هل لصحيح “ابن خزيمة” من شارح ، أو معلق ، أو حاشية ؟ وإن لم يكن : فما الطريقة المثلى إلى فهم هذا الكتاب الصعب الجليل ، وفهم أبوابه ، خاصة لطالب العلم ، لمن أراد أن يفهمه في مجلس قراءة ؟
الطريقة المثلى لدراسة صحيح ابن خزيمة رحمه الله .
السؤال: 212094
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
لا شك أن الإمام أبا بكر بن خزيمة رحمه الله من أعلام هذه الأمة وحفاظها المكثرين ، وكان يضرب به المثل في سعة العلم والإتقان ، وكتابه “الصحيح” من أجلّ دواوين الإسلام .
قال الحازمي رحمه الله : ” صحيح ابن خزيمة أعلى رتبة من صحيح ابن حبان لشدة تحريه ، فأصح من صنف في الصحيح بعد الشيخين : ابن خزيمة ” .
انتهى من ” فيض القدير” (1/ 27) .
وتراجم أبوابه تدل على سعة علمه ودقة فهمه .
وأكثر هذه التراجم واضحة ظاهرة ، لا يحتاج طالب العلم إلى كثير جهد لمعرفة وجه الاستدلال ومحل الاستنباط ، كقوله (1/11) ” بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ لَا يَجِبُ إِلَّا بِيَقِينِ حَدَثٍ ” ، وقوله (3/85) : ” بَابُ النَّهْيِ عَنْ إِتْيَانِ الْمَسْجِدِ لِآكِلِ الثُّومِ، وَالْبَصَلِ، وَالْكُرَّاثِ إِلَى أَنْ يَذْهَبَ رِيحُهُ ” ، وقوله (4/95) : ” بَابُ فَضْلِ الْمُتَصَدِّقِ عَلَى الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ ” ونحو ذلك ، وهو الغالب على تراجمه .
إلا أن بعض هذه التراجم قد يحتاج إلى من يفسرها لطالب العلم المبتدئ ؛ لصعوبة فهمها عليه ، أو لطولها ؛ كقوله (1/156) : ” بَابُ ذِكْرِ فَرْضِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ مِنْ عَدَدِ الرَّكْعَةِ بِلَفْظِ خَبَرٍ مُجْمَلٍ غَيْرِ مُفَسَّرٍ، بِلَفْظٍ عَامٍّ ، مُرَادُهُ خَاصٌّ ” ثم ذكر حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت: ( إِنَّ الصَّلَاةَ أَوَّلُ مَا افْتُرِضَتْ رَكْعَتَينِ فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ ، وَأُتِمَّتْ صَلَاةُ الْحَضَرِ ) وكذا حديث ابن عباس رضي الله عنهما في ذلك .
وقوله (4/104) ” بَابُ الْأَمْرِ بِإِتْيَانِ الْقَرَابَةِ بِمَا يَتَقَرَّبُ بِهِ الْمَوَالِي إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ ” وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ إِذَا قَالَ : مَا لِي وَنِصْفُهُ هُوَ لِلَّهِ، كَانَتْ صَدَقَةً ، مَعَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ أَوِ الدَّارَ أَوِ الْحَائِطَ أَوِ الْبُسْتَانَ أَوِ الْخَانَ أَوِ الْحَانُوتَ إِذَا جَعَلَهُ الْمَرْءُ لِلَّهِ كَانَتْ صَدَقَةً ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حُدُودَهَا ، لَا كَمَا تَوَهَّمَهُ الْعَامَّةُ أَنَّ مَا لَمْ تُذْكَرِ الْحُدُودُ ، مِمَّا عُدَّ : لَمْ يَثْبُتْ بَيْعُهُ ، وَلَا هِبَتُهُ حَتَّى تُذْكَرَ حُدُودُهُ “
ثم ذكر حديث أنس رضي الله عنه قال: أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ( لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) ،قَالَ: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا) قَالَ أَبُو طَلْحَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ حَائِطِي الَّذِي فِي كَذَا وَكَذَا هُوَ لِلَّهِ ، وَلَوِ اسْتَطَعْتُ أَنْ أُسِرَّهُ لَمْ أُعْلِنْهُ، فَقَالَ: (اجْعَلْهُ فِي فُقَرَاءِ أَهْلِكَ ، أَدْنَى أَهْلِ بَيْتِكَ) .
وكتابه “الصحيح” المطبوع : ناقص عن أصله بكثير جدا .
طبع الكتاب أولا بتحقيق الدكتور محمد مصطفى الأعظمي في المكتب الإسلامي ببيروت ، وقد راجع الكتاب وحققه العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني .
ثم طبع بتحقيق الدكتور ماهر الفحل طبعة مزيدة منقحة ومحققة ، وهي أفضل طبعات الكتاب .
ولا نعلم أحدا من أهل العلم أو طلبته قام بخدمة الكتاب شرحا وتخريجا ، أو تعليقا يوفي بغرض السائل ، ولكن ننصح بما يلي :
أولا : الرجوع في شرح عامة أحاديثه لشيء من شروح الكتب الستة ؛ فإن عامة ما أخرجه ابن خزيمة موجود في الكتب الستة ؛ فإن عز شيء من شرح المتون : فبالإمكان الاستعانة بشيء من شروح “مشكاة المصابيح” ، و”فيض القدير” للمناوي ، ولا يكاد يخرج شيء من متون الكتاب عن ذلك .
ثانيا : تدبر تراجم الأبواب بتأنٍّ وروية ، فإن عامتها يفهم بالتدبر والنظر ، وما أشكل منها ، فإنه يسأل عنه أهل العلم .
رابعا : من المعاصرين الذين شرحوا كتاب ابن خزيمة : فضيلة الشيخ عبد العزيز الراجحي حفظه الله ؛ إلا أنه لم يتمه بعد .
والله تعالى أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب