0 / 0
9,45011/11/2014

زوجت ابنتها من مشرك وهي جاهلة بحاله فأنجبت منه ثلاثة أولاد وتسأل عن الحكم !!

السؤال: 212898

زوَّجت ابنتي لمشرك دون علم ، وقد أنجبت ثلاثة أولاد منه ، فما العمل الآن؟ إن ابنتي موحدة ، وعلى غير طريق زوجها تماماً ، فهل الطلاق خيار جيد أم ماذا ؟ وهل يُلقى على عاتقي شيء من المسؤولية أو الذنب ، حتى وإن كنت غير عالمة بحقيقة الرجل ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

لم تبيني لنا أيتها السائلة هذا الذي يفعله هذا الرجل حتى استحق منك الحكم عليه بالشرك ، ولكن على أية حال إن ثبت فعلا كونه مشركا بالله فلا يجوز لمسلمة أن تتزوجه ؛ لأن الله سبحانه أمر المسلمين ألا يزوجوا بناتهم لأهل الشرك ، وبيَّن سبحانه العلة من هذا التحريم وهي أن زواج المسلمة من المشرك يفتح عليها باب الفتنة في الدين والردة عن الإسلام ، فقال سبحانه .
( وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ )البقرة/ 221 .
قال البغوي رحمه الله تعالى في تفسيره : “وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا ، هَذَا إِجْمَاعٌ : لَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمَةِ أَنْ تَنْكِحَ الْمُشْرِكَ ، ( وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ ) يعني : المشركين ( يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ) أَيْ : إِلَى الْأَعْمَالِ الْمُوجِبَةِ لِلنَّارِ ” .
انتهى من ” تفسير البغوي “(1 / 256) .
وقال القرطبي رحمه الله تعالى في تفسيره (3 / 72):” قَوْلُهُ تَعَالَى : ( وَلا تَنْكِحُوا المشركين ) أَيْ لَا تُزَوِّجُوا الْمُسْلِمَةَ مِنَ الْمُشْرِكِ ، وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ الْمُشْرِكَ لَا يَطَأُ الْمُؤْمِنَةَ بِوَجْهٍ ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْغَضَاضَةِ عَلَى الْإِسْلَامِ ” انتهى.
وقال سبحانه وتعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ) الممتحنة/ 10.
قال ابن كثير – رحمه الله تعالى – في تفسيره (8 / 93): ” وَقَوْلُهُ تعالى : ( لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ) : هَذِهِ الْآيَةُ هِيَ الَّتِي حَرّمَت الْمُسْلِمَاتِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ، وَقَدْ كَانَ جَائِزًا فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْمُشْرِكُ الْمُؤْمِنَةَ ” انتهى .
وقال الشوكاني في ” فتح القدير” (5 / 256):”وَجُمْلَةُ ( لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ) تَعْلِيلٌ لِلنَّهْيِ عَنْ إِرْجَاعِهِنَّ ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُؤْمِنَةَ لَا تَحِلُّ لِكَافِرٍ ، وَأَنَّ إِسْلَامَ الْمَرْأَةِ يُوجِبُ فُرْقَتَهَا مِنْ زَوْجِهَا ” انتهى .
وقد كان من الواجب عليكم أن تحتاطوا لابنتكم ، وأن تختاروا لها من بين من يتقدمون لها صاحب الدين والخلق ، وتسألوا عن أحواله وتستقصوا عن شؤونه وأخباره ، ولكنكم تهاونتم في ذلك وفرطتم حتى حدث ما حدث ، وتزوجت بهذا المشرك ، حسب قولكم ، وقد وقع هذا الزواج لا شك من حين حصوله باطلا بإجماع المسلمين فالواجب على ابنتك أن تفارق هذا الرجل فورا دون طلاق ؛ لأن الطلاق فرع عن وقوع النكاح صحيحا ، وهذا قد وقع باطلا من أصله .
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله – : ” تزوج رجل بامرأة مسلمة ، ثم ظهر أن الرجل كافر ، فما الحكم ؟
فأجاب : إذا ثبت أن الرجل المذكور حين عقد النكاح كان كافراً ، والمرأة مسلمة : فإن العقد يكون باطلاً ؛ لأنه لا يجوز بإجماع المسلمين نكاح الكافر للمسلمة ؛ لقول الله سبحانه – ( وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا ) وقوله – عز وجل – ( فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ) الآية ” انتهى من ” فتاوى إسلامية ” ( 3 / 230 ) .
وجاء في قرار ” المجمع الفقهي الإسلامي ” : ” إن تزويج الكافر بالمسلمة : حرام لا يجوز ، باتفاق أهل العلم ، ولا شك في ذلك ؛ لما تقتضيه نصوص الشريعة … ” .
انتهى من ” فتاوى إسلامية ” ( 3 / 231 ) .
والواجب عليكم أن تتوبوا إلى الله سبحانه وتستغفروه من هذا التفريط ، وتستدركوا ذلك مع ابنتكم.

وهذا كله ، فيما إذا كان مرادكم بهذا الرجل المشرك : أنه تبين لكم كونه على ملة أخرى سوى دين الإسلام ، مثل طوائف البابية ، والبهائية ، والقاديانية ، والبهرة ، ونحو ذلك من الطوائف الخارجة عن ملة الإسلام .
وأما إذا كان مرادكم أنه مسلم ، من حيث أصل ملته ، لكنه يعمل عملا من أعمال المشركين ، التي تخفى على أمثاله من المسلمين ، خاصة في البلاد التي يضعف فيها العلم النبوي ، ويقل فيها ظهور الحجة الرسالية ؛ فمثل هذا يعرف بما جاء به الرسول في مثل ذلك الأمر ، ويبين له دين الله ، وتقام عليه الحجة النبوية ؛ فإن تاب مما هو عليه ، وتركه : فلا حرج في بقاء ابنتكم عنده .
وإن أصر على ما هو عليه : كان الحكم على ما مضى ، من التفريق بينهما .

واعلمي أيتها السائلة أن النكاح في الإسلام لا بد فيه من الولي ، فلا يجوز للمرأة أن تزوج نفسها ولا أن تزوجها امرأة مثلها ، وقد سبق بيان هذا بالتفصيل في الفتوى رقم : (104852).
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android