تنزيل
0 / 0

هل الانشغال بالحديث مع البعض بعد صلاة الفجر يبطل الأجر الوارد أو ينقصه ؟

السؤال: 212679

أقعد أذكر الله من بعد صلاة الفجر حتى ترتفع الشمس قيد رمح ثم أصلي ركعتين ، إلا أن بعض الإخوان يقاطعونني أحياناً بحديث أو سؤال فأتحدث معهم باختصار مجاملة ، فهل هذا يبطل أجر الحجة والعمرة المترتبة على هذا الحديث: ( من صلَّى الفجرَ في جماعةٍ ثمَّ قعدَ يذكرُ اللَّهَ عز وجل حتَّى تطلُعَ الشَّمسُ ثمَّ صلَّى رَكعتينِ كانت لَه كأجرِ حَجَّةٍ وعُمرةٍ . قالَ : قالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ : تامَّةٍ ، تامَّةٍ ) ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :

روى الترمذي (586) عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَنْ صَلَّى الغَدَاةَ فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ ، تَامَّةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ )

وقد تقدم أن هذا الحديث مختلف في صحته .

راجع إجابة السؤال رقم : (95782).

ثانيا :

من السنة الجلوس بعد صلاة الفجر في المسجد لذكر الله حتى تطلع الشمس – سواء ثبت الحديث المتقدم أو لم يثبت – .

فقد روى مسلم (670) عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ : ( أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا صَلَّى الْفَجْرَ جَلَسَ فِي مُصَلَّاهُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حَسَنًا ).

ورواه الطبراني في “المعجم الصغير” (1189) ولفظه : ( كَانَ إِذَا صَلَّى الصُّبْحَ جَلَسَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ ) وصححه الألباني في “صحيح الترغيب” (471).

ثالثا :

المشروع أن يشغل المرء هذا الوقت بذكر الله ، كما ثبت في سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، وجرى عليه عمل السلف الصالح .

يكره الكلام بغير ذكر الله في هذا الوقت لأنه وقت ذكر ، فينبغي الانشغال به ، وبمقدار انشغال الجالس بالذكر يكون أجره .

قال النووي رحمه الله :

” يستحب الذِّكْرِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَمُلَازَمَةُ مَجْلِسِه مَا لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ . قَالَ الْقَاضِي : هَذِهِ سُنَّةٌ كَانَ السَّلَفُ ، وَأَهْلُ الْعِلْمِ يَفْعَلُونَهَا ، وَيَقْتَصِرُونَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ عَلَى الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ ” انتهى بتصرف يسير من “شرح النووي على مسلم” (15/ 79).

بل قد نص بعض أهل العلم على كراهة الكلام في هذا الوقت، قال القرافي رحمه الله:

” يُكْرَهُ الْكَلَامُ بَعْدَ الصُّبْحِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ وَبَعْدَ الْفَجْرِ لِأَنَّهُ وَقْتُ ذِكْرٍ ” انتهى من “الذخيرة” (2/ 401) .

والظاهر أن مراد من صرح بالكراهة : الانشغال بالكلام عن الذكر ، أو شغل أكثر الوقت به ، وإلا فالكلام العارض ، أو الذي لا ينشغل به عادة عن الذكر ، ونحو ذلك ، بحيث لا يكون عادته ، أو الغالب على جلوسه : يرجى ألا يكون به بأس ، وألا تفوته فضيلة الوقت ؛ لما روى مسلم (670) عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، قَالَ: قُلْتُ لِجَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ: أَكُنْتَ تُجَالِسُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ كَثِيرًا، (كَانَ لَا يَقُومُ مِنْ مُصَلَّاهُ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ الصُّبْحَ، أَوِ الْغَدَاةَ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ قَامَ، وَكَانُوا يَتَحَدَّثُونَ فَيَأْخُذُونَ فِي أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَيَضْحَكُونَ وَيَتَبَسَّمُ) .

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله :

” ورخص أصحاب الشافعي في التحدث بأمور الدنيا المباحة في المساجد، وأن حصل معه ضحك ، واستدلوا بما خرجه مسلم من حديث جابر بن سمرة ..” انتهى من “فتح الباري” (3/345) .

وقال أيضا :

” وليس فِي هَذَا الحَدِيْث، ولا فِي غيره من أحاديث الباب الاشتراط للجالس فِي مصلاه أن يكون مشتغلاً بالذكر، ولكنه أفضل وأكمل..” ، ثم قال :

” وفي تمام حَدِيْث جابر بْن سمرة الَّذِي خرجه مُسْلِم وكانوا يتحدثون فيأخذون فِي أمر الجَاهِلِيَّة، فيضحكون ويتبسم. وهذا يدل عَلَى أَنَّهُ لَمْ ينكر عَلَى من تحدث وضحك فِي ذَلِكَ الوقت ” انتهى من “فتح الباري” (6/42-43) .

وقال القاري رحمه الله :

” قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ اسْتِمَاعِ كَلَامٍ مُبَاحٍ يَعْنِي فِي الْمَسْجِدِ، وَلَكِنْ قَدْ يُقَالُ: كَلَامُهُمْ لَمْ يَكُنْ خَالِيًا عَنِ الْفَوَائِدِ الدِّينِيَّةِ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْمُبَاحِ الْمُجَرَّدِ ” انتهى من “مرقاة المفاتيح” (2/ 756).

راجع للفائدة إجابة السؤال رقم : (170086)

والله أعلم .

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android