0 / 0

كيف يتصرف الزوج مع زوجته التي أخبرت عائلتها أنه غير قادر على الجماع ؟

السؤال: 212374

هل يجوز للزوجة أن تكشف لعائلتها وأقاربها وكذلك أصدقائها أن زوجها غير قادر على مجامعتها جنسياً ( لأنه ربما عاجز جنسياً أو أنه يعاني من عين حاسد أو أنه ضعيف جنسياً ) ؟ فمؤخراً كشفت الزوجة هذا الأمر لكل أقاربها لأمها وأخوالها وكذلك أعمامها بأن زوجها غير قادر على مجامعتها جنسياً ، ويشعر الزوج بحرج شديد ؟ وأيضاً ، فهذا العجز هو بلاء من الله وهو قدر محتوم من الله ؟ ولو طلق الزوج تلك الزوجة الآن : فكيف يقضي الزوج بقية حياته ، لأنه لن ترضى امرأة بالزواج منه لأنها علمت أنه عاجز جنسياً ؟ مع العلم بأن الانتصاب والحيوانات المنوية لا إشكال فيها ، بل هي جيدة ، إلا أن الزوج غير قادر على الجماع ؟ فما هو الحكم في هذا الأمر ، وماذا يلزم ذلك الزوج فعله ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
الأصل أن كلا من الزوجين يجب عليه أن يحفظ أسرار العلاقة الزوجية بينه وبين الآخر ، ولا يفشي ذلك .

فقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
يغلب على بعض النساء نقل أحاديث المنزل وحياتهن الزوجية مع أزواجهن إلى أقاربهن وصديقاتهن ، وبعض هذه الأحاديث أسرار منزلية لا يرغب الأزواج أن يعرفها أحد ، فما هو الحكم على النساء اللاتي يقمن بإفشاء الأسرار ، ونقلها إلى خارج المنزل ، أو لبعض أفراد المنزل ؟

فأجاب : " إن ما يفعله بعض النساء مِن نقل أحاديث المنزل والحياة الزوجية إلى الأقارب والصديقات : أمر محرَّم ، ولا يحل لامرأة أن تفشي سرَّ بيتها ، أو حالها مع زوجها إلى أحدٍ من الناس ، قال الله تعالى : ( فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله ) ، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن ( شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة الرجل يفضي إلى المرأة وتفضي إليه ثم ينشر سرها ) " انتهى من " فتاوى إسلامية " (3/211 ، 212) .

ولكن : إذا دعت الحاجة إلى ذكر شيء من ذلك فلا بأس به ، بشرط ألا يزاد بذكر ما لا حاجة لذكره ، ولا ينقل الخبر إلا عند من تدعو الحاجة لإعلامه ، وترجى المصلحة بذلك .

جاء في " عون المعبود " (6/158) :
" فَإِنْ كَانَ إِلَيْهِ حَاجَةٌ ، أَوْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ فَائِدَةٌ : فَلَا كَرَاهَةَ فِي ذِكْرِهِ , وَذَلِكَ نَحْوَ أَنْ تُنْكِرَ الْمَرْأَةُ نِكَاحَ الزَّوْجِ لَهَا ، وَتَدَّعِي عَلَيْهِ الْعَجْزَ عَنِ الْجِمَاعِ ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ ؛ كَمَا رُوِيَ أَنَّ الرَّجُلَ الَّذِي ادَّعَتْ عليه امرأته العُنَّة قال : "يا رسول اللَّهِ ، إِنِّي لَأَنْفُضُهَا نَفْضَ الْأَدِيمِ" ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ " .

فتوسع هذه المرأة بإخبار جميع أقاربها : لا شك في أنه خطأ بالغ ، وهو من هتك سر زوجها ، وفضحه بما لا يحق لها أن تفعل .
ثم إنه يخالف داعي الحياء ، وعفة الخلق ، وسلامة الطبع .

ثانيا :
يجب على الزوج أن يعاشر امرأته بالمعروف ؛ لقوله تعالى : ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) النساء/19 ، ومن المعاشرة بالمعروف : الجماع ، وهو واجب عليه ، بقدر كفايتها .
فإذا عجز عنه ، كان لها حق الفسخ بعد مراجعة القضاء .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" واختار شيخ الإسلام رحمه الله : أن لها أن تفسخ بعجزه عن الوطء ، وقال : إن عجزه عن الوطء أولى بالفسخ من عجزه عن النفقة ؛ والصحيح ما قاله الشيخ ؛ لأن كثيراً من النساء تريد العشرة مع الزوج ، وتريد الأولاد أكثر مما تريد من المال ، ولا يهمها المال عند هذه الأمور ، فكوننا نقول : إذا عجز عن النفقة فإن لها الفسخ ، وإذا عجز عن الوطء فليس لها الفسخ ، إلا إذا ثبتت عُنته ، فهذا فيه نظر .
فالصواب ما قاله الشيخ رحمه الله : أنه إذا عجز عن الوطء لمرض ، وطلبت الفسخ : فإنها تفسخ ، إلا إذا كان هذا المرض مما يعلم ، أو يغلب على الظن : أنه مرضٌ يزول بالمعالجة ، أو باختلاف الحال ، فليس لها فسخ ؛ لأنه ينتظر زواله " انتهى من " الشرح الممتع " (12/ 410) .

ولكن يظهر من السؤال أن الرجل راجع الأطباء ، وبينوا له سلامة وضعه طبيا ، وأنه مع ذلك يعجز عن الجماع .
ومع أنه لا مانع من مراجعة الأطباء الأكفاء مرة أخرى ، للتأكد من السلامة العضوية والنفسية في ذلك ؛ فقد يكون هذا من أثر سحر عمل لهما ، وهو ما يسمى بالربط أو سحر الصرف ، وهذا النوع من السحر له أثر بأمر الله على منع الجماع ، قال تعالى ( فيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ) البقرة/102 .

والنصيحة لك هو اللجوء إلى الله بالدعاء ، والاستعانة بالرقية الشرعية ، سواء بالقراءة على نفسك ، أو بالذهاب إلى الرقاة المأمونين في عقيدتهم ، والمعروفين ببعدهم عن الشعوذة .

جاء في " فتح الباري " للحافظ ابن حجر (10/233) :
" وَذكر بن بَطَّالٍ أَنَّ فِي كُتُبِ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ : أَنْ يَأْخُذَ سَبْعَ وَرَقَاتٍ مِنْ سِدْرٍ أَخْضَرَ ، فَيَدُقُّهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ ، ثُمَّ يَضْرِبُهُ بِالْمَاءِ ، وَيَقْرَأُ فِيهِ آيَةَ الْكُرْسِيِّ ، وَالْقَوَاقِلَ ، ثُمَّ يَحْسُوُ مِنْهُ ثَلَاثَ حَسَوَاتٍ ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ بِهِ : فَإِنَّهُ يُذْهِبُ عَنْهُ كُلَّ مَا بِهِ ، وَهُوَ جَيِّدٌ لِلرَّجُلِ إِذَا حُبِسَ عَنْ أَهْلِهِ " انتهى .

"وَالْقَوَاقِلَ" هي السور المبدوءة بـ " قل " ، وهي : سورة الإخلاص ، والكافرون ، والمعوذتين .

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" ومن علاج السحر بعد وقوعه أيضا ، وهو علاج نافع للرجل إذا حبس من جماع أهله : أن يأخذ سبع ورقات من السدر الأخضر فيدقها بحجر أو نحوه ويجعلها في إناء ويصب عليه من الماء ما يكفيه للغسل , ويقرأ فيها آية الكرسي و ( قل يا أيها الكافرون ) و ( قل هو الله أحد ) و ( قل أعوذ برب الفلق ) و ( قل أعوذ برب الناس ) ، وآيات السحر التي في سورة الأعراف , وهي قوله سبحانه : ( وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ * فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ ) ، والآيات التي في سورة يونس ، وهي قوله سبحانه : ( وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ * فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ * فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ * وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ ) ، والآيات التي في سورة طه : ( قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى * قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى* فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى* قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى * وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى ) .

وبعد قراءة ما ذكر في الماء : يشرب منه ثلاث مرات ، ويغتسل بالباقي ، وبذلك يزول الداء إن شاء الله , وإن دعت الحاجة لاستعماله مرتين أو أكثر : فلا بأس حتى يزول الداء .

ومن علاج السحر أيضا ، وهو من أنفع علاجه : بذل الجهود في معرفة موضع السحر في أرض أو جبل أو غير ذلك , فإذا عرف واستخرج وأتلف : بطل السحر " انتهى من " مجموع فتاوى ابن باز " (3/279) .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android