين ؟

السؤال: 201314

ما السبب الذي جعل عمر رضي الله عنه ، يقترح على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أن يكسر سن الذي يتكلم ضد الإسلام ، والمسمى سهيل بن عمرو حتى يقلل من التأثر بأحاديثه ، فرد النبي صلى الله عليه و سلم : ” لو أني فعلت ذلك فإن الله سوف يشوهني يوم القيامة وأنا رسوله ” ، على الرغم من أنه في نفس الوقت فإن الشريعة الإسلامية تعاقب السارق بقطع يده ؛ فكنت أسأل : كيف يتوافق الأمران ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
روى ابن إسحاق في السيرة – كما في “سيرة ابن هشام” (1/ 649) ومن طريقه الطبري في “تاريخه” (2/465) : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، أَخُو بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دَعْنِي أَنْزِعْ ثَنِيَّتَيْ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، وَيَدْلَعُ لِسَانَهُ، فَلَا يَقُومُ عَلَيْكَ خَطِيبًا فِي مَوْطِنٍ أَبَدًا، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا أُمَثِّلُ بِهِ فَيُمَثِّلُ اللَّهُ بِي ، وَإِنْ كُنْتُ نَبِيًّا) .
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعُمَرِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: ( إنَّهُ عَسَى أَنْ يَقُومَ مَقَامًا لَا تَذُمُّهُ ) .
وهذا إسناد ضعيف ، محمد بن عمرو بن عطاء من صغار التابعين ، وقال ابن كثير رحمه الله : ” وَهَذَا حَدِيثٌ مُرْسَلٌ ، بَلْ مُعْضَلٌ ” انتهى من “البداية والنهاية” (5/202) .
ورواه الْوَاقِدِيُّ فِي “كِتَابِ الْمَغَازِي” – كما في “نصب الراية” (3/ 120) :
حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ الْهَيْثَمِ ، مَوْلًى لِبَنِي هَاشِمٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: لَمَّا أُسِرَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو يَوْمَ بَدْرٍ، قَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، انْزِعْ ثَنِيَّتَهُ يُدْلَعُ لِسَانُهُ، فَلَا يقوم عليك خطيباً أَبَدًا . وذكر الحديث بنحوه .
وهذا إسناد واه جدا ، فمع إعضاله ، فإن راويه الواقدي – وهو محمد بن عمر بن واقد – متهم بالكذب ، قال الإمام أحمد : هو كذاب ، يقلب الأحاديث .
وقال ابن معين: ليس بثقة.
وقال – مرة : لا يكتب حديثه .
وقال البخاري وأبو حاتم: متروك .
وقال أبو حاتم أيضا والنسائي: يضع الحديث .
وقال ابن عدى: أحاديثه غير محفوظة والبلاء منه .
وقال ابن المديني : الواقدي يضع الحديث .
ينظر: “ميزان الاعتدال” (3 /663) .
وقال النسائي : ” الكذابون المعروفون بوضع الحديث أربعة : إبراهيم بن أبي يحيى بالمدينة والواقدي ببغداد ومقاتل بخراسان ومحمد بن سعيد بالشام” انتهى من “تهذيب التهذيب” (9 /163) .
ورواه الحاكم في “المستدرك” (5228) من طريق سُفْيَان، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دَعْنِي أَنْزِعْ ثَنِيَّتَيْ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو فَلَا يَقُومُ خَطِيبًا فِي قَوْمِهِ أَبَدًا.
فَقَالَ: (دَعْهُ فَلَعَلَّهُ أَنْ يَسُرُّكَ يَوْمًا) .
قَالَ سُفْيَانُ: فَلَمَّا مَاتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَرَ أَهْلُ مَكَّةَ، فَقَامَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو عِنْدَ الْكَعْبَةِ، فَقَالَ: مَنْ كَانَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَهَهُ فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَاللَّهُ حَيٌّ لَا يَمُوتُ .
وهذا مرسل أيضا ، الحسن بن محمد هو ابن علي بن أبي طالب رضي الله عنه من صغار التابعين .
فهذا الخبر لا يصح .

ثانيا :
لا علاقة بين هذا الخبر وبين حد السرقة الذي شرعه الله عز وجل ردعاً للظالمين ، وتنكيلاً بالمفسدين ، وطهرةً للمذنبين ، وحمايةً لأموال الناس .
فيقال : على فرض صحة الخبر ، فإن عمر رضي الله عنه إنما أراد تعزير سهيل بن عمرو وتأديبه ، وكان قد أسره المسلمون ، لأنه كان يؤلب الكفار على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فبين له النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يجوز أن تنزع ثنيتيه ، فإن فِعْل ذلك من التمثيل به ، والتمثيل لا يجوز في مثل ذلك ، وبين له أنه لو فعل به ذلك لمثل الله به يوم القيامة ؛ لأن الجزاء من جنس العمل ، ولا بد من العدل في العقاب ، قال تعالى : ( وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ) النحل/ 126 ، ولكن يُستأنى به فلعل الله أن يتوب عليه .
وقد أسلم سهيل بن عمرو رضي الله عنه فعلا بعد ذلك وحسن إسلامه .
انظر : “الإصابة” (3/177-178) .
وروى الإمام أحمد (5674) عن ابن عمر قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( اللهُمَّ الْعَنْ فُلَانًا، اللهُمَّ الْعَنِ الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ، اللهُمَّ الْعَنْ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو، اللهُمَّ الْعَنْ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ ).
قَالَ: فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ : (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ، فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ) آل عمران/ 128 قَالَ: فَتِيبَ عَلَيْهِمْ كُلِّهِمْ .
وصححه محققو المسند .
وأما حد السرقة فهذا حد من حدود الله ، شرعه الله لحكم جليلة ، ولا مدخل فيه للقياس ، فلا يقال مثلا : كما قطع يد السارق ، ينبغي أن يقطع عضو الزاني ، أو لسان القاذف والساب ، أو نحو ذلك ؛ فمثل هذا الباب : هو شرع مقدر ، لا مدخل للقياس ولا للتنظير فيه ، إنما فيه التسليم لأمر الله وشرعه ؛ وقد قال الله تعالى : (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) النساء/65 ، وقال تعالى : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ) الأحزاب/36 .
راجع إجابة السؤال رقم (118687) والسؤال رقم (14238).
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android