اللطيف من أسماء الله الحسنى ، أريد أن أعلم ماذا يعني بتعابير مبسطة .
معاني اسم الله ” اللطيف”
السؤال: 214374
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
من أسماء الله الحسنى الثابتة في القرآن والسنة : " اللطيف " ، قال تعالى : ( أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللطِيفُ الْخَبِيرُ ) الملك/14 ، وقال عز وجل: ( وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللهَ كَانَ لَطِيفا خَبِيرا ) الأحزاب/34.
ولهذا الاسم معنيان عظيمان :
الأول : أن الله يعلم دقائق الأمور وخفاياها ، وما في الضمائر والصدور .
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي شارحاً معنى هذا الاسم : " الذي لَطُفَ علمه حتى أدرك الخفايا ، والخبايا ، وما احتوت عليه الصدور، وما في الأراضي من خفايا البذور " .
انتهى من "تفسير أسماء الله الحسنى " للسعدي (ص: 225) .
المعنى الثاني : أن الله تعالى يحسن إلى عباده من حيث لا يحتسبون .
قال الزجاج : " وَهُوَ فِي وصف الله يُفِيد أَنه المحسن إِلَى عباده فِي خَفَاء وَستر من حَيْثُ لَا يعلمُونَ ، ويسبب لَهُم أَسبَاب معيشتهم من حَيْثُ لَا يحتسبون " .
انتهى " تفسير أسماء الله الحسنى " للزجاج (ص: 44) .
فإذا يسر الله لعبده طريق الخير وأعانه عليه : فقد لطف به .
وإذا دفع عنه السوء والمكروه : فقد لطف به .
وإذا هداه من ظلمات الجهل والكفر والبدع والمعاصي ، إلى نور العلم والإيمان والطاعة : فقد لطف به .
وإذا قيض الله له أسباباً خارجية غير داخلة تحت قدرة العبد : فقد لطف به .
فمن لطفه : أن يسوق عبده إلى الخير ، ويعصمه من الشر ، بطرق خفية لا يشعر العبد بها ، ويسوق إليه من الرزق ما لا يدريه ، ويريه من الأسباب التي تكرهها النفوس ما يكون ذلك طريقا له إلى أعلى الدرجات ، وأرفع المنازل .
" ولهذا لما تنقلت بيوسف عليه السلام تلك الأحوال ، وتطورت به الأطوار من رؤياه ، وحسد إخوته له ، وسعيهم في إبعاده جدا ، واختصامهم بأبيهم ثم محنته بالنسوة ثم بالسجن .
ثم بالخروج منه بسبب رؤيا الملك العظيمة ، وانفراده بتعبيرها ، وتبوئه من الأرض حيث يشاء ، وحصول ما حصل على أبيه من الابتلاء والامتحان .
ثم حصل بعد ذلك الاجتماع السار وإزالة الأكدار وصلاح حالة الجميع والاجتباء العظيم ليوسف : عرف عليه السلام أن هذه الأشياء وغيرها لطف لطف الله لهم به ، فاعترف بهذه النعمة فقال: (إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) أي لطفه تعالى خاص لمن يشاء من عباده ممن يعلمه تعالى محلا لذلك وأهلاً له ، فلا يضعه إلا في محله ، فالله أعلم حيث يضع فضله .
فإذا رأيت الله تعالى قد يسر العبد لليسرى ، وسهل له طريق الخير ، وذلل له صعابه ، وفتح له أبوابه ، ونهج له طرقه ، ومهد له أسبابه ، وجنبه العسرى : فقد لطف به " .
انتهى من تفسير أسماء الله الحسنى" للسعدي (ص: 227) .
ومن لطفه بعباده : أنه يقدر أرزاقهم بحسب علمه بمصلحتهم ، لا بحسب مراداتهم ، فقد يريدون شيئاً وغيره أصلح لهم ، فيقدر لهم الأصلح وإن كرهوه لطفاً بهم ، وبراً إحساناً ( اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ).
ومن لطفه بهم : أنه يقدر عليهم أنواع المصائب ، وضروب المحن والابتلاء رحمةً بهم ولطفاً ، وسوقا إلى كمالهم ، وكمال نعيمهم ( وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) .
ومن لطف الله تعالى بعبده : أنه ربما طمحت نفسه لسبب من الأسباب الدنيوية التي يظن فيها إدراك بغيته ، ويعلم الله تعالى أنها تضره وتصده عما ينفعه ، فيحول بينه وبينها ، فيظل العبد كارهاً ولم يدر أن ربه قد لطف به حيث أبقى له الأمر النافع وصرف عنه الأمر الضار .
قال ابن القيم : " واسمه اللطيف يتضمن : علمه بالأشياء الدقيقة ، وإيصاله الرحمة بالطرق الخفية " انتهى من " شفاء العليل " (ص: 34) .
وقال في " الكافية الشافية " (ص: 179) :
وهو اللطيف بعبده ولعبده … واللُطف في أوصافه نوعان
إدراك أسرار الأمور بخبرةٍ … واللطف عند مواقع الإحسان
فيريك عزَّته ويُبدي لطفه … والعبد في الغفلات عن ذا الشَّان
وقد أفاض الشيخ عبد الرحمن السعدي في بيان صور وحالات من لطف الله بعباده في رسالته " تفسير أسماء الله الحسنى " (ص: 225) .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب