تنزيل
0 / 0

يعاني الكثير من المشاكل ، ويشعر بالحسد تجاه الآخرين .

السؤال: 216830

أعاني من الكثير من المشاكل الشخصية ، مثل انعدام الثقة بالنفس ، والشعور الدائم بالذنب ، بسبب قرارات اتخذتها في السابق ، ولا أستطيع تغييرها .
كما أشعر بالحسد والمرارة عند رؤية أي مسلم سعيد في حياته ، وخصوصاً الأزواج ، فذلك يجعلني ألوم نفسي لعدم تمكني من الحصول على ما حصلوا عليه .
وقد أخبرني أحد أعمامي أنّ هذه المشاكل سببها الجن ، وأنه ينبغي علي اللجوء للرقية ، ولكنني أخشى إن ألقيت اللوم على الجن أن يكون ذلك تهرباً من الاعتراف بالمشاكل النفسية التي أعاني منها بشكل واضح .
فماذا أفعل ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً :
يسرنا أن نجد في المسلمين مثل هذا الوعي الجيد تجاه مشاكلهم النفسية أو الفكرية ،
فقد أحسنت في عدم تعليقك هذه المشاكل على الجن ، فإن كثيرا من الناس يبالغون في ذلك
، فكلما أصيب أحدهم بشيء قال : إنه بسبب الجن ، رغم أن الله سبحانه وتعالى جعل
لعالمهم حدوده التي لا يمكن تجاوزها إلا أن يشاء الله ، وجعل على العباد حفظة من
الملائكة يحمونه من الشر ، فقال عز وجل : ( لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ
وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ) الرعد/11.
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله :
” أي : للعبد ملائكة يتعاقبون عليه ، حَرَس بالليل ، وحَرَس بالنهار ، يحفظونه من
الأسواء والحادثات ، كما يتعاقب ملائكة آخرون لحفظ الأعمال من خير أو شر ، ملائكة
بالليل وملائكة بالنهار ، فاثنان عن اليمين وعن الشمال يكتبان الأعمال ، وملكان
آخران يحفظانه ويحرسانه ، واحدا من ورائه ، وآخر من قدامه ، فهو بين أربعة أملاك
بالنهار ، وأربعة آخرين بالليل ، حافظان وكاتبان ” انتهى من ” تفسير القرآن العظيم
” (4/ 437) .
وقال صلى الله عليه وسلم لابن عمه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : ( احْفَظِ
اللَّهَ يَحْفَظْكَ) رواه الترمذي (2516) ، وصححه الألباني في ” مشكاة المصاببيح ”
(5302) .
فلا يجوز لأحد أن يحمل الجن مسئولية كل ما يصيبه حتى يخرج هو بريئا من الخطايا
والتقصير ، مع أن الله تعالى أخبرنا أن كل ما يصيب الإنسان إنما هو بسبب ذنوبه
ومعصيته لله ، فالخير والشر كله مقدر لله تعالى ، ولكن الله قدره وقدَّر معه أسبابه
، من الطاعة أو المعصية ، قال الله تعالى : ( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ
فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ) الشورى/30.
وقال سبحانه : ( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ
أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ )
الروم/40 ، هذا في جانب الشر .
أما في جانب الخير والسعادة فقال الله تعالى : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ
أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً
وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) النحل/97 .
وقال تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ
مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ
إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا )
الطلاق/2-3 .
فمن أراد الحياة الطيبة الهانئة السعيدة وأراد تيسير أموره والمخرج من كل أزمة
ومشكلة تقابله فعليه بالإيمان والعمل الصالح والتقوى .
فبدون ذلك فلا يطلب سعادة ولا راحة بال .
ومن انهمك في معصية الله ومخالفة أمره فقد اختار الشقاء لنفسه ، فإن أصابه بعد ذلك
شيء فلا يلومن إلا نفسه .
فليس من الحكمة أن يقصر الإنسان في اتخاذ أسباب السعادة ، ثم يستغرق وقته في ندب
حاله والتعاسة التي يعيشها .
فعليك أن تصلح ما بينك وبين الله تعالى أولا ، ثم بعد ذلك فسيصلح الله لك كل أحوالك
.
وقد سبق في موقعنا العديد من الأفكار والمقترحات التي تعين على بناء الثقة ، وتجاوز
الأزمات المستعصية : (83962) ، (113465)
، (194318) ، (212179)
.
كما سبق ذكر مجموعة من الإرشادات في الشفاء من داء الحسد في القلب ، ينظر جواب
الفتوى رقم : (12205) .
نسأل الله تعالى أن يصلح أحوالك وأن يوفقك لما يحب ويرضى .
والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android