0 / 0

هل يجوز إخفاء خبر وفاة شخص عن والدته العجوز خشيةً عليها من أثر الصدمة ؟

السؤال: 208894

هل يجوز إخفاء خبر وفاة شخص ما عن والدته ?
بحجة أنها عجوز متقدمة في السن ، وأنها لن تطيق ، ولن تتحمل هذا الخبر .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

إخفاء خبر وفاة شخص عن والدته العجوز خشيةً عليها من أثر الصدمة : إذا كان مؤقتا ، حتى يتسنى لهم إخبارها بصورة هي أهون عليها : فلا حرج فيه لداعي المصلحة .
فيجالسها من تأنس به من أهلها ، ويتدرج معها في الحديث ، ويذكّرها بالله ، وأن الآجال مقدرة قبل خلق الناس ، وأن الأجل إذا حان فلا حيلة في تأخيره ، وأن هذه الأقدار كلها إنما هي من تقدير الله العزيز الحكيم ، وأن على النفس أن تصبر على ما أصابها ، وأن الصابرين يوفون أجورهم يوم القيامة بغير حساب .
ونحو هذا الكلام ، حتى إذا ما راضت نفسها ، وتقبلت هذا النصح ، فاتحها بالأمر ، وأخبرها به ، وأمرها بالصبر والاحتساب .
روى البخاري (1301) ، ومسلم (2144) – واللفظ له – عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: ” مَاتَ ابْنٌ لِأَبِي طَلْحَةَ ، مِنْ أُمِّ سُلَيْمٍ ، فَقَالَتْ لِأَهْلِهَا: لَا تُحَدِّثُوا أَبَا طَلْحَةَ بِابْنِهِ حَتَّى أَكُونَ أَنَا أُحَدِّثُهُ ، قَالَ: فَجَاءَ فَقَرَّبَتْ إِلَيْهِ عَشَاءً ، فَأَكَلَ وَشَرِبَ، فَقَالَ: ثُمَّ تَصَنَّعَتْ لَهُ أَحْسَنَ مَا كَانَ تَصَنَّعُ قَبْلَ ذَلِكَ ، فَوَقَعَ بِهَا، فَلَمَّا رَأَتْ أَنَّهُ قَدْ شَبِعَ وَأَصَابَ مِنْهَا ، قَالَتْ : يَا أَبَا طَلْحَةَ أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ قَوْمًا أَعَارُوا عَارِيَتَهُمْ أَهْلَ بَيْتٍ ، فَطَلَبُوا عَارِيَتَهُمْ، أَلَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوهُمْ؟ قَالَ: لَا، قَالَتْ: فَاحْتَسِبِ ابْنَكَ ، قَالَ: فَغَضِبَ، وَقَالَ: تَرَكْتِنِي حَتَّى تَلَطَّخْتُ ، ثُمَّ أَخْبَرْتِنِي بِابْنِي ؟ فَانْطَلَقَ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَخْبَرَهُ بِمَا كَانَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( بَارَكَ اللهُ لَكُمَا فِي غَابِرِ لَيْلَتِكُمَا ) .

وأما إخفاء خبر وفاته عنها بصورة دائمة فلا يظهر لنا أنه سائغ مشروع ، بل هو إلى المنع منه أظهر ، وذلك لعدة أسباب ، منها :
أولا : أن في ذلك حرمانه من دعاء أمه له وترحمها عليه ، وهو أحوج ما يكون إلى هذا الدعاء .
ثانيا : أن في ذلك حرمانها من جزاء الصبر والاحتساب .
ثالثا : أنه يلزم منه دوام الكذب عليها والتهرب ، وتكلف إمضاء الأمر على حقيقته وطبيعته .
رابعا : أن مثل هذا الأمر عرضة لإضاعة كثير من الحقوق على أهلها ، حقوق الأم في وراثة ابنها ، إن كان له مال ، وحقوق ورثته هو ، ونحو ذلك .
ثم إن أمر الناس لم يزل على ذلك ، وأمر الدنيا كلها مبني على ذلك : بنيت الدنيا على فراق الأحبة .

والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android