تنزيل
0 / 0

يأجوج ومأجوج هل بلغتهم دعوة النبي صلى الله عليه وسلم ؟

السؤال: 213797

قال الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ) آل عمران/91 .
إذاً ماذا سوف يحدث ليأجوج ومأجوج ، حيث إنه مغلق عليهم بالسد من قَبْل الرسول ، ولم يسمعوا عن الإسلام ، لماذا سيكونون من الكافرين ؟ ، ولم يعطوا مهلة ليدرسوا الإسلام ، وكما أعلم أنهم يتناسلون ويتكاثرون ، وماذا عن ذرياتهم الذين لم يعلموا شيئاً عن الإسلام ؟
وأيضا ماذا عن نصارى ويهود الدول الأخرى ، فهناك أناس لا يعلمون ما هو الإسلام ، وكانوا يعتقدون أنه اسم أكلة من المأكولات ، أو نوع منتج من المنتجات ، ماذا عن هؤلاء إذا ماتوا ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً :
دلت النصوص من الكتاب والسنة على أن الله جل وعلا : لا يعذب أحداً من خلقه ، إلا
بعد قيام الحجة عليه ؛ وذلك من تمام حكمته وكمال عدله سبحانه وتعالى .

قال تعالى : ( وَمَا كُنَّا
مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ) الإسراء / 15 ، وقال تعالى : ( رُسُلًا
مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ
بَعْدَ الرُّسُلِ ) النساء / 165 .

قال الشيخ محمد الأمين
الشنقيطي رحمه الله ” قوله تعالى : ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ
رَسُولاً ) ، ظاهر هذه الآية الكريمة أن الله جلَّ وعلا : لا يعذب أحداً من خلقه لا
في الدنيا ولا في الآخرة ، حتى يبعث إليه رسولاً ، ينذره ويحذره ، فيعصى ذلك الرسول
، ويستمر على الكفر والمعصية بعد الإنذار والإعذار ، وقد أوضح جلَّ وعلا هذا المعنى
في آيات كثيرة ….. ” .
انتهى من ” أضواء البيان ” (3/65) .

وروى مسلم (218) عن أبي
هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( وَالَّذِي نَفْسُ
مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ : لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ
وَلَا نَصْرَانِيٌّ ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ ،
إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ) .

قال النووي رحمه الله : ”
وَفِي مَفْهُومِهِ دَلَالَةٌ : عَلَى أَنَّ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةُ
الْإِسْلَامِ ، فَهُوَ مَعْذُورٌ وَهَذَا جَارٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْأُصُولِ
: أَنَّهُ لَا حُكْمَ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ عَلَى الصَّحِيحِ ، وَاللَّهُ
أَعْلَمُ ” انتهى من ” شرح مسلم للنووي ” .

وقد قال شيخ الإسلام ابن
تيمية رحمه الله : ” وهنا أصل لا بد من بيانه : وهو أنه قد دلت النصوص على أن الله
لا يعذب ، إلا من أرسل إليه رسولا تقوم به الحجة عليه ….. – ثم ذكر الأدلة – ”
انتهى من ” الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح ” (2/291) .

ثانياً :
من مات من غير المسلمين ممن لم تبلغه دعوة الإسلام ، فهذا حكمه في الآخرة : أنه
يعامل معاملة أهل الفترة ، فيمتحن يوم القيامة ، فمن أطاع دخل الجنة ، ومن عصى دخل
النار .

جاء في ” فتاوى اللجنة
الدائمة – المجموعة الأولى ” (2/145 – 146) : ” المسلمون لا يحكمون على غيرهم بأنهم
في النار إلا بشرط وهو : أن يكونوا قد بلغهم القرآن ، أو بيان معناه من دعاة
الإسلام بلغة المدعوين ؛ لقول الله عز وجل : ( وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ
لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ ) ، وقوله سبحانه : ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ
حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ) ، فمن بلغتهم الدعوة الإسلامية من غير المسلمين ، وأصر
على كفره ، فهو من أهل النار ؛ لما تقدم من الآيتين ، ولقول النبي صلى لله عليه
وسلم : ( والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت
ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أهل النار ) خرجه مسلم في صحيحه ، والأدلة في
هذا المعنى من الآيات والأحاديث كثيرة .
أما الذين لم تبلغهم الدعوة على وجه تقوم به الحجة عليهم ، فأمرهم إلى الله عز وجل
، والأصح من أقوال أهل العلم في ذلك : أنهم يمتحنون يوم القيامة ، فمن أطاع الأوامر
: دخل الجنة ، ومن عصى : دخل النار ، وقد أوضح هذا المعنى الحافظ ابن كثير رحمه
الله في تفسيره ، لقول الله عز وجل : ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ
رَسُولًا ) ، والعلامة ابن القيم رحمه الله في كتابه [ طريق الهجرتين ] في آخره تحت
عنوان ( طبقات المكلفين ) ، فنرى لك مراجعة الكتابين لمزيد الفائدة ” انتهى .

