تنزيل
0 / 0

زوجي يظلمني بحجة طاعة الوالدين

السؤال: 212610

زوجي يظلمني بحجة طاعة والديه ، فهل له أن يظلمني ويطيعهم ؟
فمثلاً : يقول له والده يوم العيد : عليك أن تجلس معنا ، وتترك زوجتك ، أو يقول له يوم الجمعة : عليك أن تتناول الغداء معنا ، وتترك زوجتك !! مع العلم بأنني متزوجة من 8 أشهر فقط ، وحامل بمولودي الأول ، وعندما أقول لزوجي : لا تتركني ، يقول لن أعصي والدي .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

ينبغي أن ننتبه ، وتنتبه كثير من الزوجات في بداية الحياة الزوجية ، إلى أن أمر طلب
والدي زوجك منه المكوث عندهم وقضاء الجمعة والأعياد معهم قد يبدو لأول وهلة غير
مبرر ، وهو كذلك من منظور موضوعي ، لكن عليك أن تفهمي أن الآباء في هذه الفترة من
العمر بعد أن يتزوج أبناؤهم الذين كانوا يملؤون عليهم حياتهم ، تنتابهم مشاعر
متقلبة ، وإحساس بالوحدة إثر استقلاليتهم عليهم ، فيفتعلون أحيانـا بعض المشاكل ،
أو يفرضون عليهم أشياء ، فقط لاسترعاء اهتمام أبنائهم ، ولتذكيرهم بأنهم العنصر
المهم في الحياة ، ونقطة مركز الدائرة ، يذكرونهم بأهميتهم وبحقهم الذين يرون أنه
قد جاءهم من يسلبهم إياه.
فلتتنبهي أختنا من جهة إلى أن تكوني عونا لزوجك على طاعة والديه ، ومن جهة أخرى إلى
أن تتحلي بالذكاء وعدم إظهار التبرم من ذلك ، وإنما تسعين بنفسك لإيجاد حل ، كي لا
يستمر الوضع على ما هو عليه ، بل تستغلين الوضع لصالحك .
نحن نعلم أنه كان من المفروض أن يكفيك زوجك ذلك ، وأن يمسك العصا من الوسط ، وأن
يعطي لوالديه حقهما ، دون أن يكون ذلك على حسابك !!
كان بإمكانه أن يوافق على المكوث عندهما ، لكن يعمل على اصطحابك معه ، ليكون يوما
عائليا ، يجمعكم جميعا ، كان له أن يعتذر بأنه يخشى عليك من الوحدة ، وبأنك تحتاجين
للرعاية خاصة وأنك عروس جديدة وحامل أيضا ، كان له أن يطيب خاطرهم ، وقتا ما ، ثم
يرجع إليك ، كان له أن يتحيل لذلك بما وسعته حيلته ، وساعدته به فطنته !!
لكن الذي نراه لك الآن : أن تصبري على زوجك ، وتؤثري على نفسك قدر طاقتك ، وتستعيني
بالله في تفريج كربتك ، وإصلاح بالك ، وعيشك .
ولا مانع من أن تتناصحي مع زوجك ، وتحاوريه في أمرك برفق ، وأن تبوحي له بكل ما
يضايقك من تصرفه ، أن تذكريه بحقك عليه ، وأنك تعلمين حق والديه عليه ، بالطبع ،
لكن ينبغي عليه أن يجاهد نفسه في الموازنة بين الحقوق ، وأدائها إلى أهلها :
روى البخاري (1867) عن أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ : ” آخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ ، فَزَارَ سَلْمَانُ
أَبَا الدَّرْدَاءِ ، فَرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَةً ، فَقَالَ لَهَا :
مَا شَأْنُكِ ؟
قَالَتْ : أَخُوكَ أَبُو الدَّرْدَاءِ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِي الدُّنْيَا !!
فَجَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَصَنَعَ لَهُ طَعَامًا ، فَقَالَ : كُلْ .
قَالَ : فَإِنِّي صَائِمٌ !!
قَالَ : مَا أَنَا بِآكِلٍ حَتَّى تَأْكُلَ ؟
قَالَ : فَأَكَلَ .
فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ ذَهَبَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُومُ ، قَالَ : نَمْ .
فَنَامَ ، ثُمَّ ذَهَبَ يَقُومُ ، فَقَالَ : نَمْ .
فَلَمَّا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ قَالَ سَلْمَانُ : قُمْ الْآنَ .
فَصَلَّيَا ، فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ :
إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَلِأَهْلِكَ
عَلَيْكَ حَقًّا ، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ !!
فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ ،

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( صَدَقَ سَلْمَانُ ) ” .
وإذا كان يغلب على ظنك أن تدخل بعض الناصحين المخلصين ، من الأصدقاء ، أو الأقارب :
سوف ينفع في ذلك ، ويأتي بحل مناسب ، فافعلي ، مع أننا نرى أن الوقت ما زال مبكرا ،
لكي يتدخل أحد بينكما ، وأن الأفضل أن تتغلبا على المشكلات بالتفاهم ، والحوار
بينكما .
وإلى أن يتم لكما ذلك ، فنحن نقترح عليك أن تستأذنيه في زيارة والديك في أوقات
زيارة والديه ، إذا كنت تسكنين مع والديك في بلد واحد ، فسوف يسليك هذا ، ويعوضك ،
بعض الشيء ، عما فاتك من صحبة زوجك ، والأنس به .
أو تجعلا يوما هنا ، ويوما هنا ، بالتبادل ، إذا قبل هو ذلك .
ولتجتهدي في تقوية صلتك بأسرته ، والإحسان إلى والديه قدر استطاعتك ، وتعاهدهم بما
تقدرين عليه من البر ، والإلطاف ، والهدايا المتيسرة لك ، ونحو ذلك .
وبإمكانك أن تقترحي عليه أن يستقبل هو والديه في بيته ، في يوم إجازته ، وتقومي أنت
على خدمتهم وإكرامهم ، فتربحي وجود زوجك ، والأنس بالعائلة في بيتك ، إذا كان الظرف
يسمح بذلك .
إن الحياة الزوجية ، هي جزء من حياة الإنسان في دنيا الناس هذه ، ولا شيء في هذه
الحياة من غير منغصات ، ولا شيء يخلو فيها من الكدر ؛ فلتجتهدي في أن تصفي الماء من
كدره ، قدر ما تستطيعين ؛ ثم ما بقي منه في الإناء ، فاشربي ، أولى من الموت ظمأ !!
إِذا أَنتَ لَم تَشرَب مِراراً عَلى القَذى * ظَمِئتَ وَأَيُّ الناسِ تَصفو
مَشارِبُه
يسر الله لك أمرك ، وأصلح بالك ، وجمع بينك وبين زوجك في خير .
والله أعلم.

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android
at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android