0 / 0

تتهمها والدتها بالوقوف في صف زوجها وتغضب منها بسبب ذلك ، فكيف تتصرف؟

السؤال: 202295

زوجي إنسان ملتزم جدا أخلاقيا ودينيا ، وأمي كذلك ، ولكن سريعا ما تغضب علي أمي عندما تسمع على لسان أي شخص كلاما ينسبونه لزوجي ، وقلت لها مرارا : إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ؛ اسألي زوجي وتحققي منه واستوضحي الأمر ، ولكن هي لا تريد أن تتواجه مع زوجي ، وأكون أنا الضحية ، فتوبخني ، وتغضب علي ؛ لأنها تريدني في صفها ، وليس في صف زوجي ، إذا دافعت عنه ، أنا لا أريدها أن تتشاجر مع زوجي ، ولا هو يتشاجر معها ، وأقبل أن أكون موبخة من كلا الطرفين ، حتى لا يكون هناك صراع بينهما قدر ما أستطيع ، ولكنى بشر .
فهل أنا مخطئة بالدفاع عن زوجي ، وعدم مجاراة أمي في خطئها ؟ وماذا علي أن أفعل عندما أرضيها وتتجاهلني ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

إن من نعم هذا الدين التي لا تحصى ولا تعد ، أنه حدد لنا الحقوق وقيد لنا الواجبات ، ونظم لنا العلاقات حتى نكون على بينة في كل خطوة وفي كل تعامل .
ومن رحمة الله بنا أن لم يتركنا هملا ، بل جعل لنا شريعة سمحاء تتناسب وطبيعتنا البشرية ، وتتلاءم واحتياجات كل واحد منا ، أبا كان أو أما أو زوجا أو أخا أو ابنا أو جارا … فرتبت لنا الأولويات ، وأعطت لكل ذي حق حقه ، ويبقى علينا فقط أن نفهم هذه الأولويات ، وأن نعلم ترتيبها حتى لا نظلم ولا نقصر ، فجعل للأم حقا معروفا ، هو أولى حقوق العباد : بعضهم على بعض :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : ” قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ الصُّحْبَةِ ، قَالَ : ( أُمُّكَ ثُمَّ أُمُّكَ ثُمَّ أُمُّكَ ثُمَّ أَبُوكَ ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ ) رواه مسلم ( 4622 ) .
وينظر : ما للأم من حقوق ، وما عليها من واجبات في جواب السؤال رقم : (5053).
وجعل على الابنة الأنثى المتزوجة حقا لأمها لكن بعد استيفاء حق زوجها ؛ إذ حقه مقدم على كل الحقوق ، فهو جنتها أو نارها .
وللاستزادة ، ينظر جواب السؤال رقم :(110845) .
والعاقلة الموفقة من أُلهمت الجمع بين رضا زوجها ، ورضا أمها ، من غير إضرار بأحدهما. وهذا لا يعني أن الحياة ستخلو حينها من المشاكل ، فالمشاكل سنة الحياة ، والطفيف منها ملح لها ، لكن يبقى كيف نتعامل مع هذه المشكلات بشكل طبيعي ونتقبلها بنفس مطمئنة واثقة .
هو زوجك ، وغير مقصر معك وتشهدين له بالتزامه ، وفقكما الله وجمع بينكما دوما فيما يحبه ويرضاه ، وكل ما يقال عنه –حسب ما أوردت- لا يعدو أن يكون وشاية .
وهي أمك ، قد سهرت الليالي لأجلك ، وكابدت لأجل أن تراك يوما عروسا ، وضحت بعمرها وأفنت زهرة شبابها لأجل تربيتك ، وهي لا تنتظر منك سوى برها وخفض الجناح لها ومراعاة مشاعرها ، لكنها تغتاظ من بعض تصرفات زوجك ، وحينما تخبرك بذلك ، تسارعين لنفي التهمة على زوجك ، كما يمليه عليك ضميرك ورؤيتك للأشياء ، وتستميتين في الدفاع عنه ، وهذا يؤدي إلى إحساس أمك بأنه قد سلبك منها ، وبأنك تقدمينه عليها ، وبأنها لم يعد مرغوبا فيها فقد أتى من يملأ عليك كل حياتك ، فتغضب منك وتحرض عليك إخوتك .
وقد أحسنتْ صنعا إذ لم تواجهي زوجك بما يغيظها منه ، فالمواجهة بين الحماة وزوج ابنتها يهدم سور الاحترام بينهما ، وتكون الزوجة أول من تصطلي بنار ذلك .
