0 / 0

هل يطيع أمه في ترك مخطوبته بعد ما ظهر منها من جرأة وتصرفات لا ترضاها والدته ؟

السؤال: 202041

هل عدم موافقة الأم على الإنسانة التي اختارها الابن كشريكة لحياته ، تعني أن الله لن يبارك هذا الزواج ؟
خاصةً وأنه أثناء يوم الخطوبة حدثت مشاكل وحساسيات لها علاقة بتصرفات عائلتها وشخصية البنت المخطوبة : طريقة الجلوس؛ الجرأة في المناقشة ؛ التحدث بالسوء عن أفراد من أسرتها؛ رغبتها في جلوسها مع الخاطب بحضور الأهل لأخذ صور للذكرى ، لكن الابن رفض ذلك بحكم الشرع والعُرف ، وبعد انتهاء الخطوبة ، وخروج الخاطب وعائلته : قام زوج أخت المخطوبة بالاتصال بالخاطب ، يطلب منه أن يعود لكي يوصله بالسيارة لمنزله ، لكن عند وصول الخاطب اقترح عليه زوج الأخت ، وأقنعه أن يدخل لأخذ بعض الصور للذكرى مع المخطوبة ، الشيء الذي لم تتقبله أم الخاطب ، واعتبرته إهانة لها.
الآن البنت تريد الاعتذار من أم الخاطب عن التصرفات التي صدرت منها يوم الخطوبة ، لكن الأم لا تريد حتى سماع صوتها ، والابن يحاول إقناع أمه بإعطاء البنت فرصة لإثبات حُسن نيتها واستعدادها للتغيير.
فهل موقف الأم هذا يعتبر صحيحا أم مُبالغا فيه ؟
بحكم أن البنت اعترفت بخطئها ، وتريد الاعتذار .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

وحده
بداية ، نشكر لك ثقتك بالموقع وثناءك عليه ، نسأل الله أن ينفع به .
لا شك أن للأم حقوقا قد فصلها الشرع الحكيم ، بل جعل برها والإحسان إليها سابقا على الجهاد ، الذي هو ذروة سنان الدين .
وينظر جواب السؤال رقم : (5512) .
ولا شك أن خبرة الأمهات ، ونظرتهن الثاقبة ، في أمور حياتية مثل الزواج ينبغي ألا يستهان بها ، فتجربتهن وقربهن من محيط النساء ، يجعل رؤيتهن المتفحصة – إذا صاحبها تقوى الله والبعد عن الغيرة والهوى – أعمق ، وأقرب إلى الصواب ، من رؤية الأبناء ، أو الرجال بصفة عامة .
ولا ريب أن الجلسة الأولى إلى المخطوبة وأهلها : تترك انطباعا خاصا عند الأمهات العاقلات الرصينات : فإما ارتياح وقبول ، وإما نفور لا يغيره اعتذار ، ولا وعد بالإصلاح .
إن عين الأم، أو الخبير بأحوال النساء في مثل ذلك : سوف تبحث عن عقل البنت ، وما يظهر من أخلاقها وتصرفاتها ؛ وسوف تختبر طبعها : من حيث الخفة والنزق والطيش ؛ أو عكس ذلك من : الحياء ، والرصانة ، والرزانة .
أضف إلى ذلك أن كلا الطرفين يتعمد الظهور في مثل هذه المواقف ، بشكل لائق ، يعرض فيه على الطرف الآخر : أجمل ما فيه ، وأنفس ما عنده ؛ فكيف يكون الحال ، وقد تفاجأت الوالدة بمثل ما ذكرت من التصرفات : جرأة أكثر من المحتمل في مثل ذلك الموقف ، ضعف في عامل الحياء الذي يمسكها ، ويحفظ تصرفاتها .
قديما في بعض المجتمعات ، كانت هناك أسئلة معينة تطرح على المخطوبة ، وكان هناك حرص على مراقبتها أثناء أكلها وجلستها وكيفية حديثها ؛ كان ذلك كله عاملا مشجعا ، أو منفرا منها ، ولو كان انطباعا أوليا ، فمثل هذا الانطباع يصعب التغلب عليه بعد ذلك .
ربما تعذر البنت فيما ذكرت من سلوكها وتصرفاتها ، لأنها معتادة على ذلك في عائلتها ، ربما تكون العائلة فيها انفتاح زائد ، لكن ذلك – من خلال عرضكم للمشكلة – يوضح أن هناك تباينا في نمط السلوك بين العائلتين ، فما لم تمانع منه عائلة الفتاة ، وباركه زوج أختها ، بل ودعاك إليه بالتحايل : تراه أنت وأمك مخالفا لما يجب أن يكون شرعا ، وعرفا ، بل وأغضب أمك ، وجعلها تأخذ موقفا من المخطوبة .
وحينئذ ، إذا قدرنا أن الفتاة معذورة في شخصها ، فسوف يبقى هذا التباين في الطباع والعادات بين العائلتين ، مما يصعب تجاوزه في مستقبل العيش بينكما .
إننا نرى ، بقليل من التأمل ، إن الإقدام على مثل هذه الخطبة : سوف يجر عليك خيطا من المشكلات ، ويفتح بابا من التنازع بين الطرفين القريبين منك ، كل القرب ، وسيبقى انطباع الأم الأول عاملا للصد المتبادل بينهما.
إن الأم ليست معصومة من الخطأ ، لكنها سوف تبقى أمك ، ولن تستطيع التضحية بها ، أو برضاها ، أو بشيء من مشاعرها ؛ فما الذي يجبرك على الدخول في ثنائية مبكرة ، كهذه ؟!
وما الذي يحملك على أن تستكره أمك على قبول وضع لا ترضاه ؟!
لو كانت هذه الفتاة زوجة ، ولك منها الولد : كنا سنعاني صعوبة في رسم طريق التوفيق بين حقين ، وواجبين ؛ فكيف والأمر : مجرد خطبة ، في أول أمرها ؟!
فهبها صالحة ، سالمة من كل عيب ؛ أفلا يستحق رضا أمك أن تتركها لترضى ، ولم يضيق الله عليك ؛ والنساء سواها كثير ؟!
وفي الأخير لا يسعنا إلا الدعاء لك أن يختار الله لك ما فيه خيرك .
والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android