وللفائدة ينظر في جواب
السؤال رقم : (98714) .

ثالثاً :
دلت النصوص الصحيحة الصريحة : على أن يأجوج ومأجوج من الكفار في الدنيا ، وأنهم
كذلك من أصحاب النار في الآخرة ، ومن ذلك ما رواه البخاري (3099) ، ومسلم (327) عن
أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يَقُولُ اللَّهُ
تَعَالَى : يَا آدَمُ ، فَيَقُولُ : لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ فِي
يَدَيْكَ ، فَيَقُولُ : أَخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ ، قَالَ وَمَا بَعْثُ النَّارِ ؟
قَالَ : مِنْ كُلِّ أَلْفٍ ، تِسْعَ مِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ … قالوا : يا
رسول الله وَأَيُّنَا ذلك الواحد ؟ ، قال : ( أَبْشِرُوا فَإِنَّ مِنْكُمْ رَجُلًا
، وَمِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَلْفًا …. الحديث ) .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه
الله : ” وهذا صريح أن يأجوج ومأجوج من بني آدم ، وأنهم يدخلون النار ” انتهى من ”
لقاء الباب المفتوح ” .

ومما يدل على كفرهم وطغيانهم
: إفسادهم في الأرض ، ومحاصرتهم لنبي الله عيسى عليه السلام ومن معه من المؤمنين ،
واعتقادهم : بغلبة وقهر من في السماء ، فقد روى مسلم (5228) من حديث النواس بن
سمعان رضي الله عنه – الطويل ، وفيه – : ( … إِذْ أَوْحَى اللَّهُ إِلَى عِيسَى :
إِنِّي قَدْ أَخْرَجْتُ عِبَادًا لِي لَا يَدَانِ لِأَحَدٍ بِقِتَالِهِمْ ،
فَحَرِّزْ عِبَادِي إِلَى الطُّورِ ، وَيَبْعَثُ اللَّهُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ ،
وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ ، فَيَمُرُّ أَوَائِلُهُمْ عَلَى بُحَيْرَةِ
طَبَرِيَّةَ ، فَيَشْرَبُونَ مَا فِيهَا وَيَمُرُّ آخِرُهُمْ ، فَيَقُولُونَ :
لَقَدْ كَانَ بِهَذِهِ مَرَّةً مَاءٌ ، وَيُحْصَرُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى
وَأَصْحَابُهُ ، حَتَّى يَكُونَ رَأْسُ الثَّوْرِ لِأَحَدِهِمْ خَيْرًا مِنْ
مِائَةِ دِينَارٍ لِأَحَدِكُمْ الْيَوْمَ ، فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى
وَأَصْحَابُهُ ، فَيُرْسِلُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ النَّغَفَ فِي رِقَابِهِمْ …..
الحديث ) .

وروى الترمذي (3078) من حديث
أبي هريرة رضي الله عنه ، وفيه : ( …. فَيَرْمُونَ بِسِهَامِهِمْ فِي السَّمَاءِ
، فَتَرْجِعُ مُخَضَّبَةً بِالدِّمَاءِ ، فَيَقُولُونَ : قَهَرْنَا مَنْ فِي
الْأَرْضِ ، وَعَلَوْنَا مَنْ فِي السَّمَاءِ قَسْوَةً وَعُلُوًّا ) .

فدل ذلك على أنه قد بلغتهم
الرسالة : أن الله في السماء ، وأنهم كفروا بربهم ، وعتوا عليه ، حتى راموا محاربته
كفاحا !!

وكل ذلك : مما يدل على أنه
بلغتهم رسالة من الله ، إما رسالة النبي صلى الله عليه وسلم ، على وجه لا نعلمه ،
وإما رسالة غيره من الأنبياء الذين خلوا في الأمم من قبلنا ، لكنهم كفروا برسالة
ربهم إليهم ، وعتوا عليه .

على أن البحث في مثل تلك
التفاصيل : لا ينبني عليه عمل ، ولا ينفع الانشغال به في كبير شيء ، ما دام قد تأصل
عند المسلم أن الله تعالى لا يعذب أحدا إلا بعد البلاغ المبين ، وقيام الحجة
الرسالية ، وأن يأجوج ومأجوج موجودون حقيقة ، وأنهم خارجون في آخر الزمان ، وأنهم
كفار بربهم ، وأنهم سيحاربون المؤمنين ، ومثل هذه الجملة كافية في حقهم جدا .

وينظر للفائدة : جواب السؤال
رقم : (158190) ، ورقم : (161083)
، ورقم : (3437) .

والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android