0 / 0
89,83614/05/2014

هل الحكم فيمن يسب الدين عادة مثل حكم من يسب الدين اعتقادا؟

السؤال: 202699

قرأت بشأن الذي سبّ الدين أنه : كافر ومرتدّ ، وعليه التوبة وإعلانها .
لكن السؤال هو : هل التوبة تكون : بِنطق الشهادتين أمام أحد الذين سمعوه أثناء سبّه للدين ؟ أم يكفي أن يقول لأحد السامعين – الذين علموا بكفره – ” أنّي تبت ولن أعود إلى هذا مرة أخرى” ، هل هذا يعتبر توبة كافية ويصبح مسلما ؟

وهل الذي يسب الدين اعتقادا وعمدا كالذي يسب الدين كعادة جرت على لسانه سواء عمدا أم ساهيا ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
من “سب الدين” ، وهو يعي أن ذلك سب لـ”دين الإسلام” ، سواء كان مازحاً أو جاداً ، معتقدا الكفر ، أو جرت عادته بذلك من غير اعتقاد للكفر وقصده لا شك أنه كافر خارج عن الملة ؛ لعموم قوله تعالى : ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ) التوبة / 65 – 66 .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – : ” إن سب الله أو سب رسوله كفرٌ ، ظاهراً وباطناً ، سواء كان السابُّ يعتقد أن ذلك محرم ، أو كان مستحلا له ، أو كان ذاهلاً عن اعتقاده ، هذا مذهب الفقهاء ، وسائر أهل السنَّة القائلين بأن الإيمان قول وعمل ” انتهى من ” الصارم المسلول ” (ص512 ) .

وقال أيضا : ” وبالجملة : فمن قال أو فعل ما هو كفر : كفر بذلك ، وإن لم يقصد أن يكون كافرا ؛ إذ لا يقصد الكفر أحد إلا ما شاء الله ” .
انتهى من “الصارم المسلول” (ص 184) .
ويراجع جواب السؤال رقم : (91408) .

فمن سب الدين قاصدا متعمدا لذلك ، أو جرت به عادته : فهما في الحكم سواء ، ومن اعتاد سب الدين فصار يجري على لسانه عن قصد ودون قصد ، عامدا وساهيا أشد كفرا ؛ لأنه اتخذ من الكفر عادة .
يراجع للاستزادة جواب السؤال رقم : (7057) ، (149118) ، (65551) .

ثانياً :
من سب “دين الإسلام” وجب عليه أن يتدارك نفسه بالتوبة إلى الله ، والتوبة من هذا تكون بنطق الشهادتين ، والندم على ما صدر منه ، والعزم على عدم العودة إليه .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ” فإذا تاب الإنسان من أي ذنب – ولو كان ذلك سب الدين – : فإن توبته تقبل إذا استوفت الشروط التي ذكرناها ” .
انتهى ملخصا من ” فتاوى نور على الدرب “.
وينظر جواب السؤال رقم : (42505) .

وإن كان سبه للدين علانية ، فيستحب أن يظهر التوبة أمام الناس ، ويعلن رجوعه إلى الله ويعترف بجرمه ؛ حتى يعلم الناس توبته ، ولا يتجرأ أحد على ما تجرأ عليه ، فإن تاب فيما بينه وبين ربه توبة نصوحا : قبلت منه ، ولا يلزمه إعلانها أمام الناس.

ثالثاً:

من المهم في هذا المقام التفريق بين سب ” دين الإسلام” ، وسب ” دين الشخص ” ، فالأول كفر بلا خلاف .
وأما الثاني ، وهو سب ” دين الإنسان ” فمحتمل ، لأن الساب قد يقصد بهذا القول دين الإسلام ، فيكون كافراً ، وقد يقصد به : حال الشخص المعين ، وطريقته في التدين ، وما هو عليه من الخُلق ونحو ذلك ، وقد لا يقصد شيئا من ذلك أصلا ، وإنما هي كلمة ووصلة في كلام الجهال والسفهاء ، يتوصلون بها لتحقيق السب ، وتأكيده فلا يكفر الساب بشيء من ذلك .
وهذه حال كثير من العامة في البلدان ، أو أكثرهم .

جاء في ” فتاوى البرزلي “: ” نَزَلَتْ مَسْأَلَةٌ وَهِيَ أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَزْدَرِي الصَّلَاةَ وَرُبَّمَا ازْدَرَى الْمُصَلِّينَ ، وَشَهِدَ عَلَيْهِ مَلَأٌ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ … فَمَنْ حَمَلَهُ عَلَى الِازْدِرَاءِ بِالْمُصَلِّينَ لِقِلَّةِ اعْتِقَادِهِ فِيهِمْ : فَهُوَ مِنْ سِبَابِ الْمُسْلِمِ ، فَيَلْزَمُهُ الْأَدَبُ عَلَى قَدْرِ اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ ، وَمَنْ يَحْمِلْهُ عَلَى ازْدِرَاءِ الْعِبَادَةِ ، فَالْأَصْوَبُ أَنَّهُ رِدَّةٌ ا هـ .
قال شيخ المالكية في وقته : “الشيخ عليش ” معلقاً : ” قُلْت : يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا : الْحُكْمُ فِيمَنْ سَبَّ الدِّينَ ، أَوْ الْمِلَّةَ ، أَوْ الْمَذْهَبَ ، وَهُوَ يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ بَعْضِ سَفِلَةِ الْعَوَّام كَالْحَمَّارَةِ وَالْجَمَّالَةِ وَالْخَدَّامِينَ ، وَرُبَّمَا وَقَعَ مِنْ غَيْرِهِمْ .
وَذَلِكَ أَنَّهُ : إنْ قَصَدَ الشَّرِيعَةَ الْمُطَهَّرَةَ ، وَالْأَحْكَامَ الَّتِي شَرَّعَهَا اللَّهُ تَعَالَى لِعِبَادِهِ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم : فَهُوَ كَافِرٌ قَطْعًا .
ثُمَّ إنْ أَظْهَرَ ذَلِكَ فَهُوَ مُرْتَدٌّ يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ وَإِنْ لَمْ يُظْهِرْهُ فَهُوَ زِنْدِيقٌ يُقْتَلُ وَلَوْ تَابَ .
وَإِنْ قَصَدَ حَالَةَ شَخْصٍ وَتَدَيُّنَهُ : فَهُوَ سَبُّ الْمُسْلِمِ ؛ فَفِيهِ الْأَدَبُ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ .
وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْقَصْدَيْنِ : بِالْإِقْرَارِ ، وَالْقَرَائِنِ .
وَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُ الْقَصْدَ الثَّانِيَ كَالْأَوَّلِ فِي الْحُكْمِ ” .
انتهى من ” فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك” (5/252) .

وقد سألنا الشيخ عبد الرحمن البراك حفظه الله تعالى عن هذه المسألة ، وعرضنا عليه كلام الشيخ عليش المالكي ، فأقره ، وقال بهذا التفصيل .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android