ونعلم قدر معاناتك في تحمل هذا الدور ، والعمل على عدم وقوع المواجهة بينهما ، لكن بعض الشر أهون من بعض .
أيتها الفاضلة ، كانت هذه إعادة تفكيك مشكلتك ، وهي بحول الله بسيطة مادام كل من أمك وزوجك ملتزمين ، لكنها تحتاج منك إلى بعض الذكاء والحنكة في التعامل معها ، ولعل فيما يأتي من نقاط بعض من الرؤى لتجاوز هذا الأمر ، أو على الأقل للتقليل من حدته:
1- الآباء في هذه الفترة من العمر بعد أن يتزوج أبناؤهم الذين كانوا يملؤون عليهم حياتهم ، تنتابهم مشاعر متقلبة وإحساس بالوحدة إثر استقلاليتهم عليهم ، فيفتعلون أحيانا بعض المشاكل فقط لاسترعاء اهتمام أبنائهم ، ولتذكيرهم بأنهم العنصر المهم في الحياة ونقطة مركز الدائرة ، يذكرونهم بأهميتهم وبحقهم الذين يرون أنه قد جاء من يسلبهم إياه ، حاولي أن تتفهمي نفسانية أمك وأن تعذري إحساسها ، واعملي على أن تشعريها بأهميتها في حياتك ، وذلك باستشارتها في بعض شؤونك التي لا علاقة لها بحياتك الخاصة مع زوجك ، كأن تستشيريها في بعض مشترياتك أو في علاقاتك مع صديقاتك أو غيرها ، وابتعدي ما أمكنك عن الحديث عن زوجك وعن مدحه أمامها حتى لا تشعلي فتيل غيرتها .
2- من أكبر الأخطاء التي يقع فيها الأبناء مع الوالدين ،أن يلزموهم بعد أن يشبّوا وينضجوا ، بطريقة تفكيرهم ورؤيتهم للأشياء ، وتحليلهم وحلهم للمشاكل ، وينسون أن رؤيتهم تبقى أبوية رغم كل شيء ، تتملكها العاطفة والإحساس بفارق السن والحنكة والتجربة في الحياة ، لا تلزمي أمك بنظرتك ، ولا تشعريها بأنك تفهمين أفضل منها ، وبأن تحليلك لما تقوله لك عن زوجك هو الصائب ، حاولي أن تمتصي غضبها منه ، بإخبارها بأنه بشر وبأنه قد يخطئ وبأنه غير معصوم من الزلل .
3- من الخطأ أيضا التعامل معهم وهم في هذه السن بمبدأ الند والسواسية ، أو بمبدأ (الخطأ : خطأ ) فهم يعتبرون هذا تعاليا عليهم ، وإهدارا لأبوتهم ؛ فلا تجهري في وجهها بأنها مخطئة ، ولو كانت كذلك ، فلا أثقل على قلب الوالدين من ابن يتعالى عليهم ، ويذكرهم بأنه يفهم أفضل منهم ، وبأن خطأهم لن يجعله يتجاوز عنهم .
4- إن من الذكاء الاجتماعي والفطنة في التعامل مع من حولنا ، أن نكسب ودهم وأن نمتص غضبهم ، فما بالك والغاضبة أمك ، اعملي على إشعارها بأهميتها في حياتك – كما قلنا سابقا- وذلك باستشارتها في بعض شؤونك فيما هو بعيد عن حياتك الخاصة مع زوجك .
وانظري جواب السؤال : (96665) في طريقة علاج تدخل الأم في حياة ابنتها المتزوجة .
5- أمك غير ملزمة بالاعتذار لك فلا تنتظري ذلك ، ولا تحوجيها إلى الاعتذار ، واستمري في تقبيل رأسها ، وفي مراضاتها واحتسبي الأجر عند الله .
6- اعملي جاهدة على تحسين علاقة أمك بزوجك ، فهي إن تقبلته أحبته ، وكفتك التبرم منه ، انصحيه أن يبادر هو إلى الإحسان إليها ، ولو بكلمة طيبة ، وإن قدر على هدية ، ولو يسيرة ، فهو خير وبر ؛ فإن الهدية تذهب غيظ القلب ، ووحر الصدر .
وفي نهاية الأمر ، حينما يتحتم عليك أن تختاري : فاختاري زوجك ، وقدمي رضاه على رضا أمك ، ورضا كل إنسان غيره ؛ ولو اضطرك ذلك إلى تقليل فرص الاحتكاك ، والتزاور ، والتعامل بين الطرفين ، فحافظي ـ أولا ـ وقبل كل شيء : على زوجك ، وبيتك.
يسر الله لك أمرك ، وأصلح لك شأنك .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android