0 / 0

تشتكي من معاملة زوجها وتصرفاته

السؤال: 210777

علاقتي مع زوجي أصبحت في نظري لا تطاق ، ولا تجلب لي إلا الحزن : لا يكلمني إلا لينتقدني أو ينتقص مني ، ويصل حد التهكم في كثير من الاحيان والتعالي على آرائي ، بل إنه لا يريد أن يعلمني أو يحدثني بمشاريعه ، حتى راتبه وعمله بالضبط لا أعرفه ، يرفض أن أتحدث في أي شيء يخصه لأحد ، لهذا كان دائما يتجسس على مكالماتي ، فهو يعتبر ذلك إلى جانب الغيبة ، إفشاء لأسراره ، لو أحسنت إليه كل عمري ، ثم أذنبت ذنبًا يراه هو كبيرًا ، لا يسامحني أبدًا ، ويبرر ذلك أن هناك أخطاء تبين شخصية الإنسان الحقيقية ، لهذا لا يمكن ان تغتفر .
سمعته بالصدفة يتحدث مع أخته عن قدومها إلى حيث نقيم كي تعمل ، من دون أخذ موافقتي ، فحز ذلك في نفسي كثيرًا ، وكيف أنه لا يعتبرني ، فأردت أن أبين أن لي رأيا أيضًا ، فلما أبدى تجاهلا تامًا ورفض أن يبين لي شيئًا ، هددته أن أكلم أبي كي ينقلني من عنده إذا جاءت أخته ، فأخبر أهله بذلك وانقلبت الدنيا على رأسي منه ومنهم إلى الآن .
وقال زوجي لي أيضا كلمات هدتني : أنه سيكون خصمي يوم القيامة .

فأرجو نصحيتي كيف أتصرف فيما أنا فيه ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

مما ينبغي أن يعلم ، وأن يقال : أن البيوت ، كل البيوت : مليئة بالأسرار ، والأحوال التي لا يعلم بها إلا من عايشها ، وعرف ما فيها .
وتلك طبيعة هذه الدنيا : لم تصف لأحد ، ولم تخل من كد ؛ قال الله تعالى : ( لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ ) البلد/4 .
ولقد صدق الشاعر حين قال :
طُبِعَت عَلى كدرٍ وَأَنتَ تُريدُها صَفواً مِنَ الأَقذاءِ وَالأَكدارِ
وَمُكَلِّف الأَيامِ ضِدَّ طِباعِها مُتَطَّلِب في الماءِ جَذوة نارِ!!
كل ما نريده منك أن تجتهدي التكيف ، مع ما يمكن التكيف معه ، من هذه المشكلات ، وتجتهدي في تجاوز ما تقدرين عليه مع زوجك ، وإذا كان بإمكانك أن تراجعي أمورك فيما بينك وبينه ، بنوع من الحوار والتفاهم .
فإن كان زوجك ممن لا يحب النقاش والتواصل المباشر ، كما تقولين ، فاكتبي له رسائل تعبرين فيها عما يضرك ، وما يزعجك منه ، فإن ذلك سيتيح له وقتا للتفكير فيما كُتب ، وتحري في كتابتك الدقة ، وعدم الهجوم بالاتهامات أو باللوم أو بالتقريع ، وأدرجي في كلامك عبارات مودة واحترام ، وبأن ما حملك على الكتابة هو تمسكك به وحرصك على علاقتكما ، وبأنك من الممكن أن تخطئي ، فكلنا ذوو خطأ ، وأن خطأك غير مقصود ، كشأن الناس عامة ، ومن ذا الذي ما ساء قط ؟ ومن له الحسنى فقط ؟ وبأنك في حاجة إلى تسامحه وإلى غضه الطرف عن بعض هفواتك : ( وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) النور/ 22 .
وإذا تطلب الأمر أن يتدخل بعض الناصحين من أهلك أو أهله ، أو من أهل الثقة والأمانة والديانة ، والصدق في النصحية لكم ، فهو خير من تراكم المشكلات عليكم ، بلا حل ، وبلا تفاهم .
وأما بالنسبة لمشكلة أخته وسكنها معكم ، فكنا نحب ألا تنظري إليه من منظور أنه لم يأخذ رأيك ، ولم يستشرك ، ما دمت قد علمت أن له طبعا ما ، فكان من الممكن ألا تتوقفي كثيرا عند ذلك .
مع إقرارنا بحقك الشرعي ، والطبيعي : في ألا يكون لك شريك في بيتك ، اللهم إلا أن تكون ضيفة عندكم ، تجلس وقت الضيافة ، والزيارة المعتاد من مثل حالها ، فليس لك أن تعترضي على ذلك ، وأما أن تسكن معكم بصفة دائمة ، أو زمنا طويلا ، حيث تعمل ، وليس لها مكان آخر للإقامة ، فليس من حقه أن يجبرك عليه ، وهو أيضا باب للحساسية والمشكلات المتكررة .
وينظر جواب السؤال رقم : (81933) ، ورقم : (96455).
لكننا نصدقك النصيحة : أن باب الإحسان إلى الخلق ، والإيثار على النفس ، هو أنفع لك ، وأعظم بركة في الدنيا والآخرة ، ومن الواضح أن علاقة زوجك بأسرته قوية ، ونحن نظن أن إحسانك إلى أهله ، وإلى أخته خاصة ، وإصلاح علاقتك بهم ، قدر ما تستطيعين : سوف يساهم في تقليل المشكلات ، وتحسين العلاقة بيني وبين زوجك ، إن شاء الله ، بقدر ملحوظ .
ولتعلمي يا أمة الله ، أنك مهما صبرت على أذى زوجك ، وتضررك بمعاملته لك ، وحرصت على الحفاظ على بيتك من الهدم والشتات : فهو خير لك ، وأبر عند ربك ، وأعظم بركة عليك في الدنيا والآخرة ، وقد قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) البقرة/153 ، وقال تعالى : ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) البقرة/155-157 ، وقال تعالى : ( وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ) آل عمران/146 ، والآيات في ذلك المعنى ، وأشباهه كثيرة معلومة .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ومن يَتَصبَّر يُصبرْهُ الله ، وما أُعطيَ أحدٌ مِن عطاءٍ أوسعَ مِن الصبر ) !!
حديث صحيح ، رواه أبو داود (1644) وغيره .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( وَاعْلَمْ أنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُ خَيْرًا كَثِيرًا ، وَأَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ) .
حديث صحيح ، رواه أحمد (2803) وغيره .
ولا نعلم أن عاقلا : يفضل بتر ساقه ، أو قلع عينه : متى آلمته ، وإن اشتد ألمها وأذاها ، فهو يصبر ، ويصبر ، ويصبر ؛ حتى ولو لم يكن يبصر بعينه حقيقة ، أو يمشي على ساقه فعلا ، فبقاء صورتها : أفضل عنده من ذهابها بالكلية .
فتدبري أمرك يا أمة الله ، واجتهدي في أن تقيمي حق الله عليك ، وحق زوجك ، بما تقدرين عليه ، وتستطيعينه ، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها .
ومن عصى الله فيك ، ففرط في بعض حقك ، فأطيعي الله فيه ، وأدي له حقه عليك ، قدر طاقتك ، وسلي الله الذي لك ؛ فإن شيئا لا يضيع عند أرحم الراحمين .
فإن بلغ بك الأذى والضر مداه ، ولم تقدري على أن تؤدي له حقه ، وأن تصبري على ما ينغصك من عشرته ؛ فشأنك إذا ، وأنت أبصر بحالك ، وما تقدرين عليه ؛ وقد قال الله تعالى : ( وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا * وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا * وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا ) . النساء/128-130
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android