أنا حلفت يمينا علي أخي أنه لا ينام في البيت ، فقلت وحياة القران لن تنام في البيت ، ونام في البيت فماذا يجب علي ؟
حكم الحلف بحياة القرآن
السؤال: 158723
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
تقدم في جواب السؤال رقم (122729) بيان جواز الحلف بأسماء الله وصفاته .
والقرآن كلام الله ، وكلامه صفة من صفاته ، فيجوز الحلف بالقرآن ، قال علماء اللجنة الدائمة :
" يجوز الحلف بالله وصفاته ، والقرآن كلام الله الذي هو صفة من صفاته فيجوز الحلف به " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (1 /354) .
ثانيا :
القسم بحياة القرآن لم يرد فيما نعلم في الشريعة ، لا في كتاب الله ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ولا في كلام أحد من أصحابه رضي الله عنهم .
والظاهر أن الحالف بذلك أراد أن يحلف بالقرآن ، فجرى على عادة العوام في الحلف بحياة المحلوف ، فالذي يظهر أن حكمه حكم الحالف بالقرآن .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
عندنا الكثير من الناس يحلفون بغير الله ، مثلا يقولون : وحياة النبي محمد عليه الصلاة والسلام ، أو : وحياة عيسى ، أو موسى عليه الصلاة والسلام ، أو : وحياة القرآن أو وحياة قبر أبي ، أو أقسم بشرفي ، أفيدونا بهذا جزاكم الله خير الجزاء ؟
فأجاب : " الحلف بغير الله لا يجوز ، بل يجب أن يكون الحلف بالله وحده سبحانه وتعالى ; لما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله أو ليصمت ) .
وقال : ( من حلف بغير الله فقد أشرك ) فالحلف بغير الله من المحرمات الكفرية ، ولكنه من الشرك الأصغر ، إلا إذا قصد أن محلوفه عظيم كعظمة الله ، أو أنه يتصرف في الكون ، أو أنه يستحق أن يدعى من دون الله ، صار كفرا أكبر والعياذ بالله .
فإذا قال : وحياة فلان ، أو وحياة الرسول ، أو وحياة موسى ، أو وحياة عيسى ، أو وقبر أبي ، أو حلف بالأمانة وبالكعبة أو ما أشبه ذلك ، فكل ذلك حلف بغير الله ، وكل ذلك لا يجوز ، وكل ذلك منكر .
والواجب أن لا يحلف إلا بالله سبحانه وتعالى ، أو بصفة من صفاته ، أو باسم من أسمائه عز وجل ، والقرآن من كلام الله ، فالقرآن من صفات الله ، فإذا قال : والقرآن ، أو وحياة القرآن ، فهذا لا بأس به ؛ لأن القرآن كلام الله سبحانه وتعالى " انتهى من "فتاوى نور على الدرب" – لابن باز (ص 236-237) .
ثالثا :
من حلف على أخيه أو غيره أن لا ينام في البيت فنام فيه فعليه كفارة يمين للحنث .
سئل علماء اللجنة الدائمة :
إنني حلفت على واحد وقلت : والله لن تذبح الذبيحة ، ولكنه لم يطع كلامي وذبحها وأكلت منها ، فهل علي إثم ، وهل هناك كفارة ، وإذا كان هناك كفارة أفيدوني بها ؟
فأجابوا : " إذا كان الواقع كما ذكرت فلا إثم عليك في الأكل منها ، وعليك كفارة يمين ، وهي : إطعام عشرة مساكين من جنس ما تطعمه ، أو كسوتهم ، أو عتق رقبة مؤمنة ، فإن لم تستطع فصم ثلاثة أيام " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (23 /85) .
وسئل ابن باز رحمه الله :
لدي أولاد وكثيرا ما أحلف عليهم بأن لا يعملوا كذا ، لكنهم لا يستجيبون لأمري ، فهل علي كفارة في هذه الحال ؟
فأجاب : " إذا حلفت على أولادك أو غيرهم حلفا مقصودا أن يفعلوا شيئا أو ألا يفعلوه فخالفوك فعليك كفارة يمين " انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (23 /119) .
رابعا :
حلفك على أخيك أن لا ينام في البيت إذا كان هجر خصام ، فهو غير مشروع ، ومتى حلفت على ذلك فالمشروع في حقك أن تحنث في يمينك وتكفر عنها ؛ لما روى البخاري (6718) ومسلم (1649) عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنِّي وَاللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ ثُمَّ أَرَى خَيْرًا مِنْهَا إِلَّا كَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي وَأَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ ) .
وروى مسلم (1650) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِهَا وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ ) .
قال النووي رحمه الله :
" فِي هَذِهِ الْأَحَادِيث : دَلَالَة عَلَى مَنْ حَلَفَ عَلَى فِعْل شَيْء أَوْ تَرْكه , وَكَانَ الْحِنْث خَيْرًا مِنْ التَّمَادِي عَلَى الْيَمِين , اُسْتُحِبَّ لَهُ الْحِنْث , وَتَلْزَمهُ الْكَفَّارَة وَهَذَا مُتَّفَق عَلَيْهِ " انتهى .
والله تعالى أعلم .
راجع جواب السؤال رقم : (115474) .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة