هل يمكن لمسلم أن يثق في صدق القسم الذي يقسمه الكافر بغير الله ؟
علي سبيل المثال ، يقسم النصارى بعيسي عليه السلام .
تصح اليمين من الكافر إذا حلف بالله ، وإذا حلف بغير الله لا تصح ولا تنعقد .
السؤال: 210810
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
لا يجوز الحلف بغير الله تعالى ؛ لأن الحلف بغير الله فيه غلو في تعظيم غير الله ، وقد ينتهي ذلك التعظيم إلى الشرك الأكبر .
تنظر إجابة السؤال رقم : (34501) ، والسؤال رقم : (158723).
وسواء كان الحالف بغير الله مسلما أو غير مسلم ، فإنه منكر محرم ؛ لأن هذا التعظيم ينهى عنه كل الخلق ، ومعلوم أن الكفار مخاطبون بأحكام الشريعة ، فكل ما يجب على المسلمين فعله يجب على الكفار ، وكلُّ ما يحرم على المسلمين يحرم عليهم .
وينظر جواب السؤال رقم : (151406).
ثانيا :
تقدم في إجابة السؤال رقم : (194236) أنه لا تجوز شهادة الكفار من أهل الكتاب وغيرهم على المسلمين بحال ، لا في المحاكم ولا غيرها ، ولو لم يكن هناك من الشهود غيرهم ؛ لأنهم ليسوا أهلا للشهادة .
إلا في الوصية في السفر عند فقد المؤمنين فإنها تجوز .
فإذا حلف النصراني بالله على شهادة يشهدها على مسلم لم تقبل شهادته .
أما شهادة الكفار بعضهم على بعض : فجمهور العلماء على عدم الجواز أيضا .
انظر : “الموسوعة الفقهية”(37/ 185) .
ثالثا :
تصح اليمين من الكافر إذا حلف بالله ، وتلزمه الكفارة بالحنث .
أما إذا حلف بغير الله فلا تصح يمينه ولا تنعقد .
قال ابن قدامة رحمه الله :
” وَتَصِحُّ الْيَمِينُ مِنْ الْكَافِرِ، وَتَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ بِالْحِنْثِ ، سَوَاءٌ حَنِثَ فِي كُفْرِهِ أَوْ بَعْدَ إسْلَامِهِ ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ إذَا حَنِثَ بَعْدَ إسْلَامِهِ ” .
انتهى من “المغني” (9/ 487) .
وقال خليل بن إسحاق المالكي رحمه الله في “مختصره” (ص 228) :
” وَالْيَمِينُ فِي كُلِّ حَقٍّ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إله إلا هو وَلَوْ كِتَابِيًّا ” انتهى .
وقد روى البخاري (2666) ، ومسلم (138) عن الأَشْعَث بْن قَيْسٍ رضي الله عنه قال : ” كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنَ اليَهُودِ أَرْضٌ ، فَجَحَدَنِي ، فَقَدَّمْتُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَلَكَ بَيِّنَةٌ ؟ ) ، قَالَ: قُلْتُ: لاَ ، قَالَ: ( فَقَالَ لِلْيَهُودِيِّ: احْلِفْ )، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذًا يَحْلِفَ وَيَذْهَبَ بِمَالِي ، قَالَ : فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا) آل عمران/ 77 إِلَى آخِرِ الآيَةِ ” .
وسئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
هل تقبل يمين الكافر لو حلف وكان هو المدعى عليه ؟ وهل يكون حلفه بآلهته أو بالله فقط ؟
فأجاب :
” الحلف لا يكون إلا بالله ، من المؤمن والكافر ، وتقبل يمينه ، إذا حلف بالله تقبل يمينه ، وإن كذب فعليه العقوبة من الله ، فعليه عقوبة الكذب ولو كان كافرا ” .
انتهى من موقع الشيخ .
http://www.alfawzan.af.org.sa/index.php?q=node/3342
فعلى ما تقدم :
تصح اليمين من الكافر كما تصح من المسلم ، إذا حلف بالله وحده ، ولا يلزم من ذلك تصديقه ، فقد يصدق وقد يكذب ، وإنما هذا بحسب حال الشخص ، فمن كان عرف منه أنه يتحرى الصدق في مثل ذلك ، ولا يتجرأ على الكذب : فلا حرج في تصديقه ، وقبول يمينه . وإذا كانت يمينه مقبولة في الخصومات ، فأولى من ذلك أن تقبل في حديث الناس المعتاد ، من غير خصومة في مال ونحوه .
وأما إذا حلف بغير الله فلا تنعقد يمينه ولا تصح ، سواء منه أو من المسلم ، لكن عدم القبول ، خاصة في مواطن الخصومات شيء ، والجزم بكذب الشخص : شيء آخر ، ومثل هذا يرجع فيه إلى حال كل شخص .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة