تنزيل
0 / 0

لماذا قرن في الحديث بين كسب الحجام مع أنه مباح وبين مهر البغي وثمن الكلب وهما محرمان ؟

السؤال: 204184

قوله صلى الله عليه وسلم : ” شر الكسب : مهر البغي ، وثمن الكلب ، وكسب ‏الحجام” . رواه مسلم ، أنا أعلم أن الحجامة كانت صناعة دنيئة عند العرب ، ولكن : لماذا قرن نبينا صلى الله عليه وسلم كسب الحجام ـ بالرغم من أن كسبه حلال مباح ـ قرنه بمهر البغي ، وثمن الكلب ؛ بالرغم من أن كسبهما حرام ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

روى مسلم (1568) عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ عن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال :   ثَمَنُ الْكَلْبِ خَبِيثٌ ، وَمَهْرُ الْبَغِيِّ خَبِيثٌ ، وَكَسْبُ الْحَجَّامِ خَبِيثٌ   .
وروى البخاري (2102) ، ومسلم (1577) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : “حَجَمَ أَبُو طَيْبَةَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ لَهُ بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ ” .
وروى الإمام أحمد (14290) عَنْ جَابِرٍ: ” أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ كَسْبِ الْحَجَّامِ ، فَقَالَ :   اعْلِفْهُ نَاضِحَكَ  ” صححه الألباني في “الصحيحة” (1400) .
والناضح : هو البعير الذي يُستعمل لسقاية الزرع .
فاختلف الفقهاء في كسب الحجام على أقوال ، أرجحها أنه مباح ، وإنما كره النبي صلى الله عليه وسلم ذلك للحر : تنزيها ، لدناءة هذه الصناعة .
راجع إجابة السؤال رقم : (71303).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
” حَالُ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ لَيْسَتْ كَحَالِ الْمُسْتَغْنِي عَنْهُ ، كَمَا قَالَ السَّلَفُ : كَسْبٌ فِيهِ بَعْضُ الدَّنَاءَةِ : خَيْرٌ مِنْ مَسْأَلَةِ النَّاسِ ” انتهى من “مجموع الفتاوى” (30/ 192) .
ثانيا :
روى مسلم (1568) عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ :   شَرُّ الْكَسْبِ مَهْرُ الْبَغِيِّ ، وَثَمَنُ الْكَلْبِ ، وَكَسْبُ الْحَجَّامِ   .
فحيث كان كسب الحجام مباحا ، فلماذا قرن بينه وبين مهر البغي وثمن الكلب وهما محرمان ؟
فالجواب :
أن هذا من باب استعمال المشترك في أكثر من معنى ، في سياق واحد ، لإرادة المعنى المشترك الجامع بين هذه المعاني ؛ فهناك قدر مشترك بين الكسب الدنيء ، وإن كان مباحا ، وبين الكسب المحرم ، وهو : الخسة والدناءة التي ينبغي أن يترفع عنها كرام الناس ، فأراد الشارع أن يحث المكتسب على الكسب الحلال الطيب ، الذي لا خسة فيه ؛ فبغّض إليه الكسب الدنيء بالجمع بينه وبين الكسب المحرم ، بواقع ما يشتركان فيه .

قال القرطبي رحمه الله : ” لفظ ( شر ) من باب تعميم المشترك في مسمياته ، أو من استعمالها في القدر المشترك بين الحرام والمكروه ” انتهى من “فيض القدير” (4/ 159) .
وقال المناوي رحمه الله :
” (شَرّ الْكسْب مهر الْبَغي وَثمن الْكَلْب وَكسب الْحجام) الأولان حرامان وَالثَّالِث مَكْرُوه فَهُوَ من تَعْمِيم الْمُشْتَرك فِي مسمياته ” انتهى من “التيسير” (2/ 76) .
وقال الخطابي رحمه الله : ” قد يجمع الكلام بين القرائن في اللفظ ، ويفرق بينهما في المعنى بالأغراض والمقاصد ” انتهى من “فيض القدير” (3/ 339) .

فمقصود الشارع : التنبيه على خبث الكسب نفسه ؛ فقرنه بالمحرم الخبيث ، لينفر منه الكاسب ، ومثله قوله في الرواية الأخرى ( كسب الحجام خبيث ) ، قال ابن القيم رحمه الله :
” فَخُبْثُ أَجْرِ الْحَجَّامِ مِنْ جِنْسِ خُبْثِ أَكْلِ الثُّومِ وَالْبَصَلِ ، لَكِنَّ هَذَا خَبِيثُ الرَّائِحَةِ ، وَهَذَا خَبِيثٌ لِكَسْبِهِ ” انتهى من “زاد المعاد” (5/ 702) .

والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android