0 / 0

توقير الصحابة وإجلالهم يكون في غير غلو ، وعلى الوجه الذي جرى عليه عمل المسلمين .

السؤال: 201351

جرت العادة في باكستان على أن يُسبق اسم الصحابي عند الحديث عنه بلقب “حضرة..”، وهذا أثار حفيظة بعض الطلاب المنتصرين للحركة النسوية فقالوا: ولما لا يُستخدم لقب مشابه عند الحديث عن النساء الصحابيات ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
محبة الصحابة وتوقيرهم والترضي عنهم من الإيمان ؛ فإنهم خير الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم ، ومحبتهم من محبته ، وتوقيرهم من توقيره .
قال الإمام أحمد رحمه الله :
” فَأَدْنَاهُمْ صُحْبَةً هُوَ أَفْضَلُ مِنَ الْقَرْنِ الَّذِينَ لَمْ يَرَوْهُ , وَلَوْ لَقُوا اللَّهَ بِجَمِيعِ الْأَعْمَالِ . كَانَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ صَحِبُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَأَوْهُ وَسَمِعُوا مِنْهُ وَمَنْ رَآهُ بِعَيْنِهِ وَآمَنَ بِهِ وَلَوْ سَاعَةً أَفْضَلَ بِصُحْبَتِهِ مِنَ التَّابِعِينَ وَلَوْ عَمِلُوا كُلَّ أَعْمَالِ الْخَيْرِ ” .
انتهى من “شرح أصول اعتقاد أهل السنة ” (1/ 180) .
ثانيا :
لا فرق في ذلك بين الرجال والنساء منهم ، فكلهم في أصل المحبة والتعظيم والتبجيل سواء ، ثم يتفاوتون في مقدار ذلك بتفاوت درجاتهم في الصحبة والفضل .
وهذا أمر ينبغي أن يجتمع عليه الناس ولا يتفرقوا ولا يغالوا فيه ، وكل ما يستدعي التفريق والاختلاف والمغالاة فالواجب نبذه وهجره ؛ لأن محبتهم وإجلالهم تستدعي التحالف لا التخالف ، فكل ما كان بضد ذلك فهو منبوذ مذموم .
ثالثا:
الذي جرى عليه عمل الناس – وهو ما عليه أهل الرواية قاطبة – هو الترضي عن الصحابة رضي الله عنهم ذكرانا وإناثا ، صغارا وكبارا ، دون أن يسبق اسم الواحد منهم لفظ تعظيم وتفخيم ، مثل ” حضرة ” أو ” السيد ” أو ” سيدنا ” ونحو ذلك .

فالذي ينبغي عدم العدول عنه هو ما جرى عليه عمل الناس من لدن التابعين إلى يومنا هذا ، وهو أن يقال مثلا ” أبو بكر رضي الله عنه ” ، ” أبو سعيد الخدري رضي الله عنه ” ، ” عائشة رضي الله عنها “
فإن كان لأحدهم لقب متعارف عليه بين السلف فاعتماده لا حرج فيه ، كأن يقال ” أبو بكر الصديق ” ، ” عمر الفاروق ” ، ” عائشة أم المؤمنين ” ، ونحو ذلك .

أما تلقيب أحدهم بـــ ” حضرة ” أو نحوها وجعل ذلك للرجال منهم دون النساء ، والتزام ذلك والاستدامة عليه ، ثم حصول الخلاف بين المسلمين من جرائه ، فالذي يظهر ، والله أعلم : أنه من التكلف الذي نهينا عنه .
والواجب أن يقرر في النفوس حب الصحابة جميعا ، ومعرفة حقهم ، والترضي عنهم ؛ وأما أنصار الحركة المذكورة فليست قضيتهم تقديم ما قدم الله ورسوله ، وتأخير ما أخره ، ولا غيرة على أصل شرعي ، وحق ديني ، إنما هي طرد للوثة غلبت عليهم ، في كل شيء ؛ حتى لو قلت لهم : لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة ، لأغضبهم أشد من ذلك ، وأثار حفيظتهم .
على أننا نرى أن يكون الباب واحد في الأدب اللفظي مع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فمن التزم مثل هذه الألفاظ مع الرجال منه ، كان ينبغي عليه أن يلتزمها مع نساء الصحابة ، رضوان الله عليهم جميعا .

والخلاصة :
أن مثل هذه المسألة يجب ألا تحدث نزاعا بين المسلمين ، وإذا حصل نزاع في مثل ذلك وجب رد المتنازعين إلى عمل السلف وهديهم ، فيقتصر عند ذكر الصحابة على الترضي عنهم ذكرانا وإناثا صغارا وكبارا ، ومن كان له لقب أو وصف ثابت له شرعا فلا حرج في تخصيصه به عند ذكره .
وكذا لو أُطلق أحيانا لفظ يدل على التبجيل والتفخيم لأحدهم رضي الله عنهم دون قصد تخصيصه بذلك ، ودون التزام لمثل هذه الألفاظ في حديثه كله : فلا حرج .
راجع للفائدة إجابة السؤال رقم : (84853) .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android