0 / 0
24,30303/08/2014

ترغب في أن يكون مهرها : أن تشترط على زوجها أن يحافظ على الصلاة

السؤال: 213663

ماذا يمكن للفتاة أن تطلب من زوج المستقبل أن يعطيها كمهر ، فالعادة في باكستان أن أغلب الأسر تطلب مقداراً من الذهب ، أمّا أنا فلا أبالي بالذهب ، إن أحضروا شيئاً فلا بأس وإلا فليس الأمر بتلك الدرجة من الأهمية ، والذي يهمني حقيقة هو وضعية الرجل والتزامه بالصلاة . فبرغم أنه متدين بعض الشيء إلا أنه يتساهل في الصلوات بسبب العمل ، لذلك أريد أن اشترط عليه كمهر أن يحافظ على الصلوات الخمس ، بالطبع لا أريده أن يفعل ذلك من أجلي والعياذا بالله وإنما أريد بهذا أن أدفعه وأحفزه للحفاظ على الصلاة ، ولا أظن أنني أول من يفعل هذه الطريقة ، فقد قرأت قصصاً لنساء طلبن من خُطّابهن حفظ سور معينة من القرآن يُقدم كمهر لهن .
فهل يجوز لي أن أطلب منه أن يقطع لي وعداً بالحفاظ على الصلوات الخمس وأن يكون ذلك بمثابة المهر ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
شيء جميل أن يكون الدين هو محور اهتمام الفتاة ، وأن يكون هذا مقدما عندها على الأموال . وقد ذكرت عن خطيبك أنه مع تدينه فهو متساهل في الصلوات ، فنسأل الله تعالى أن يجعلك سببا في هدايته ، وأن يجمع بينكما في خير .

ثانيا :
الزواج لا بدّ فيه من المهر ( الصَدَاق ) ، ولا بد أن يكون المهر مالا ، أو شيئا له قيمة مالية يقدمه الزوج لزوجته .
وقد جاء التصريح بماليته في قوله تعالى بعد أن ذكر المحرمات من النساء : ( وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ ) النساء/24 .
قال القرطبي رحمه الله : ” ( بِأَمْوَالِكُم ) أباح اللّه تعالى الفروج بالأموال ولم يفصل ، فوجب إذا حصل بغير المال ألّا تقع الإباحة به ؛ لأنّها على غير الشّرط المأذون فيه ” انتهى من ” تفسير القرطبي ” (6/211) .

وقال ابن العربي رحمه الله في ” أحكام القرآن ” (1/497) :
” لمّا أمر الله تعالى بالنكاح بالأموال لم يجز أن يبذل فيه ما ليس بمال ” انتهى .

وقال ابن عبد البر رحمه الله : ” وأجمع علماء المسلمين أنه لا يجوز وطء في نكاح بغير صداق مسمّى دينا ، أو نقدا ” انتهى من ” الاستذكار ” (16/67) .

ويصح أن يكون الصداق أن يعلمها زوجها شيئا من القرآن أو غيره من العلوم ؛ لأن هذا التعليم والجهد والوقت يقوم بالمال ، ولما جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تهب نفسها له ، ولم يرغب فيها ، قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَنْكِحْنِيهَا‏ .‏ قَالَ : هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَىْءٍ ‏؟ قَالَ : لاَ‏ .‏ قَالَ :‏ اذْهَبْ فَاطْلُبْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ . فَذَهَبَ وَطَلَبَ ، ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ : مَا وَجَدْتُ شَيْئًا ، وَلاَ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ‏ .‏ فَقَالَ : هَلْ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ شَىْءٌ ‏؟ قَالَ : مَعِي سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا‏ .‏ قَالَ ‏: ‏ اذْهَبْ فَقَدْ أَنْكَحْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ ‏) رواه البخاري ( 5149 ) .‏

فقوله صلى الله عليه وسلم : ( فَقَدْ أَنْكَحْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ ) معناه : أن يعلمها ما معه من القرآن . كما جاء ذلك صريحا عند الإمام مسلم ( 1425 ) : ‏(‏ انْطَلِقْ فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا ، فَعَلِّمْهَا مِنَ الْقُرْآنِ ‏) ‏.
فيكون مهرها هو التعليم ؛ والتعليم منفعة يمكن تقويمها ماليا .‏
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
” إذا أصدقها تعليم قرآن فإنه يصح ؛ لأن التعليم ليس هو القرآن … فهذا رجل يريد أن يعلِّم ، والتعليم عمل وتفرغ للمعلِّم ، ففي الحقيقة أنني ما جعلت القرآن عوضا حتى يقال : إنه لا يصح أن يكون عوضا ، إنما جعلت التعليم الذي فيه معاناة وتلقين ووقت مهرا ” انتهى من ” الشرح الممتع ” (12/259) .

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
” المشروع أن يكون المهر مالاً ، كما قال الله جل وعلا : ( أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ ) ، والنبي صلى الله عليه وسلم لما جاءته المرأة التي وهبت نفسها فلم يقبلها ، وأراد أن يزوجها بعض أصحابه ، قال: ( التمس ولو خاتمًا من حديد ) المشروع أن يكون هناك مال ولو قليلاً فإذا كان الزوج عاجزًا ، ولم يجد مالاً جاز على الصحيح أن يزوج بشيء من الآيات يعلمها المرأة ، أو شيء من السور يعلمها المرأة . وتكون تلك الآيات أو تلك السور مهرًا لها ، ولا حرج في ذلك . ولهذا زوج النبي صلى الله عليه وسلم المرأة الواهبة ، زوّجها بعض أصحابه على أن يعلمها من القرآن كذا وكذا فهذا كله لا بأس به ، لكن إذا تيسر المال فالمال مقدم ولو قليلاً ، فالتّعليم بعد ذلك ، إذا أرادت أن يعلمها زوجها ، فليعلمها ما تيسّر . هذا من باب المعاشرة الطيبة . أن يعلمها ويرشدها ويتعاون معها على الخير ، هذا شيء آخر . والله يقول : ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) ، ويقول سبحانه : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) ، فإذا عاشرها معاشرة تتضمن تعليمها القرآن ، تعليمها السنة ، تعليمها أحكام الله ، فهذا خير كثير ، لكن لا يكتفي بهذا المهر إلا عند الحاجة ، والعجز عن المال ” انتهى من ” فتاوى نور على الدرب ” (20/485 – 486 – 487 ) .

ومحافظة الزوج على الصلاة ليست منفعة يقدمها الزوج لزوجته حتى تكون مهرا لها ، فمثل هذا لا يصح أن يكون مهرا .

ثالثا :
المستحب في المهر تيسيره وعدم المغالاة فيه اتباعا لهدي النبي صلى الله عليه وسلم .
وكلما كان الصداق يسيرا كان ذلك سببا لحصول البركة واليسر في أمر الزواج ، وانظري لمزيد الفائدة إلى جواب السؤال رقم : (10525) .

فالنصيحة لك أيتها السائلة أن تطلبي مهرا يسيرا ، حتى يبارك الله لك ، والأهم من ذلك أن تشترطي على زوجك أن يكون محافظا على الصلاة مستقيما في دينه .

نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير ، وأن يبارك لكما .
ولمزيد الفائدة راجعي الفتوى رقم : (151108) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android