0 / 0

ما معنى : ( فحدقني القوم بأبصارهم .. الحديث ) ، وهل يدل على جواز الالتفات في الصلاة ؟

السؤال: 216049

عن معاوية بن الحكم السلمي ، قال : ” بينما أنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة إذ عطس رجل ، فقلت : يرحمك الله ، فحدقني القوم بأبصارهم ، فقلت : واثكل أماه ما لكم تنظرون إلي ، قال : فضرب القوم بأيديهم على أفخاذهم ، فلما رأيتهم يسكتوني سكت فلما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم من صلاته دعاني …. ” إلى آخر الحديث .
السؤال : أشكلت عليّ عبارة : ” واثكل أماه ما شأنكم تنظرون إلي ” ، كيف كانوا ينظرون إليه ، وهم لا يلتفتون في الصلاة ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
الحديث المذكور : رواه مسلم (537) وغيره ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ قَالَ : ” بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ ، فَقُلْتُ : يَرْحَمُكَ اللَّهُ . فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ ، فَقُلْتُ : وَاثُكْلَ أُمِّيَاهْ ؛ مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ ؟! فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي ، لَكِنِّي سَكَتُّ ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي ؛ مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ ؛ فَوَاللَّهِ : مَا كَهَرَنِي ، وَلَا ضَرَبَنِي ، وَلَا شَتَمَنِي ، قَالَ : ( إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ ، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ ) ، أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ..” الحديث .

قال النووي رحمه الله :
” قَوْلُهُ : ( وَاثُكْلَ أُمِّيَاهُ ) الثُّكْلُ بِضَمِّ الثَّاءِ وَإِسْكَانِ الْكَافِ وَبِفَتْحِهِمَا جَمِيعًا لُغَتَانِ ، كَالْبُخْلِ وَالْبَخَلِ ، حَكَاهُمَا الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ ، وَهُوَ فِقْدَانُ الْمَرْأَةِ وَلَدَهَا ، وَامْرَأَةٌ ثَكْلَى وَثَاكِلٌ ، وَثَكِلَتْهُ أُمُّهُ بِكَسْرِ الْكَافِ ، وَأَثْكَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى أُمَّهُ ، وَقَوْلُهُ : ( أُمِّيَاهُ ) هُوَ بِكَسْرِ الْمِيمِ .
قَوْلُهُ : ( فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ ) يَعْنِي فَعَلُوا هَذَا لِيُسْكِتُوهُ ، وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ أَنْ يُشْرَعَ التَّسْبِيحُ لِمَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْفِعْلِ الْقَلِيلِ فِي الصَّلَاةِ ، وَأَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ إِذَا كَانَ لِحَاجَةٍ .
قَوْلُهُ : ( فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ ) فِيهِ : بَيَانُ مَا كَانَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – مِنْ عَظِيمِ الْخُلُقِ الَّذِي شَهِدَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ بِهِ ، وَرِفْقِهِ بِالْجَاهِلِ ، وَرَأْفَتِهِ بِأُمَّتِهِ ، وَشَفَقَتِهِ عَلَيْهِمْ ، وَفِيهِ التَّخَلُّقُ بِخُلُقِهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فِي الرِّفْقِ بِالْجَاهِلِ ، وَحُسْنِ تَعْلِيمِهِ وَاللُّطْفِ بِهِ ، وَتَقْرِيبِ الصَّوَابِ إِلَى فَهْمِهِ .
قَوْلُهُ : ( فَوَاللَّهِ مَا كَهَرَنِي ) أَيْ مَا انْتَهَرَنِي ” انتهى من “شرح مسلم” للنووي (5/20) .
ثانيا :
سبق في جواب السؤال رقم : (160647) كراهة الالتفات بالرأس أو بالعين في الصلاة ، وأن الكراهة تزول إذا وجدت حاجة للالتفات .
وأما ما جاء في الحديث المذكور من أن الصحابة نظروا بأبصارهم في الصلاة لمعاوية بن الحكم رضي الله عن الجميع ، فيحتمل أن يكون المعنى : أنهم لمحوه بأعينهم في الصلاة من غير التفات ، واللمح بالعين في الصلاة جائز في مذهب طائفة من أهل العلم رحمهم الله .

فقد جاء في ” الموسوعة الفقهية ” (27/111) : ” وقد صرح الشافعية : بجواز اللمح بالعين دون الالتفات ، فإنه لا بأس به ؛ لحديث علي بن شيبان رضي الله عنه ، قال : ( خرجنا حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعناه وصلينا خلفه ، فلمح بمؤخر عينه رجلا لا يقيم صلاته – يعني صلبه – في الركوع والسجود , فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم قال : يا معشر المسلمين لا صلاة لمن لا يقيم صلبه في الركوع والسجود ) ” انتهى .

ويحتمل أن يكون المراد : أنهم التفتوا بأعينهم حقيقة ، لكنه التفات لحاجة ، وهو الإنكار على من تكلم في الصلاة ؛ فتزول بذلك كراهة الالتفات .

قال محمد علي البكري الشافعي رحمه الله : ” وليس رميهم له بأبصارهم من الالتفات المنهي عنه ؛ لأنه يحتمل أن يكون بمجرد لمح أعينهم ، وبفرض كونه التفاتاً حقيقة ، فهو لحاجة لا يكره ” انتهى من ” دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين ” (5/171) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android